نقد وتعليق الداراني على مسند
الدارمي تصنيف عبدالله بن فهد الخليفي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد
فقد اطلعت على كتاب مسند الدارمي بتحقيق الأستاذ حسين سليم أسد الداراني
فبدا لي عدد من الملاحظات على مجهود الداراني
وارتأيت أن أنشرها ذباً عن السنة ونصحاً للأستاذ الداراني وقرائه
خصوصاً وأن نسخته قد لقيت قبولاً بين الناس لأنها النسخة الوحيدة من مسند
الدارمي التي فيها الحكم على الأحاديث صحةً وضعفاً
الإنتقاد الأول
قال الدارمي (3) - أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمُؤَدِّبِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ
حَدَّثَنِى مَوْلاَىَ :" أَنَّ أَهْلَهُ بَعَثُوا مَعَهُ بِقَدَحٍ فِيهِ
زُبْدٌ وَلَبَنٌ إِلَى آلِهَتِهِمْ - قَالَ - فَمَنَعَنِى أَنْ آكُلَ الزُّبْدَ لِمَخَافَتِهَا
- قَالَ - فَجَاءَ كَلْبٌ فَأَكَلَ الزُّبْدَ وَشَرِبَ اللَّبَنَ ثُمَّ بَالَ
عَلَى الصَّنَمِ وَهُوَ إِسَافٌ وَنَائِلَةُ . قَالَ هَارُونُ كَانَ الرَّجُلُ فِى
الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا سَافَرَ حَمَلَ مَعَهُ أَرْبَعَةَ أَحْجَارٍ ثَلاَثَةٌ
لِقِدْرِهِ وَالرَّابِعُ يَعْبُدُهُ وَيُرَبِّى كَلْبَهُ وَيَقْتُلُ وَلَدَهُ
"
قال الداراني : " إسناده حسن
"
قلت : وفيه كلام الداراني نظر فإن في رواية الأعمش عن مجاهد كلاماً كثيراً
قال أبو حاتم الرازي كما في العلل 2119:" الأعمش قليل السماع من مجاهد
وعامة ما يروي عن مجاهد مدلس "
وفي علل الدارقطني (ق49 /2) : " وقيل إن الأعمش لم يسمع من مجاهد
"
استفدت هذا النص من كتاب نثل النبال
وقال يعقوب بن شيبة في مسنده: "ليس يصح للأعمش عن مجاهد إلا أحاديث
يسيرة، خمسة أو نحوها، قلت لعلي بن المديني: كم سمع الأعمش من مجاهد؟ قال: لا يثبت
منها إلا ما قال: "سمعت"، هي نحو من عشرة، وإنما أحاديث مجاهد عنده عن
أبي يحيى القتات، وحكيم بن جبير، وهؤلاء"
نقل ذلك الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب (2/111) .
ومما يؤكد أن الأعمش مع كونه سمع من مجاهد إلا أنه يدلس عنه ما لم يسمعه
منه: ما رواه البخاري في تاريخه الكبير (1/74) قال:
"وقال لي يحيى بن معين: قال أبو معاوية: أنا حدثت الأعمش، عن هشام، عن سعيد
العلاف، عن مجاهد: في إطعام المسلم السغبان، فدلَّسه عني"
وقال يحيى بن سعيد : "كتبت عن الأعمش أحاديث عن مجاهد كلها ملزقة لم
يسمعها "
رواه ابن أبي حاتم في مقدمة الجرح والتعديل (1/241)
وقال ابن معين في تاريخ الدوري (2/234) :" إنما سمع الأعمش من مجاهد
أربعة أحاديث أو خمسة "
وقريبٌ منه قول وكيع كما في الجرح والتعديل (1/244)
قال عبدالله بن أحمد لأبيه :" أحاديث الأعمش عن مجاهد عمن هي فقال
أحمد : قال أبو بكر بن عياش قال رجلٌ للأعمش : ممن سمعته في شيء رواه عن مجاهد
فقال الأعمش : مر كزار مر ( بالفارسية ) يعني حدثنييه ليث عن مجاهد"
هذا في العلل (364)
أحاديث الأعمش عن مجاهد في الصحيحين
والسؤال هنا هل احتج أصحاب الصحيحين بحديثٍ انفرد به الأعمش عن مجاهد
بالعنعنة ؟
الجواب : لا
وإليك تفصيل ذلك
أحاديث الأعمش عن مجاهد في الصحيحين كالتالي
1_ حديث (( لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا ))
رواه البخاري من حديث شعبة عنه
ورواية شعبة عن الأعمش حكمها الاتصال لأنه لم يكن يروي عن شيوخه الأحاديث
المدلسة
2_حديث (( من الشجر شجرة بركتها
كالمسلم )) رواه البخاري وقد صرح الأعمش بالتحديث عنده في كتاب الأطعمة وتابعه
جماعة عند البخاري ومسلم
3_ (( الرحم معلقة بالعرش _____)) رواه البخاري وقد توبع الأعمش عليه من قبل فطر
والحسن بن عمرو في نفس الرواية
4_ (( كن في الدنيا كأنك غريب )) الحديث رواه البخاري بتصريح الأعمش بالتحديث
قال ابن حبان في روضة العقلاء (ص148و149)
(( قد مكثت مدة أظن أن الأعمش دلسه عن مجاهد حتى رأيت علي بن المديني رواه عن
الطفاوي فصرح بالتحديث ))
قلت وأما العقيلي فاعتبر رواية التصريح بالتحديث معلولة
نقل ذلك الحافظ في النكت الظراف ولا يحضرني مصدر توثيقه
5_ (( ائذنوا للنساء إلى المساجد بالليل ))
رواه مسلم وقد توبع الأعمش عنده من قبل عمرو بن دينار ومجاهد من قبل بلال
بن عبدالله
6_ (( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير )) رواه البخاري وقد صرح الأعمش بالتحديث
عنده (6052)
7_ حديث انشقاق القمر رواه مسلم من حديث شعبة عنه
وبهذا يعلم أن ما رواه الأعمش عن مجاهد بالعنعنة لا يقبل
وإتماماً للفائدة أورد هنا الأحاديث التي ثبت فيها تصريح الأعمش بالتحديث
من مجاهد أو كانت من رواية شعبة عنه
الحديث الأول حديث (( لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا ))
رواه البخاري من حديث شعبة عنه
الحديث الثاني حديث (( من الشجر شجرة بركتها كالمسلم )) رواه البخاري وقد
صرح الأعمش بالتحديث عنده في كتاب الأطعمة
الحديث الثالث (( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير )) رواه البخاري وقد
صرح الأعمش بالتحديث عنده (6052)
الحديث الرابع حديث انشقاق القمر رواه مسلم من حديث شعبة عنه
الحديث الخامس (( لو أن قطرةً من الزقوم ____)) رواه الطيالسي (2643) وابن
ماجة (4325) من حديث شعبة عنه
الحديث السادس (( أنذرتكم الدجال __________)) رواه أحمد (23685) وهو من
حديث شعبة عنه
الحديث السابع حديث (( كم في الدنيا كأنك غريب )) رواه البخاري وعند صرح
الأعمش بالتحديث
الحديث الثامن رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ ( 3/147) حدثني عمر
بن حفص قال حدثني أبي قال ثنا الأعمش قال حدثني مجاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم
أتي بجمل قد اشتراه _________))
الحديث التاسع رواه يعقوب بن سفيان أيضاً في المعرفة والتاريخ (3/147)
حدثنا ابن نمير عن أبيه عن الأعمش حدثنا مجاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
إن أعتى الناس على الله من قتل غير قاتله ))
الإنتقاد الثاني قال الدرامي (1/156)
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنِ
الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ قَالَ قَالَ :" كَعْبٌ نَجِدُ مَكْتُوباً
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ لاَ فَظٌّ وَلاَ غَلِيظٌ وَلاَ صَخَّابٌ بِالأَسْوَاقِ وَلاَ
يَجْزِى بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ وَأُمَّتُهُ
الْحَمَّادُونَ يُكَبِّرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى كُلِّ نَجْدٍ
وَيَحْمَدُونَهُ فِى كُلِّ مَنْزِلَةٍ يَتَأَزَّرُونَ عَلَى أَنْصَافِهِمْ
وَيَتَوَضَّئُونَ عَلَى أَطْرَافِهِمْ مُنَادِيهِمْ يُنَادِى فِى جَوِّ السَّمَاءِ
صَفُّهُمْ فِى الْقِتَالِ وَصَفُّهُمْ فِى الصَّلاَةِ سَوَاءٌ لَهُمْ بِاللَّيْلِ
دَوِىٌّ كَدَوِىِّ النَّحْلِ مَوْلِدُهُ بِمَكَّةَ وَمُهَاجِرُهُ بِطَيْبَةَ
وَمُلْكُهُ بِالشَّامِ "
فعلق الداراني قائلاً (( إسناده صحيح وهو مرسل )) ثم ذكر أن ما بعده شاهدٌ
له
قلت وكلامه في فقراته الثلاث فيه نظر
فأما قوله إسناده صحيح فالصواب أنه منقطع
وذلك أن ابا صالح السمان الأظهر أنه لم يسمع من كعب الأحبار
وبرهان ذلك أن أبا زرعة طعن في سماعه من أبي ذر لابن أبي حاتم (57/201)
وأبو ذر وكعب الأحبار توفيا في نفس السنة وهي سنة 32
انظر ذلك في تهذيب الكمال وفروعه
فإذا كان أبو صالح السمان مطعوناً في سماعه من أبي ذر وكلاهما مدني
فمن باب أولى الطعن في سماعه من كعب بن ماتع الحميري المعروف بكعب الأحبار
وقد توفي بالشام
وأما قوله في الخبر مرسل
فخطأٌ محض إذ أن كعب الأحبار لا يروي شيئاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في
هذا الخبر وإنما ينقل عن كتب الأوائل
وقوله أن الخبر الذي يليه يشهد له ففيه نظر أيضاً فهو يشهد لبعضه
وإليك نص الخبر الذي بعده
قال الدرامي حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ حَدَّثَنِى
خَالِدٌ - هُوَ ابْنُ يَزِيدَ - عَنْ سَعِيدٍ - هُوَ ابْنُ أَبِى هِلاَلٍ - عَنْ
هِلاَلِ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ سَلاَمٍ أَنَّهُ
كَانَ يَقُولُ :" إِنَّا لَنَجِدُ صِفَةَ رَسُولِ اللَّهِ إِنَّا
أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَحِرْزاً لِلأُمِّيِّينَ أَنْتَ
عَبْدِى وَرَسُولِى سَمَّيْتُهُ الْمُتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلاَ غَلِيظٍ
وَلاَ صَخَّابٍ بِالأَسْوَاقِ وَلاَ يَجْزِى بِالسَّيِّئَةِ مِثْلَهَا وَلَكِنْ
يَعْفُو وَيَتَجَاوَزُ وَلَنْ أَقْبِضَهُ حَتْى يُقِيمَ الْمِلَّةَ
الْمُتَعَوِّجَةَ بِأَنْ يَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَفْتَحُ بِهِ
أَعْيُناً عُمْياً وَآذَاناً صُمًّا وَقُلُوباً غُلْفاً . قَالَ عَطَاءُ بْنُ
يَسَارٍ وَأَخْبَرَنِى أَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِىُّ أَنَّهُ سَمِعَ كَعْباً يَقُولُ
مِثْلَمَا قَالَ ابْنُ سَلاَمٍ
"
قلت الجزء المتعلق بوصف أمة النبي صلى الله عليه وسلم في الخبر الأول لا
شاهد له هنا وقد وضعت تحته خطاً ليميزه القاريء
الإنتقاد الثالث
قال الدارمي 2 - أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ النَّضْرِ الرَّمْلِىُّ عَنْ مَسَرَّةَ
بْنِ مَعْبَدٍ مِنْ بَنِى الْحَارِثِ ابْنِ أَبِى الْحَرَامِ
مِنْ لَخْمٍ عَنِ الْوَضِينِ :" أَنَّ رَجُلاً فَقَالَ يَا
رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ أَتَى النَّبِىَّ
وَعِبَادَةِ أَوْثَانٍ فَكُنَّا نَقْتُلُ الأَوْلاَدَ وَكَانَتْ عِنْدِى بِنْتٌ
لِى فَلَمَّا أَجَابَتْ عِبَادَةَ الأَوْثَانِ وَكَانَتْ مَسْرُورَةً بِدُعَائِى
إِذَا دَعَوْتُهَا فَدَعَوْتُهَا يَوْماً فَاتَّبَعَتْنِى فَمَرَرْتُ حَتَّى
أَتَيْتُ بِئْراً مِنْ أَهْلِى غَيْرَ بَعِيدٍ فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا فَرَدَّيْتُ
بِهَا فِى الْبِئْرِ وَكَانَ آخِرَ عَهْدِى بِهَا أَنْ تَقُولَ يَا أَبَتَاهُ يَا
أَبَتَاهُ حَتَّى وَكَفَ دَمْعُ عَيْنَيْهِ فَقَالَ لَهُ
رَجُلٌفَبَكَى رَسُولُ اللَّهِ
أَحْزَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ . فَقَالَ لَهُ كُفَّrمِنْ جُلَسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ
فَإِنَّهُ يَسْأَلُ عَمَّا أَهَمَّهُ » . ثُمَّ قَالَ لَهُ « أَعِدْ عَلَىَّ حَدِيثَكَ »
. فَأَعَادَهُ فَبَكَى حَتَّى وَكَفَ الدَّمْعُ مِنْ عَيْنَيْهِ عَلَى لِحْيَتِهِ
ثُمَّ قَالَ لَهُ :" إِنَّ اللَّهَ قَدْ وَضَعَ عَنِ الْجَاهِلِيَّةِ مَا
عَمِلُوا فَاسْتَأْنِفْ عَمَلَكَ
"
فعلق الأستاذ الداراني بما بمفاده أن الخبر مرسل _ وقد أصاب في ذلك _ غير
أنه قال في الوليد بن النضر الرملي (( روى عنه جمع من الثقات منهم أبو زرعة الدمشقي
وهو لا يروي إلا عن ثقة ))
قلت لم أرَ أحداً سبق الأستاذ الداراني لهذه الدعوى وهي قوله أن أبا زرعة
الدمشقي لا يروي إلا عن ثقة
وقد سرد التهانوي في كتابه (( قواعد في علم الحديث )) أسماء الذين لا يروون
إلا عن ثقة ( 216_226) ولم يذكر أبا زرعة الدمشقي فيهم
ولم يستدركه المحقق عليه
وكذا فعل الشيخ عبدالله الجديع في كتابه تحرير علوم الحديث (1/308) ولم
يذكره
وجمع الأخ الشيخ محمد بن خلف بن سلامة جزءً في الذين لا يروون إلا عن ثقة _
وهو أجمع المصادر المذكورة _
ولم يذكر أبا زرعة الدمشقي
ويبدو أن الوهم قد تطرق إلى الأستاذ الداراني من جهة خلطه بين أبي زرعة
الرازي وأبي زرعة الدمشقي فالأول هو المذكور في الذين لا يروون إلا عن ثقة
الإنتقاد الرابع
قال الدارمي 8 - أَخْبَرَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا مَعْنٌ -
هُوَ ابْنُ عِيسَى - حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِى فَرْوَةَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَأَلَ كَعْبَ الأَحْبَارِ :" كَيْفَ تَجِدُ نَعْتَ
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى التَّوْرَاةِ فَقَالَ كَعْبٌ نَجِدُهُ
مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُولَدُ بِمَكَّةَ وَيُهَاجِرُ إِلَى طَابَةَ وَيَكُونُ
مُلْكُهُ بِالشَّامِ وَلَيْسَ بِفَحَّاشٍ وَلاَ صَخَّابٍ فِى الأَسْوَاقِ وَلاَ
يُكَافِئُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ أُمَّتُهُ
الْحَمَّادُونَ يَحْمَدُونَ اللَّهَ فِى كُلِّ سَرَّاءٍ وَيُكَبِّرُونَ اللَّهَ
عَلَى كُلِّ نَجْدٍ يُوَضِّئُونَ أَطْرَافَهُمْ وَيَأْتَزِرُونَ فِى أَوْسَاطِهِمْ
يَصُفُّونَ فِى صَلاَتِهِمْ كَمَا يَصُفُّونَ فِى قِتَالِهِمْ دَوِيُّهُمْ فِى
مَسَاجِدِهِمْ كَدَوِىِّ النَّحْلِ يُسْمَعُ مُنَادِيهِمْ فِى جَوِّ السَّمَاءِ
"
فعلق الداراني بقوله :" إن ذكر ابن حبان عروة بن الحارث في ثقات
التابعين جعل الحافظ يشير إلى أنه أبو فروة الذي يروي عن ابن عباس ونحن نسك في ذلك
فإن كان هو فالإسناد صحيح وإلا فلعله من ترجمه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل
(9/425) "
قلت الإحتمال الثاني الذي صدره الداراني بقوله (( لعله )) هو المتعين
لوجهين
الأول أن أبا فروة المترجم في الجرح والتعديل ذكر أبو حاتم أنه شيخ لمعاوية
بن صالح ويروي عن عائشة
وأبو فروة الذي في السند يروي عنه معاوية بن صالح ويروي عن صحابي
الثاني أن ذكر ابن حبان لعروة بن الحارث في التابعين خطأٌ أصلحه بذكره له
في أتباع التابعين أيضاً وهذا هو المتعين إذ أنه لا يعرف بالرواية عن الصحابة
وحتى لو روى عن ابن عباس فمن التسرع تصحيح السند كما فعل الداراني لاحتمال
إرساله عن هذا الصحابي الذي يروي عنه
الإنتقاد الخامس
قال الدارمي 13 - أَخْبَرَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ
عَنْ بَحِيرٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
عَمْرٍو السُّلَمِىُّ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِىِّ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ
وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ قَالَ لَهُ رَجُلٌ كَيْفَ كَانَ أَوَّلُ شَأْنِكَ يَا رَسُولَ
اللَّهِ قَالَ :" كَانَتْ حَاضِنَتِى مِنْ بَنِى سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ
فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَابْنٌ لَهَا فِى بَهْمٍ لَنَا وَلَمْ نَأْخُذْ مَعَنَا
زَاداً فَقُلْتُ يَا أَخِى اذْهَبْ فَأْتِنَا بِزَادٍ مِنْ عِنْدِ أُمِّنَا
فَانْطَلَقَ أَخِى وَمَكَثْتُ
عِنْدَ الْبَهْمِ فَأَقْبَلَ طَائِرَانِ أَبْيَضَانِ كَأَنَّهُمَا
نَسْرَانِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَهُوَ هُوَ قَالَ الآخَرُ نَعَمْ .
فَأَقْبَلاَ يَبْتَدِرَانِى فَأَخَذَانِى فَبَطَحَانِى لِلْقَفَا فَشَقَّا بَطْنِى
ثُمَّ اسْتَخْرَجَا قَلْبِى فَشَقَّاهُ فَأَخْرَجَا مِنْهُ عَلَقَتَيْنِ سَوْدَاوَيْنِ
فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ ائْتِنِى بِمَاءِ ثَلْجٍ . فَغَسَلَ بِهِ جَوْفِى ثُمَّ
قَالَ ائْتِنِى بِمَاءِ بَرْدٍ . فَغَسَبِهِ قَلْبِى ثُمَّ قَالَ ائْتِنِى
بِالسَّكِينَةِ . فَذَرَّهُ فِى
قَلْبِى ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ حُصْهُ . فَحَاصَهُ وَخَتَمَ
عَلَيْهِ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا
لِصَاحِبِهِ اجْعَلْهُ فِى كَفَّةٍ وَاجْعَلْ أَلْفاً مِنْ أُمَّتِهِ فِى
كَفَّةٍ » . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم « فَإِذَا أَنَا أَنْظُرُ إِلَى الأَلْفِ فَوْقِى أُشْفِقُ أَنْ
يَخِرَّ عَلَىَّ بَعْضُهُمْ فَقَالَ لَوْ أَنَّ أُمَّتَهُ وُزِنَتْ بِهِ لَمَالَ
بِهِمْ . ثُمَّ انْطَلَقَا « وَفَرِقْتُ فَرَقاً شَدِيداً
ثُمَّrوَتَرَكَانِى » . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
انْطَلَقْتُ إِلَى أُمِّى فَأَخْبَرْتُهَا بِالَّذِى لَقِيتُ فَأَشْفَقَتْ أَنْ
يَكُونَ قَدِ الْتُبِسَ بِى فَقَالَ تْ أُعِيذُكَ بِاللَّهِ . فَرَحَّلَتْ
بَعِيراً لَهَا فَجَعَلَتْنِى عَلَى الرَّحْلِ وَرَكِبَتْ خَلْفِى حَتَّى بَلَغْنَا
إِلَى أُمِّى فَقَالَتْ أَدَّيْتُ أَمَانَتِى وَذِمَّتِى . وَحَدَّثَتْهَا
بِالَّذِى لَقِيتُ فَلَمْ يَرُعْهَا ذَلِكَ وَقَالَتْ إِنِّى رَأَيْتُ حِينَ
خَرَجَ مِنِّى تَعْنِى نُوراً أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ
"
فعلق الداراني بقوله :" إسناده ضعيف فيه بقية يدلس تدليس التسوية وقد
عنعن "
ثم قال :"وأخرجه أحمد (4/184_185) والحاكم برقم (4230) والطبراني
(322) من طريق حيوة ويزيد بن عبد ربه قالا حدثنا بقية ابن الوليد بهذا الإسناد
وهذا إسنادٌ صحيح فقد صرح بالتحديث فانتفت شبهة التدليس
"
كذا قال وهذا والله من حداثته في هذا العلم وإلا فتصريح مدلس التسوية
بالتحديث عن شيخه لا ينفعه حتى يصرح بالتحديث في جميع طبقات السند وهذا غير متحقق
هنا
والداراني نفسه لم يقبل بتصريح بقية بالتحديث من شيخه فقط عند كلامه على
الحديث رقم (9)
ثم إن الرواية التي فيها تصريح بقية بالتحديث من شيخه فيها إسقاط عبدالرحمن
بن عمرو السلمي من بين خالد بن معدان وعتبة بن عبد السلمي
فقول الداراني (( بهذا الإسناد )) خطأٌ في التخريج
وقوله (( بقية ابن الوليد )) خطأٌ في
الإملاء وصوابه (( بقية بن الوليد )) وإنما توضع الألف إذا نسب الرجل إلى جده أو
إلى غير أبيه حقيقةً كقولهم (( المسيح ابن الله )) أو إلى
أمه كقولهم (( المسيح ابن مريم ))
وتقديمه لذكر الحاكم على الطبراني مخالفٌ للأولى فالطبراني أعلى طبقةً
الإنتقاد الخامس
12 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ جَعْفَرِ
بْنِ مَيْمُونٍ خَرَجَالتَّمِيمِىِّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ إِلَى الْبَطْحَاءِ وَمَعَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ
فَأَقْعَدَهُ وَخَطَّ عَلَيْهِ خَطًّا ثُمَّ قَالَ : " لاَ تَبْرَحَنَّ
فَإِنَّهُ سَيَنْتَهِى إِلَيْكَ رِجَالٌ فَلاَ حَيْثُ تُكَلِّمْهُمْ
فَإِنَّهُمْ لَنْ يُكَلِّمُوكَ » . فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ
أَرَادَ ثُمَّ جَعَلُوا يَنْتَهُونَ إِلَى الْخَطِّ لاَ يُجَاوِزُونَهُ ثُمَّ
حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ جَاءَrيَصْدُرُونَ إِلَى النَّبِىِّ
إِلَىَّ فَتَوَسَّدَ فَخِذِى وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ فِى النَّوْمِ نَفْخاً
فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَوَسِّدٌ فَخِذِى رَاقِدٌ إِذْ
أَتَانِى رِجَالٌ كَأَنَّهُمْ الْجِمَالُ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ بِيضٌ اللَّهُ
أَعْلَمُ مَا بِهِمْ مِنَ الْجَمَالِ حَتَّى قَعَدَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ عِنْدَ
رَأْسِهِ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ عِنْدَ رِجْلَيْهِ فَقَالُوا بَيْنَهُمْ مَا
رَأَيْنَا عَبْداً أُوتِىَ مِثْلَ مَا أُوتِىَ هَذَا النَّبِىُّ إن عَيْنَيْهِ
لَتَنَامَانِ وَإِنَّ قَلْبَهُ لَيَقْظَانُ اضْرِبُوا لَهُ مَثَلاً سَيِّدٌ بَنَى
قَصْراً ثُمَّ جَعَلَ مَأْدُبَةً فَدَعَا النَّاسَ إِلَى طَعَامِهِ
وَشَرَابِهِ عِنْدَ ذَلِكَ فَقَالَ لِى :"ثُمَّ ارْتَفَعُوا
وَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ
أَتَدْرِى مَنْ هَؤُلاَءِ " . قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ .
قَالَ :" هُمُ الْمَلاَئِكَةُ "
. وَقَالَ :" هَلْ تَدْرِى مَا الْمَثَلُ الَّذِى ضَرَبُوهُ " . قُلْتُ
اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ « الرَّحْمَنُ بَنَى
الْجَنَّةَ فَدَعَا إِلَيْهَا عِبَادَهُ فَمَنْ أَجَابَهُ دَخَلَ جَنَّتَهُ وَمَنْ
لَمْ يُجِبْهُ عَاقَبَهُ وَعَذَّبَهُ
"
قال الداراني بعد أن ذكر رواية الترمذي (2865):" وإسناده حسن وهي من
طريق جعفر بن ميمون عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي عثمان عن ابن مسعود به
"
وقال أيضاً :" له شاهد مرسل من حديث جابر عند الترمذي
"
وقال بعد ذلك :" وأخرجه أحمد (1/399) من طريق عارم وعفان قالا حدثنا
معتمر قال حدثنا أبي حدثني أبو تميمة عن عمرو ولعله أن يكون قد قال :البكالي يحدثه
عن ابن مسعود "
قال الداراني :" وإسناده صحيح
"
قلت على كلامه مآخذ عديدة
أولها حكمه على على جعفر بن ميمون بأنه صدوق وتحسينه لحديثه فيه نظر
فالراجح فيه الضعف
وإليك أقوال أئمة الجرح والتعديل فيه
ونبدأ بذكر المعدلين
الأول يحيى بن سعيد القطان فقد روى عنه
الثاني أبو حاتم حيث قال :" صالح
"
الثالث ابن حبان فقد ذكره في الثقات
الرابع الحاكم
وأما الذين جرحوه فهم
1_ أحمد بن حنبل حيث قال فيما نقله عنه ابنه عبدالله :"أخشى أن يكون
ضعيفاً " وقال أيضاً " ليس بقوي
"
2_ يحيى بن معين وقد تنوعت عباراته فيه وأشدها قوله " ليس بثقة
"
وهذا جرح شديد
3_ البخاري حيث قال فيه :" ليس بشيء
"
وهذ أيضاً جرحٌ شديد
4_ يعقوب بن سفيان حيث ذكره في باب من يرغب عن الرواية عنه
5_ النسائي وقال :" ليس بالقوي
"
6_ العقيلي حيث أورده في الضعفاء
7_ الدارقطني وقال :" يعتبر به
"
8_ ابن عدي حيث قال في الكامل :" لم أر أحاديثه منكرة وارجو انه لا بأس
به ويكتب حديثه في الضعفاء "
قلت فمثله التضعيف إليه أقرب
وذلك لأمور
أولها أن الذين جرحوه أكثر وفيهم من جرحه مفسر _ مثل العقيلي حيث أورد له
ما يستنكر _
الثاني أن جماعة من الذين جرحوه ، جرحوه جرحاً شديداً
المأخذ الثاني على كلام الداراني
أنه جعل الرواية التي تعل رواية جعفر عاضدةً لها
وهي رواية أحمد
فإن جعفراً روى الحديث عن أبي تميمة عن أبي عثمان عن ابن مسعود
وخالفه سليمان بن طرخان والد معتمر _ كما في رواية أحمد المذكورة أعلاه _
فرواه عن أبي تميمة عن عمرو البكالي عن ابن مسعود
وهذه مخالفة في الإسناد ورواية سليمان أرجح لما تقدم من الكلام في جعفر
ثم إن رواية سليمان تخالف رواية جعفر في المتن فذكر الداراني لها على أنها
شاهد لرواية الدارمي تضليلٌ للقاريء
وإليك نص رواية أحمد
قال ابن مسعود :"استبعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فانطلقنا
حتى أتيت مكان كذا وكذا فخط لي خطة فقال لي: كن بين ظهري هذه حتى لا تخرج منها فإنك
إن خرجت هلكت قال: فكنت فيها قال: فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حذفة أو أبعد
شيئا أو كما قال ثم إنه ذكر هنينا كأنهم الزط قال عفان أو كما قال عفان إن شاء ليس
عليهم ثياب ولا أرى سوأتهم طوالا قليل لحمهم قال: فأتوا فجعلوا يركبون رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: وجعل نبي الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليهم قال:
وجعلوا يأتوني فيحيلون حولي ويعترضون لي قال عبد الله: فأرعبت منهم رعبا شديدا
قال: فجلست أو كما قال قال: فلما انشق عمود الصبح جعلوا يذهبون أو كما قال قال: ثم
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ثقيلا وجعا أو يكاد أن يكون وجعا مما ركبوه
قال: إني لأجدني ثقيلا أو كما قال فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه في حجري
أو كما قال قال: ثم إن هنين أتوا عليهم ثياب بيض طوال أو كما قال وقد أغفي رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال عبد الله: فأرعبت أشد مما أرعبت المرة الأولى قال عارم في
حديثه قال: فقال بعضهم لبعض: لقد أعطي هذا العبد خيرا أو كما قالوا: إن عينيه
نائمتان أو قال عينه أو كما قالوا وقلبه يقظان ثم قال: قال عارم وعفان: قال بعضهم
لبعض: هلم فلنضرب له مثلا أو كما قالوا قال بعضهم لبعض: اضربوا له مثلا ونؤل نحن
أو نضرب نحن وتؤلون أنتم فقال بعضهم لبعض: كمثل سيد ابتنى بنيانا حصينا
ثم أرسل الى الناس بطعام أو كما قال فمن لم يات طعامه أو قال لم يتبعه عذبه عذابا
شديدا أو كما قالوا قال الآخرون: أما السيد فهو رب العالمين وأما البنيان فهو
الاسلام والطعام الجنة وهو الداعي فمن اتبعه كان في الجنة قال عارم في حديثه: أو
كما قالوا ومن لم يتبعه عذب أوكما قال ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استيقظ
فقال: ما رأيت يا ابن أم عبد فقال عبد الله: رأيت كذا وكذا فقال النبي صلى الله
عليه وسلم: ما خفي علي مما قالوا شيء قال نبي الله صلى
الله عليه وسلم: هم نفر من الملائكة أو قال هم من الملائكة أو كما شاء الله
"
قلت : ووجه المخالفة أن في رواية الدارمي أن النبي صلى الله عليه وسلم هو
الذي فسر المثل
وفي رواية أحمد الذين فسروا المثل هم الملائكة
وهذا يوجب نكارة رواية جعفر من جهة المتن أيضاً
وقد جاء معنى الحديث عند البخاري في الإعتصام 6852 من حديث جابر
وفات الداراني ذكره مع توسعه في ادعاء الشواهد وذكر فقط شاهد الترمذي
المرسل
ومخالفة المتن الذكورة في خبر أحمد مذكورة أيضاً في خبر البخاري والترمذي
الإنتقاد السادس
قال الدارمي 18 - حَدَّثَنَا يَعْلَى حَدَّثَنَا الأَجْلَحُ عَنِ
الذَّيَّالِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عبدالله :" حَتَّى دَفَعْنَا
إِلَى عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ حَائِطٍ فِى
بَنِى النَّجَّارِ فَإِذَا فِيهِ جَمَلٌ
لاَ يَدْخُلُ الْحَائِطَ فَأَتَاهُ فَدَعَاهُ أَحَدٌ إِلاَّ شَدَّ
عَلَيْهِ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ
فَجَاءَ وَاضِعاً مِشْفَرَهُ فِى الأَرْضِ حَتَّى بَرَكَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ
« هَاتُوا خِطَاماً » . فَخَطَمَهُ وَدَفَعَهُ إِلَى صَاحِبِهِ ثُمَّ الْتَفَتَ
فَقَالَ « مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ أَحَدٌ إِلاَّ يَعْلَمُ أَنِّى
رَسُولُ اللَّهِ إِلاَّ عَاصِىَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ
"
فقال الداراني حاكماً على الإسناد :"هذا إسناد جيد قوي
"
قلت هذا الحكم مبني على أن الذيال وإن لم يوثقه غير ابن حبان فقد روى عنه
جمعٌ من الثقات وهذا مسلمٌ للداراني
غير أن هناك علةً لم يتنبه لها
وهي علة الإنقطاع بين الذيال وجابر وهذا الإعلال متجه لثلاثة أمور
الأول أننا لا نعرف للذيال تاريخ ولادة فقد يكون لم يدرك جابراً
وسيأتي معنا أن الداراني زعم أن عروة بن الزبير لم يدرك أبا ذر على الرغم
من وجود المعاصرة !!
وكان ينبغي أن يفعل هذا هنا
الثاني أن الذيال كوفي كما في ترجمته في الجرح والتعديل( 2041) وجابر بن
عبدالله مدني وهو آخر الصحابة موتاً في المدينة
الثالث أن شيخ الذيال القاسم بن مخيمرة _ وهو من أواسط التابعين في الكوفة
_ قد طعن بعض النقاد في سماعه من الصحابة
فما بالك بتلميذه الذيال
الإنتقاد السابع
قال الدارمي 15 - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ أَخْبَرَنَا
عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِى صَالِحٍ قَالَ
كَانَ النَّبِىُّ:" أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ
مُهْدَاةٌ "
فعلق الداراني بما مفاده أن هذا السند صحيح ولكنه مرسل
ثم ذكر رواية الطبراني في الصغير (1/95) وفي الأوسط برقم (5،30) _ كذا قال _ من طريق زياد بن يحيى حدثنا
مالك بن سعير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة به
وقال الطبراني :" لم يروه عن الأعمش إلا مالك بن سعير
"
فقال الداراني :" نقول لو كان منفرداً لما كان في تفرده ضرر للحديث
لأنه ثقة
ومع ذلك فقد تابعه على روايته عن الأعمش مرفوعاً أيضاً وكيع عند ابن سعد (1/1/128)
وابن أبي شيبة (1/504) وابن عدي (4/1546) من طريق عمر بن سنان عن عبدالله
بن نصر عن وكيع عن الأعمش بالإسناد السابق وعبدالله بن نصر ضعيف
وأخرجه ابن سعد في الطبقات (1/1/128) من الطريق السابق مرسلاً
"
قلت على كلامه مآخذ
المأخذ الأول قوله " مالك بن سعير ثقة " تساهلٌ عجيب
فإنك إذا رجعت إلى ترجمته في التهذيب
ستجد أن أبا داود قد ضعفه وقال أبوزرعة والدارقطني: "
صدوق" وذكره ابن حبان في الثقات
فمثل لا يرتقي إلى أن يكون ثقة بل هو صدوق فقط
لذا قال الحافظ في التقريب (( لا بأس به ))
وقال الذهبي في الميزان (( صدوق معروف ))
وهذا ما كان يرجحه العلامة الألباني ( انظر معجم الرجال الذين تكلم فيهم
الشيخ الألباني )
المأخذ الثاني قوله في مالك بن سعير :"نقول لو كان منفرداً لما كان في
تفرده ضرر للحديث "
قلت في هذا نظر لأمرين
الأول أنه صدوق فمثله لا تقبل زيادته من دون الثقة ( علي بن مسهر )
الثاني أن هذا هو مذهب جماعة من الفقهاء وهو قبول الزيادة من الثقة مطلقاً
وهذا مخالف لمذهب جماهير المحدثين النقاد
قال الإمام مسلم في التمييز ص189:" الزيادة في الأخبار لا تلزم إلا عن
الحفاظ الذين لم يعثر عليهم الوهم في الحفظ
"
وقال الإمام ابن خزيمة في صحيحه فيما نقله عنه الحافظ في النكت (2/689)
:"لسنا ندفع أن تكون الزيادة مقبولة من الحفاظ ، ولكنا نقول : إذا تكافأت
الرواة في الحفظ والاتقان فروى حافظ بالأخبار زيادة في خبر قبلت زيادته . فإذا تواردت
الأخبار ، فزاد وليس مثلهم في الحفظ زيادة لم تكن تلك الزيادة مقبولة
"
ونقل الحافظ بعد ذلك عن ابن عبد البر قوله " إنما تقبل الزيادة من
الحافظ إذا ثبت عنه وكان أحفظ وأتقن ممن قصر أو مثله في الحفظ ، لأنه كأنه حديث
آخر مستأنف وأما إذا كانت الزيادة من غير حافظ ، ولا متقن ، فإنها لا يلتفت إليها
"
وفي ص (429) من شرح العلل نقل ابن رجب عن الدارقطني في حديث زاد في إسناده
رجلان ثقتان وخالفهما الثوري، فلم يذكره قال:" لولا أن الثوري خالف لكان
القول قول من زاد فيه؛ لأن زيادة الثقة مقبولة. قال ابن رجب: وهذا تصريح بأنه إنما
يقبل الزيادة إذا لم يخالفه من هو أحفظ منه"
وقال الحافظ في النكت (2/613) :"والحق في هذا أن زيادة الثقة لا تقبيل
دائماً ، ومن أطلق ذلك عن الفقهاء والأصوليين ، فلم يصب . وإنما يقبلون ذلك إذا استووا
في الوصف ولم يتعرض بعضهم لنفيها لفظاً ولا معنى .
وممن صرح بذلك الإمام فخر الدين وابن الأيباري شارح البرهان وغيرهما وقال
ابن السمعاني : (( إذا كان راوي الناقصة لا يغفل أو كانت الدواعي تتوفر على نقلها
أو كانوا جماعة لا يجوز عليهم أن يغفلوا عن تلك الزيادة وكان المجلس واحداً فالحق
أن لا يقبل رواية راوي الزيادة هذا الذي ينبغي )) . انتهى"
وقال العلائي في نظم الفرائد (ص201) " ويترجح هذا أيضاً من جهة المعنى
، بأن مدار قبول خبر الواحد على غلبة الظن وعند الخلاف فيما هو مقتضٍ لصحة الحديث
أو لتعليله يرجع إلى قول الأكثر عدداً لبعدهم عن الغلط والسهو ذلك عند التساوي في
الحفظ والإتقان فإن تفارقوا واستوى العدد فإلى قول الأحفظ والأكثر اتقاناً وهذه
قاعدة متفقٌ على العمل بها عند أهل الحديث
"
قلت فمثل هذه الزيادة إذا بها مالك تكون شاذةً وعلى مذهب الداراني لا يوجد
شيء اسمه زيادة شاذة إلا في النادر القليل وهو عند المخالفة
المأخذ الثالث ما ذكره من متابعة وكيع
عبدالله بن نصر ضعيف كما ذكر الداراني نفسه وقد انفرد بهذه الزيادة
وقد روى الحديث عن مرسلاً ابن سعد كما ذكر الداراني نفسه وهو ثقة
فعليه تكون الزيادة عن وكيع منكرة
والمنكر لا يصلح للإعتضاد
قال ابن عدي في رواية عبدالله بن نصر :" هذا غير محفوظ عن وكيع
"
قلت : يعني منكر
وما فعله الداراني هو أنه عضد الرواية الشاذة بالرواية المنكرة !!
وقد أورد العلامة الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة تحت حديث (490)
متابعين لعبدالله بن نصر
قال الألباني :"كذلك أخرجه أبو سعيد بن الأعرابي في " المعجم
" ( ق 106 / 2 ) قال : أنبأنا
إبراهيم أنبأنا وكيع به . و إبراهيم هذا هو ابن عبد الله أبو إسحاق العبسي
كما
في إسناد حديث قبل هذا عنده . و هو إبراهيم بن عبد الله بن بكير بن الحارث
العبسي , و هو آخر أصحاب وكيع وفاة , توفي سنة تسع و سبعين و مائتين كما في
" الشذرات " ( 2 / 174 ) . و له جزء من حديث وكيع بن الجراح , يرويه أبو
عمرو "
قلت أخرجه مرسلاً
وقال الشيخ :"أخرجه أبو الحسن علي بن عمر الحربي السكري في "
الفوائد المنتقاة "
(2/157) : حدثنا عبد الله بن محمد بن أسد قال : حدثنا حاتم بن منصور
الشاشي أبو سعيد قال : حدثنا عبد الله بن أبي عرابة الشاشي .
و عبد الله هذا أورده السمعاني في " الشاشي " فقال :
" هذه النسبة إلى مدينة وراء نهر سيحون يقال : لها ( الشاش ) , و هي من ثغور
الترك , خرج منها جماعة كثيرة من أئمة المسلمين منهم عبد الله بن أبي عرابة
الشاشي , رحل إلى مرو و العراق , و سمع علي بن حجر و أحمد بن حنبل , روى
عنه
أهل بلده , و مات سنة ( 286 )
" .
لكن الراوي عنه حاتم بن منصور لم أجد له الآن ترجمة
"
قلت حاتم بن منصور الشاشي من شيوخ العقيلي في الضعفاء 505 و 772 وهذا يقوي
من أمره
ثم قال الشيخ :"فإن رجحنا رواية وكيع المرسلة , فيكون مالك قد خالفه
فتكون روايته شاذة , و رواية وكيع المرسلة هي المحفوظة , و إن رجحنا رواية
وكيع
الموصولة فتتفق الروايتان , و يكون كل منهما شاهدا للآخر , و هذا هو الأرجح
عندي , لأن اتفاق ثلاثة من الرواة على روايته عن وكيع موصولا , يبعد في
العادة
أن يتفقوا على الخطأ , و لو كان في بعضهم ضعف بدون تهمة , أو في بعض الرواة
عنه
فإذا انضم إلى ذلك رواية مالك بن سعير قوي الحديث و ارتقى إلى درجة الحسن
أو الصحة , و الله أعلم
"
قلت في كلام الشيخ الأمور
الأول أنه رجح إمكانية أن تكون رواية مالك بن سعير شاذة بخلاف الداراني
الذي لا يرى إمكانية ذلك لأن مالك عنده ثقة !!
الثاني أن الشيخ لم يقبل رواية عبدالله بن نصر عن وكيع منفردة بل ضم إليها روايتين
أخريين ثم رجحها من باب الأكثر أولى بالحفظ وأبعد عن الوهم
ولم يفعل كما فعل الداراني الذي جعل الزيادة التي ينفرد بها الضعيف من دون
الثقة صالحة للإعتبار وهذا مخالف للقواعد العلمية
وقد فات الألباني والداراني أن ابن أبي شيبة قد رواه في المصنف (7/441) عن
وكيع مرسلاً
وما ذكره الداراني من أن ابن أبي شيبة رواه من طريق عمر بن سنان عن عبدالله
بن نصر غلط وتضليل للقاريء
وكذا ابن سعد فقد رواه ابن سعد عن وكيع مباشرةً بالرواية المرسلة
وأما الداراني فقد أوهم أنها روياها بالرواية المتصلة بسندٍ نازل وهذا غلط
ومع اتفاق ابن سعد وابن أبي شيبة على الرواية المرسلة عن وكيع يظهر أنها هي
الأرجح لأنهما أثبت ممن زادها
ولا يعقل غفلة ثقتين ثبتين مثلهما عنها
وأما من زادها فيبدو أن الأمر قد اختلط عليه الأمر بحديث مالك بن سعير
أو يكون سمع عدة أحاديث من وكيع من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة
وجاء هذا الحديث بعدها فظن أنه منها
ثم وجدت لهذين الإثنين ثالثاً وهو أحمد بن عبدالجبار _ وهو ضعيف _
قال البيهقي في شعب 1404 أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس
الأصم حدثنا أحمد بن عبد الجبار حدثنا وكيع عن الأعمش عن أبي صالح قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم :" أيها الناس إنما أنا رحمة مهداة
"
فهؤلاء الثلاثة تترجح كفتهم على أولئك لما قدمنا
الإنتقاد الثامن
قال الدارمي 22 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ رَجُلٍ
مِنْ مُزَيْنَةَ أَوْ جُهَيْنَةَ قَالَ :" صَلَّى رَسُولُ
الْفَجْرَ فَإِذَا هُوَ بِقَرِيبٍ اللَّهِ
مِنْ مِائَةِ ذِئْبٍ قَدْ تَرْضَخُوا لَهُمْ أَقْعَيْنَ
وُفُودُ الذِّئَابِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ شَيْئاً مِنْ طَعَامِكُمْ
وَتَأْمَنُونَ عَلَى مَا سِوَى ذَلِكَ » . فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى
الله
عليه وسلم الْحَاجَةَ قَالَ :" فَآذِنُوهُنَّ " قَالَ :"
فَآذَنُوهُنَّ فَخَرَجْنَ وَلَهُنَّ عُوَاءٌ"
فقال الداراني :" رجاله ثقات ولكن قيل أخطأ محمد بن يوسف في مائة
وخمسين حديثاً من حديث سفيان "
إلى أن قال :" ولكن تابعه محمد بن كثير عند الطبراني كما ابن كثير في
البداية والنهاية (6/146) من رواية أبي نعيم عنه فيتقوى به الحديث والله أعلم وله أكثر
من شاهد "
قلت في سند الخبر علة لم يتنبه لها الأستاذ الداراني
وهي أن شمر بن عطية لا يروي عن الصحابة
فإذا كان هذا المبهم من مزينة أو جهينة صحابياً فالسند منقطع
وإذا كان تابعياً فالخبر مرسل
ولا أعرف شيئاً عن الشواهد التي ادعاها الأستاذ الداراني فليته أفاد بها
الإنتقاد التاسع
قال الدارمي 24 - أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ
وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى ظَبْيَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
قَالَ :" أَتَى رَجُلٌ مِنْ بَنِى عَامِرٍ رَسُولَ اللَّهِ
" أَلاَ أُرِيكَ آيَةً " . قَالَ بَلَى . قَالَ :"فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
فَاذْهَبْ فَادْعُ تِلْكَ النَّخْلَةَ . فَدَعَاهَا فَجَاءَتْ تَنْقُزُ بَيْنَ
يَدَيْهِ . فَقَالَ قُلْ لَهَا تَرْجِعْ . قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم « ارْجِعِى » . فَرَجَعَتْ حَتَّى عَاَدَتْ إِلَى مَكَانِهَا فَقَالَ
يَا بَنِى عَامِرٍ مَا رَأَيْتُ رَجُلاً كَالْيَوْمِ أَسْحَرَ مِنْهُ"
قال الداراني بعد أن حكم على إسناده :"
وأخرجه الترمذي في المناقب (3632) والطبراني في الكبير (12/110برقم (12622)
والحاكم (2/620) من طريق محمد بن سعيد بن الأصبهاني حدثنا شريك عن سماك عن
أبي ظبيان بالإسناد السابق
نقول : وهذا إسنادٌ حسن
"
قلت على كلامه ملاحظتان
الأولى إيهامه القاريء بأن رواية الترمذي في المناقب هي عينها رواية
الدارمي
وليس وكذلك بل إن بينهما مخالفةً صريحة
ففي رواية الدارمي يتهم الأعرابي النبي صلى الله عليه وسلم بالسحر وهذا
كفرٌ صريح
وأما رواية الترمذي ففيها أن الأعرابي قد أسلم
وإليك نص رواية الترمذي
عَن ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
"جاءَ أَعرابيٌّ إِلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّم
قَالَ: بِمَ أعرفُ أنَّكَ نبيٌّ؟ قَالَ إنْ دعوتُ
هَذَا الغِذْقَ من هذهِ النَّخلةِ تَشهدُ أنِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وسَلَّم؟ فَجَعَلَ ينزلُ من النَّخلةِ حتَّى سقطَ إِلى النَّبيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ثُمَّ قَالَ ارجعْ فعادَ فأسلَمَ الأعرابِيُّ".
وقد تنبيه لهذه المخالفة العلامة الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 7/927
الثانية حكمه على حديث شريك بن عبدالله القاضي بأنه حسن فيه نظر
فإنه قد اختلط
قال بن حبان في الثقات : "ولي القضاء بواسط سنة 155 ثم ولي الكوفة بعد
ومات بها سنة 7 أو 88 وكان في آخر أمره يخطئ فيما روى تغير عليه وحفظه فسماع المتقدمين
منه ليس فيه تخليط وسماع المتأخرين منه بالكوفة فيه أوهام كثيرة"
قلت وتلميذه في هذا الحديث من أهل الكوفة فكيف يحسن حديثه والحال هذه
فقد اجتمع في هذه الرواية الضعف والمخالفة
وبهذا تتوفر شروط الحكم على الرواية بالنكارة
الإنتقاد العاشر
قال الدارمي 7 1- أخبرنا عبيد الله بن موسى عن إسماعيل بن عبد الملك عن أبي
الزبير عن جابر قال : خرجت مع النبي صلى الله عليه و سلم في سفر وكان لا يأتي
البراز حتى يتغيب فلا يرى فنزلنا بفلاة من الأرض ليس فيها شجر ولا علم فقال يا
جابر اجعل في إداوتك ماء ثم انطلق بنا قال فانطلقنا حتى لا نرى فإذا هو بشجرتين
بينهما أربع أذرع فقال يا جابر انطلق إلى هذه الشجرة فقل يقل لك الحقي بصاحبتك حتى
أجلس خلفكما فرجعت إليها فجلس رسول الله صلى الله عليه و سلم خلفهما ثم رجعتا إلى
مكانهما فركبنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ورسول الله بيننا كأنما علينا
الطير تظلنا فعرضت له امرأة معها صبي لها فقالت يا رسول الله إن ابني هذا يأخذه
الشيطان كل يوم ثلاث مرار قال فتناول الصبي فجعله بينه وبين مقدم الرحل ثم قال
اخسأ عدو الله أنا رسول الله صلى الله عليه و سلم اخسأ عدو الله انا رسول الله صلى
الله عليه و سلم ثلاثا ثم دفعه إليها فلما قضينا سفرنا مررنا بذلك المكان فعرضت
لنا المرأة معها صبيها ومعها كبشان تسوقهما فقالت يا رسول الله اقبل مني هديتي فوالذي
بعثك بالحق ما عاد إليه بعد فقال خذوا منها واحدا وردوا عليها الآخر قال ثم سرنا
ورسول الله صلى الله عليه و سلم بيننا كأنما علينا الطير تظلنا فإذا جمل ناد حتى
إذا كان بين سماطين خر ساجدا فجلس رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال علي الناس
من صاحب الجمل فإذا فتية من الأنصار قالوا هو لنا يا رسول الله قال فما شأنه قالوا
استنينا عليه منذ عشرين سنة وكانت به شحيمة فأردنا أن ننحره فنقسمه بين غلماننا
فانفلت منا قال بيعونيه قالوا لا بل هو لك يا رسول الله قال أما لي فأحسنوا إليه
حتى يأتيه أجله قال المسلمون عند ذلك يا رسول الله نحن أحق بالسجود لك من البهائم
قال لا ينبغي لشيء أن يسجد لشيء ولو كان ذلك كان النساء لأزواجهن
قال الداراني : " إسناه ضعيف وهو صحيح بشواهده
"
قلت أين هي هذه الشواهد ؟
فقوله : "فعرضت له امرأة معها صبي لها فقالت يا رسول الله إن ابني هذا
يأخذه الشيطان كل يوم ثلاث مرار
"
لم أجد له شاهداً في أي مكانٍ آخر
ولعل الداراني يقصد رواية البيهقي في دلائل النبوة - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ
، وأبو سعيد بن أبي عمرو ، قالا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أحمد بن
عبد الجبار ، حدثنا يونس بن بكير ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن يعلى بن
مرة ، عن أبيه ، قال : سافرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرا فرأيت منه
أشياء عجبا ، نزلنا منزلا فقال : " انطلق إلى هاتين الأشاءتين ، فقل :
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لكما : أن تجتمعا ، فانطلقت ، فقلت لهما ذلك
، فانتزعت كل واحدة منهما من أصلها ، فنزلت كل واحدة إلى صاحبتها ، فالتقتا جميعا
، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته من ورائهما ، ثم قال : » انطلق ، فقل
لهما : فلتعد كل واحدة إلى مكانها ، فأتيتهما ، فقلت لهما ذلك ، فنزلت كل واحدة
حتى عادت إلى مكانها وأتت امرأة ، فقالت : إن ابني هذا به لمم منذ سبع سنين يأخذه
في كل يوم مرتين " الحديث
وهذا الخبر يخالف خبر الدارمي فإن خبر الدارمي فيه أن الجن تأخذ الصبي كل
يومٍ ثلاث مرات
وهذا فيه أنها تأخذه في كل يومٍ مرتين
هذا مع الإختلاف في تعيين الصحابي الذي حضر القصة
والأصح في رواية البيهقي أن يعلى بن مرة هو صحابي الحديث لا أبوه كما بين
البيهقي نفسه بعد ذلك
وروى ابن أبي شيبة حديث جابر في مصنفه (31754 ) بلفظ " كل يومٍ مراراً
" وهذا يمكن الجمع بينه وبين لفظ البيهقي
غير أن لفظة سجود الجمل لم أجد لها شاهداً
وكان ينبغي على الداراني أن يذكر الشواهد التي ادعاها
الإنتقاد الحادي عشر
قال الدارمي
(14) أخبرنا عبد الله بن عمران ثنا أبو داود ثنا جعفر بن عثمان القرشي عن عثمان بن
عروة بن الزبير عن أبيه عن أبي ذر الغفاري قال :" قلت يا رسول الله كيف علمت
انك نبي حين استنبئت فقال يا أبا ذر أتاني ملكان وأنا ببعض بطحاء مكة فوقع أحدهما
على الأرض وكان الآخر بين السماء والأرض فقال أحدهما لصاحبه أهو هو قال نعم قال
فزنه برجل فوزنت به فوزنته ثم قال فزنه بعشرة فوزنت بهم فرجحتهم ثم قال زنه بمائة
فوزنت بهم فرجحتهم ثم قال زنه بألف فوزنت بهم فرجحتهم كأني انظر إليهم ينتثرون علي
من خفة الميزان قال فقال أحدهما لصاحبه لو وزنته بأمته لرجحها
"
فقال الداراني ما مفاده أن رجال الإسناد ثقات غير أن عروة بن الزبير لم
يدرك أبا ذر
وقال في حق جعفر بن عبدالله بن عثمان : " وثقه أبو حاتم وابن حبان
"
ثم قال : " وقال ابن كثير في السيرة (2/228_229) :"وقال ابن
إسحاق حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
قالو ل له أخبرنا عن نفسك قال (( نعم ، أنا دعوة إبراهيم _______))وذكر مثل هذا الحديث
ثم قال (( وهذا إسنادٌ جيدٌ قوي )) أ.ه
قلت : على كلام الداراني مآخذ
الأول : قوله في عروة بن الزبير لم يدرك أبا ذر فيه نظر
بل الصواب أنه أدركه صغيراً
فقد توفي أبو ذر عام 32
قال ابن المديني : " مات عروة سنة إحدى أو اثنتين وتسعين وعنه سنة
اثنتين وعنه سنة 3 وفيها أرخه أبو نعيم وابن يونس وغيرهما وذكره بن زبر فيمن مات
في سنة 2 ثم في سنة 4 "( انظر تهذيب التهذيب )
وقال مصعب والزبير بن بكار مات وهو بن 67 سنة
قلت لو طرحنا 67 من 94 لكان الناتج 27
فعليه نقول أن عروة كان في الخامسة من عمره عندما توفي أبو ذر
غير أنه سيكون في السابعة أو الثامنة إذا أخذنا بقول ابن المديني
وقال ابن أبي خيثمة كان يوم الجمل بن ثلاث عشرة سنة فاستصغر ومات سنة أربع
أو خمس وتسعين
قلت عام الجمل وقع سنة 36 وعليه تكون ولادة عروة عام 23 ويكون في التاسعة
من عمره عندما وفاة أبي ذر وهذا قريب من قول ابن المديني
وقد اختار هذا القول خليفة بن خياط ( انظر تهذيب التهذيب )
وقال مسلم بن الحجاج في كتاب التمييز :" حج عروة مع عثمان وحفظ عن
أبيه فمن دونهما من الصحابة "
ولا يستقيم قول الداراني إلا مع قول هارون بن محمد مات سنة 99 أو مائة أو
إحدى ومائة
وهذا مخالف لقول الجمهور
وأما قول مصعب الزبيري أنه ولد لست خلون من خلافة عثمان
فقال ابن حجر :" أما ما حكاه عن مصعب من أنه ولد لست خلت من خلافة
عثمان وكان بينه وبين عبد الله عشرون سنة فلا يستقيم لأن عبد الله ولد سنة إحدى من
الهجرة وعثمان ولي الخلافة سنة 23 فيكون بين المولدين على هذا تسع وعشرون سنة
فتأمله فلعله لست سنين خلت من خلافة عمر فيكون بينه وبين أخيه مدة الهجرة عشر سنين
وخلافة أبي بكر سنتين ونصف وستا من خلافة عمر الجملة ثماني عشرة سنة ونصف فتجوز في
لفظ العشرين "
قلت : غير أني أشك في سماعه من أبي ذر
فقد أرسل عن علي كما قال أبو حاتم
هذا مع ادراكه له
المأخذ الثاني على كلام الداراني قوله في جعفر بن عبدالله بن عثمان وثقه
أبو حاتم
وهذا وهم تابع فيه الذهبي
قال الحافظ في اللسان (2/320) " وقوله الذهبي وثقه أبو حاتم وهمٌ ففي
كتاب ابن أبي حاتم أخبرنا عبدالله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إلي سألت أبي عن جعفر فقال
ثقة "انتهى بتصرف
وقال فيه العقيلي (1/200) " في حديثه وهم واضطراب " وهذا جرح لا
يمكن دفعه وقد استنكر عليه العقيلي الحديث الذي نتكلم عليه
وأما ما نقله الداراني ابن كثير من قوله في رواية ابن إسحاق (( إسناده جيدٌ
قوي )) ففيه نظر فخالد بن معدان لم
يسمع من جماعة من الصحابة ولم يعين الصحابي الذي روى عنه ولم يذكر عنه سماعاً
فيحتمل أن يكون من الصحابة الذين لم يسمعهم
الإنتقاد الثاني عشر
قال الدارمي ( 53 ) أخبرنا عبد الله بن صالح حدثني معاوية عن يونس بن ميسرة
عن أبي إدريس الخولاني عن بن غنم قال نزل جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فشق بطنه ثم قال جبريل قلب وكيع فيه أذنان سميعتان وعينان بصيرتان محمد رسول الله
المقفى الحاشر خلقك قيم ولسانك صادق ونفسك مطمئنة قال أبو محمد وكيع يعني شديدا
فقال الداراني ((في إسناده ثلاث علل عبدالله بن صالح ومعاوية بن يحيى ضعيفان
والإرسال ))
قلت معاوية في هذا السند هو ابن صالح وليس ابن يحيى
نعم يونس بن ميسرة يروي عنه معاوية بن يحيى
ولكن معاوية بن صالح يروي عنه أيضاً ( انظر ترجمة يونس في تهذيب الكمال )
وعبدالله بن صالح لا يروي إلا عن معاوية بن صالح ولا يروي عن معاوية بن
يحيى ( انظر ترجمة عبدالله في تهذيب الكمال )
الإنتقاد الثالث عشر
قال الدارمي ( 52 ) أخبرنا عبد الله بن صالح حدثني الليث حدثني يزيد هو بن
عبد الله بن الهاد عن عمرو بن أبي عمرو عن أنس بن مالك قال سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول إني لأول الناس تنشق الأرض عن جمجمتي يوم القيامة ولا فخر وأعطى
لواء الحمد ولا فخر وأنا سيد الناس يوم القيامة ولافخر وأنا أول من يدخل الجنة يوم
القيامة ولا فخر وأتى باب الجنة فآخذ بحلقتها فيقولون من هذا فأقول انا محمد
فيفتحون لي فأدخل فأجد الجبار مستقبلي فاسجد له فيقول أرفع رأسك يا محمد وتكلم
يسمع منك وقل يقبل منك واشفع تشفع فأرفع رأسي فأقول أمتي أمتي يا رب فيقول اذهب
إلى أمتك فمن وجدت في قلبه مثقال حبة من شعير من الإيمان فأدخله الجنة فأذهب فمن
وجدت في قلبه مثقال ذلك أدخلتهم الجنة فأجد الجبار مستقبلي فاسجد له فيقول أرفع
رأسك يا محمد وتكلم يسمع منك وقل يقبل منك واشفع تشفع فأرفع رأسي فأقول أمتي أمتي
يا رب فيقول اذهب إلى أمتك فمن وجدت في قلبه مثقال حبة من خردل من الإيمان فأدخله الجنة
فاذهب فمن وجدت في قلبه مثقال ذلك أدخلتهم الجنة وفرغ من حساب الناس وأدخل من بقي
من أمتي في النار مع أهل النار فيقول أهل النار ما أتغنى عنكم انكم كنتم تعبدون
الله ولا تشركون به شيئا فيقول الجبار فبعزتي لأعتقنهم من النار فيرسل إليهم
فيخرجون من النار وقد امتحشوا فيدخلون في نهر الحياة فينبتون فيه كما تنبت الحبة
في غثاء السيل ويكتب بين أعينهم هؤلاء عتاق الله فيذهب بهم فيدخلون الجنة فيقول
لهم أهل الجنة هؤلاء الجهنميون فيقول الجبار بل هؤلاء عتقاء الجبار
قلت ضعف الداراني سند هذا الحديث عند الدارمي ثم ذكر أن الإمام رواه بسندٍ
حسن
وأقول نعم ظاهر السند الحسن
غير أن بعض ألفاظه يخالف الثابت في الصحيح من أحاديث الشفاعة
أول هذه الألفاظ قوله في آخر من يخرج من النار (( فيقول الجبار فبعزتي
لأعتقنهم من النار فيرسل إليهم فيخرجون من النار ))
قلت الثابت في الصحيح أن هؤلاء يخرجهم الله بقبضته لا أنه يرسل إليهم ولفظ الإرسال
مقتضاه أنه سبحانه يرسل ملائكته وهذا يخالف خبر القبضة صراحةً
وحديث القبضة مروي في صحيح البخاري (7001 ) ومسلم (302) من حديث أبي سعيد
الخدري ولفظ البخاري (( فيقول الجبار: بقيت شفاعتي، فيقبض قبضة من النار ))
وهؤلاء جاءتهم تسميتهم في الحديث بعتقاء الرحمن أو عتقاء الله فدل على أنهم
المقصودون بحديث الدارمي
واللفظ الثاني المخالف لخبر الصحيحين هو قوله (( فيقول لهم أهل الجنة هؤلاء
الجهنميون فيقول الجبار بل هؤلاء عتقاء الجبار ))
والثابت في الصحيحين أن أهل الجنة هم الذين يسمونهم بهذا الإسم _ وهو اسم
عتقاء الله _
بل مفاد خبر الدارمي أن تسمية الجهنميين غير شرعية ولا تجوز لأن الله عز
وجل يردها على أهل الجنة
وقد ثبت في الصحيح ما يشعر بشرعيتها
فقد روى البخاري في صحيحه من حديث أنس 7012 عن النبي صلى الله عليه وسلم
لأنه قال(( ليصيبنَّ أقواماً سفع من النار، بذنوب أصابوها عقوبة، ثم يدخلهم الله الجنة
بفضل رحمته، يقال لهم: الجهنميون))
وروى أيضاً من حديث أنس 6191 أن النبي صلى الله عليه وسلم
(( يخرج قوم من النار بعد ما مسهم منها سفع، فيدخلون الجنة، فيسميهم أهل الجنة:
الجهنميين))
ولم يذكر تلك الزيادة
وحديث المذكور من طريق قتادة عنه وأما حديث الدارمي فمن طريق عمرو بن أبي
عمرو عن أنس
وقتادة ثقة ثبت وعمرو صدوق له أوهام فلا تقبل زيادة عمرو على قتادة
والذي يظهر أن الحمل على عمرو في تلك الألفاظ المنكرة
الإنتقاد الرابع عشر
قال الدارمي [ 89 ] حدثنا عبد الله بن مطيع ثنا هشيم عن أبي عبد الجليل عن
أبي حريز الأزدي قال قال عبد الله بن سلام للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله
انا نجدك يوم القيامة قائما عند ربك وأنت محمارة وجنتاك مستحي من ربك مما أحدثت
أمتك من بعدك
فقال الداراني (( إسناده ضعيف لضعف عبدالله بن ميسرة ويشهد له حديث أبي
هريرة الصحيح انظر مسند الموصلي (6502)
))
قلت في سنده علة لم ينبه لها الداراني وهي الإنقطاع بين أبي حريز الأزدي
وعبدالله بن سلام فالأزدي عامة روايته عن التابعين
وأما خبر أبي هريرة الذي زعم الداراني أنه يشهد لحديث عبدالله بن سلام
فهو حديث (( ألا ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال. أناديهم: ألا
هلم! فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك. فأقول: سحقا سحقا ))
قلت وهذا إنما يشهد لبعض حديث عبدالله بن سلام
وإلا فأين الشاهد لكون النبي صلى الله عليه وسلم ستحمر وجنتاه خجلاً من
إحداث أمته وأن عبدالله بن سلام وجد هذا في التوراة ؟!!
هذا توسع غير مرضي في باب الشواهد من الأستاذ الداراني
الإنتقاد الخامس عشر
قال الدارمي [ 80 ] أخبرنا الحكم بن المبارك ثنا محمد بن سلمة عن بن إسحاق
عن يعقوب بن عتبة عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة قالت رجع
إلي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم من جنازة من البقيع فوجدني وأنا أجد صداعا
وأنا أقول وا رأساه قال بل انا يا عائشة وا رأساه وما ضرك لو مت قبلي لغسلتك
وكفنتك وصليت عليك ودفنتك فقلت لكأني بك والله لو فعلت ذلك لرجعت إلى بيتي فعرست
فيه ببعض نسائك قالت فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بدئ في وجعه الذي مات فيه
فقال الداراني : (( رجاله ثقات غير ابن إسحاق مدلس وقد عنعن لكنه صرح
بالتحديث في رواية البيهقي ))
قلت لقد رجعت إلى السنن الكبرى (3/555) فلم أجد التصريح المذكور
وإنما صرح عند أبي يعلى في المسند (4579)
غير روايته معلولة فقد خولف في سند هذا الحديث ومتنه
فالخبر مروي عند أحمد (25113) والنسائي في الكبرى (7081) من طريق صالح بن
كيسان عن الزهري عن عروة عن عائشة
والسند إلى صالح صحيح ولم يذكر قوله ( وغسلتك ) فدل على أنها زيادة شاذة
انفرد بها ابن إسحاق الصدوق من دون هو أوثق منه
الإنتقاد السادس عشر والسابع
قال الدارمي [ 78 ] أخبرنا خليفة بن خياط ثنا بكر بن سليمان ثنا بن إسحاق حدثني
عبد الله بن عمر بن علي بن عدي عن عبيد مولى الحكم بن أبي العاص عن عبد الله بن
عمرو عن أبي مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال لي رسول الله صلى
الله عليه وسلم إني قد أمرت ان أستغفر لأهل البقيع فانطلق معي فانطلقت معه في جوف
الليل فلما وقف عليهم قال السلام عليكم يا أهل المقابر ليهنكم ما أصبحتم فيه مما
أصبح فيه الناس أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها الآخرة أشد من
الأولى ثم اقبل علي فقال يا أبا مويهبة اني قد أوتيت بمفاتيح خزائن الدنيا والخلد
فيها ثم الجنة فخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي قلت بابي أنت وأمي خذ مفاتيح خزائن
الدنيا والخلد فيها ثم الجنة قال لا والله يا أبو مويهبة لقد اخترت لقاء ربي ثم
استغفر لأهل البقيع ثم انصرف فبدىء رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي مات
فيه
فقال الداراني : إسناده جيد
قلت كيف يكون إسناده جيداً وفيه عبدالله بن عمر بن علي لم يوثقه إلا ابن
حبان وانفرد عنه ابن إسحاق بالرواية فمثله مجهول روايته ضعيفة
ولعل الداراني اعتد بسكوت البخاري في التاريخ وابن أبي حام في الجرح
والتعديل عنه
وليس في هذا أي تقوية للراوي
قال الألباني في السلسلة الضعيفة: (5186)«وجدت عديداً من الرواة
جرحهم (البخاري) في كتابه "الضعفاء الصغير"
وهو مخصص عادة للجرح الشديد)، ومع ذلك سكت عنهم في "التاريخ الكبير".
فهذا مثلا في المجلد الذي بين يدي أَورد فيه (4|2|106): "نصر بن حماد الوراق،
أبو الحارث البجلي، عن الربيع بن صبيح"، وسكت عنه، مع أنه أورده في
"الضعفاء" وقال (ص35): "يتكلمون فيه"».
وقد يسكت أيضاً عن الراوي الثقة، مثل خالد بن مهران الحذاء، وقد أكثر عنه في
صحيحه.
وجاء في الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي (2/378)
(( وقد بينت مراد البخاري أن يذكر كل راوي
وليس مراده أنه ضعيف أو غير ضعيف
وإنما يري كثرة الأسامي ليذكر كل من روى عنه شيئا كثيرا أو قليلا وإن كان
حرفا ))
وقال المزي في تهذيب الكمال _ ترجمة عبدالكريم بن أبي المخارق _ (18/265) : ( قال الحافظ أبومحمد عبدالله
بن أحمد بن سعيد بن يربوع الأشبيلي : بيّن مسلم جرحه في صدر كتابه . وأما البخاري
فلم ينبه من أمره على شيء ، فدلّ أنه عنده على الاحتمال ، لأنه قد قال في التاريخ
:كلّ من لم أُبين فيه جَرْحة فهو على الاحتمال ، وإذا قلت : فيه نظر ، فلا يُحتمل)).
قلت هذا النص غير موجود في النسخة المطبوعة من التاريخ
وإذا بين هذا النص والنصوص السابقة من العلماء أمكننا أن نفهم معنى
الإحتمال المراد في كلام البخاري
فالمقصود في كلام البخاري الضعف المحتمل لهذا جعله مقابلاً لقوله (( فيه
نظر )) وهو من ألفاظ التضعيف الشديد عند البخاري عند جماعة من المحققين
ولو أراد أنه صدوق لجعله مقابلاً للتضعيف مطلقاً
الذي يستخدم فيه البخاري الكثير من الألفاظ مثل (( تكلموا فيه )) و (( ضعيف
الحديث )) و (( يخالف في بعض حديثه ))
وتضعيفه لعدد ممن سكت عليهم يدل على ذلك
فإن قد سكت على قومٍ ثقات
فنقول يجوز أن يكون قد اكتفى بمعرفة أهل العلم لهم
أو يكون في طور الدراسة لحديثهم
وأما ابن أبي حاتم فقد بين منهجه في مقدمة كتابه فقال ((ذكرنا أسامي كثيرة مهملة
من الجرح والتعديل ، كتبناها ليشتمل الكتاب على كل من روي عنه العلم ، رجاء وجود
الجرح والتعديل فيهم ، فنحن ملحقوها بهم من بعد إن شاء الله ))
فدل على أن منهجه الجمع والإستقصاء وأن من سكت عليه لم يجد فيه جرحاً ولا
تعديلاً فلا يلحق بهؤلاء ولا هؤلاء
وقد مشى الذهبي في ميزان الإعتدال على عدم اعتبار سكوت البخاري وأبي حاتم
وقد ذكر في الميزان من الراوة الذين ترجم لهم البخاري وابن حاتم ساكتين
عليهم بالحكم عليهم بالجهالة
فعلى سبيل المثال لا الحصر قوله في عفيف بن عمر (( لا يدرى من هو )) مع
سكوت الشيخين عليه
وكذا حكم على وكيع بن حدس بالجهالة مع سكوت الشيخين عليه وذكر ابن حبان له
في الثقات والأمثلة على ذلك كثيرة يصعب حصرها
وقد جود الداراني سند الحديث رقم (49) (( أنا قائد المرسلين ____)) الحديث
مع أن في سنده صالح بن عطاء بن خباب وقد انفرد ابن حبان بذكره في الثقات ولم يرو
عنه غير جعفر بن ربيعة وهو متعقبٌ بما ذكرت سابقاً
الإنتقاد الثامن عشر
قال الدارمي ( 117 ) أخبرنا محمد بن المبارك ثنا يحيى بن حمزة حدثني أبو
سلمة ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمر يحدث ليس في كتاب ولا سنة فقال ينظر
فيه العابدون من المؤمنين
فقال الداراني : " وهو مرسل ويشهد ما أخرجه الطبراني 2/176 برقم (353)
_ وذكر غير الطبراني _ من طريق أبي خالد الأحمر عن ابن عجلان عن طاووس عن معاذ بن
جبل مرفوعاً
وأخرج الآجري في أخلاق العلماء (ص21 ) والدارمي 155 من طريق حماد بن زيد عن
الصلت بن راشد عن طاووس عن بعض أصحابه عن معاذ موقوفاً
ثم نقل الداراني قول الحافظ في الفتح (13/266_ 267) (( وهو مرسلان يقوي
بعضهما بعضاً ))
قلت انتهى كلام الداراني بتصرف مني مع الإبقاء على جوهر الكلام
وعلى كلام الداراني مآخذ
الأول جعله لخبر الطبراني شاهداً لخبر الدارمي وليس كذلك
فلفظ خبر الطبراني (( لا تعجلوا بالبلية قبل نزولها وقاربوا وسددوا فإن
عجلتم بها قبل نزولها فإنها سيسيل ههنا وههنا ))
وليس في هذا أن العابدين سيعيشون للنظر في هذه النوازل
وأما أثر الدارمي (155) فهذا لفظه عن الصلت بن راشد قال سألت طاوسا عن
مسألة فقال لي كان هذا قلت نعم قال آلله قلت آلله ثم قال ان أصحابنا أخبرونا عن معاذ
بن جبل انه قال يأيها الناس لا تعجلوا بالبلاء قبل نزوله فيذهب بكم هنا وهنا فإنكم
ان لم تعجلوا بالبلاء قبل نزوله لم ينفك المسلمون ان يكون فيهم من إذا سئل سدد
وإذا قال وفق
قلت وهذا موقوف وفي سنده مبهم
ثم وجدت لفظاً عند أبي داود في المراسيل عن معاذ مرفوعاً _ وقد أشار إليه الداراني
_ يطابق اللفظ الموقوف وهو معلولٌ بالوقف كما رأيت سابقاً
فالخلاصة أن الخبر الأصل لا شاهد له إلا من كلام معاذ موقوفاً عليه ولا يصح
إليه ولا يصلح هذا أن يكون شاهداً مقوياً
الإنتقاد العشرون
قال الدارمي 131 أخبرنا قبيصة انا سفيان عن عبد الملك بن أبجر
عن زبيد قال ما سألت إبراهيم عن شيء الا عرفت الكراهية في وجهه
فقال الداراني (( إسناده صحيح ))
قلت بل هو ضعيف فإن في إسناده قبيصة بن عقبة يروي عن سفيان
قال ابن معين كما في سؤالات ابن محرز (516) أبو عاصم وعبدالرزاق وقبيصة
وأبو حذيفة ( يعني في سفيان ) قال : هؤلاء ضعفاء
وجاء في تهذيب التهذيب ((قال حنبل قال أبو عبد الله كان يحيى بن آدم عندنا
أصغر من سمع من سفيان قال وقال يحيى قبيصة أصغر مني بسنتين قلت فما قصة قبيصة في
سفيان فقال أبو عبد الله كان كثير الغلط قلت فغير هذا قال كان صغيرا لا يضبط قلت
فغير سفيان قال كان قبيصة رجلا صالحا ثقة لا بأس به ))
وقال صالح بن محمد كان رجلا صالحا تكلموا في سماعه من سفيان
فإن قيل إن حديثه عن سفيان في الصحيحين
قلت أما أحاديثه عند البخاري عن سفيان فقال فيها الحافظ في هدي الساري
(458) (( وافقه عليها غيره ))
وأما أحاديثه عند مسلم فلم له عند مسلم عن سفيان إلا حديثاً واحداً في
الشواهد والمتابعات في كتاب الجنائز
فمثله لا يخلو القول بتحسين حديثه عن سفيان من تساهل فضلاً عن التصحيح
الإنتقاد الحادي والعشرون
قال الدارمي [ 92 ] حدثنا أبو النعمان ثنا سعيد بن زيد ثنا عمرو بن مالك النكري
حدثنا أبو الجوزاء أوس بن عبد الله قال قحط أهل المدينة قحطا شديدا فشكوا إلى
عائشة فقالت انظروا قبر النبي صلى الله عليه وسلم فاجعلوا منه كووا إلى السماء حتى
لا يكون بينه وبين السماء سقف قال ففعلوا فمطرنا مطرا حتى نبت العشب وسمنت الإبل
حتى تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق
قال الداراني : رجاله ثقات
قلت لم يتكلم عليه الداراني بتصحيح أو تضعيف كما هي عادته والحق أن هذا
الخبر منكر
ففي السند محمد بن الفضل السدوسي وهو مختلط ورغم أن الداقطني قال بأنه لم
يرَ حديثاً منكراً فقد رأى له أبو داود
ففي سؤالات أبي عبيد الآجري لأبي داود السجستاني قال أبو داود: كنت عنده، فحدَّث
عن حماد بن زيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن ماعزاً الأسلمي سأل النبي صلى الله
عليه وسلم عن الصوم في السفر، فقلت له: حمزة الأسلمي، فقال: يا بني ما عز لا يشقى به
جليسه، وكان هذا منه وقت اختلاطه وذهاب عقله
فدل على أنه حدث وقت الإختلاط
ولهذا ذهب ابن حبان حيث قال اختلط في آخر عمر، وتغير حتى كان لا يدري ما
يُحدث به، فوقع في حديثه المناكير الكثيرة فيجب التنكب عن حديثه فيما رواه المتأخرون،
فإذا لم يعلم هذا ترك الكل، ولا يُحتج بشيء منها
وابن حبان إمام لا يتكلم بلا حجة ومن عرف حجة على من لم يعرف
وقال بن أبي حاتم وسمعت أبي يقول اختلط عارم في آخر عمره وزال عقله عمن سمع
منه قبل الاختلاط فسماعه صحيح
قلت مفهوم هذا أن من سمع منه بعد الإختلاط فسماعه غير صحيح
انظر هذا كله في تهذيب تهذيب (5/241)
ونقل محقق تهذيب الكمال نصاً نفيساً من مخطوطة السنن الكبرى للنسائي وهو
قوله في عارم (( كان أحد الثقات قبل أن يختلط )) (26/282)
ولو كان عارم لم يحدث وقت الإختلاط لم يكن لكلام النسائي وأبي حاتم معنى
ومفهوم هذا النص أنه لم يعد بعد الإختلاط ثقةً وهذا يقتضي رد روايته التي
لم نتبين أنها وقعت قبل الإختلاط
وقد وجد العقيلي له حديثاً منكراً
فقد قال العقيلي في كتاب الضعفاء (4 ترجمة رقم 1684) (( قال جدي حججت سنة
خمس عشرة ، ورجعت إلى البصرة وقد تغير عارم فلم أسمع منه بعد شيئاً ))
ثم قال (( وحدثنا محمد بن إسماعيل قال : قام رجل إلى عفان فقال : يا أيا
عثمان حدثنا بحديث حماد بن سلمة عن حميد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( اتقوا النار ولو بشق تمرة ))
فقال له عفان : إن أردته عن حميد عن أنس فاكتر زورقاً بدرهمين ،وانحدر إلى البصرة
يحدثك به عارم عن حميد عن أنس فأما نحن فحدثناه حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن ))
قلت وعفان هذا هو ابن مسلم قال الذهبي في السير (10/250) (( قلت: ما فوق
عفان أحدٌ في الثقة ))
وأعني بالنكارة هنا النكارة الإسنادية
وقال العقيلي في آخر ترجمته (( فمن سمع من عارم قبل الإختلاط فهو أحد ثقات
المسلمين وإنما الكلام فيما بعد الإختلاط ))
وقد أورده الحافظ برهان الدين الحلبي حيث أورده في كتاب(المختلطين) وقال في
(ص391) ((والحكم فيهم أنه يقبل حديث من أخذ عنهم
قبل الاختلاط ولا يقبل حديث من أخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده))
قلت : آخر النص مشكل ولعله يعني من أخذ عنه قبل الإختلاط وبعده
زد على ذلك أن وصفه بزوال العقل يقتضي أن أحاديثه بعد الإختلاط منكرة
وأما قول الحافظ ابن الصلاح في مقدمته عارم محمد بن الفضل اختلط بأخرة، فما
رواه عنه البخاري ومحمد بن يحيى الذهلي وغيرهما من الحفاظ ينبغي أن يكون مأخوذاً
عنه قبل اختلاطه. أ . هـ.
وعقَّب عليه الحافظ العراقي في " التقييد والإيضاح " (462) فقال:
وكذلك ينبغي أن يكون من حدَّث عنه من شيوخ البخاري ومسلم
قلت هذا ساقط فشيوخ البخاري ومسلم ومنهم الدارمي لم يشترطوا الصحة في
مصنفاتهم واحتمال أنهم رووا عنه قبل الإختلاط وبعده قائم
وأما زعم السقاف أن من طعن في عارم فقد طعن في الصحيحين _ انظر الإغاثة 24_
فمثل هذا القول لا يصدر إلا عن جاهل مثله فالشيخان إنما انتقيا من
حديثه ما حدث به قبل الإختلاط
والعلة الثانية سعيد بن زيد بن درهم فهو على ما جاء في تهذيب التهذيب (
2/308)
ثقة عند ابن معين في رواية وقال أحمد لا بأس به ووثقه ابن سعد والعجلي
وسليمان بن حرب وقال البخاري والدارمي (( صدوق حافظ ))
وأما من جرحه فأولهم يحي بن سعيد القطان
قال ابن المديني سمعت يحي بن سعيد القطان يضعف سعيد بن زيد في الحديث جدا
ثم قال قد حدثني وكلمته
قلت إذن القطان أعلم بحال سعيد بن زيد من غيره لالتقائه به وجرحه هنا مفسر
فلا أقل من أن يعتبر عند اصدار الحكم النهائي على سعيد
وقال أبو حاتم الرازي ((ليس بالقوي)) وقاله النسائي أيضا وقال عنه البزار
(( لين ))
وقال الجوزجاني (( يضعفون حديثه وليس بحجة ))
وقال ابن حبان (( كان صدوقا حافظا ممن يخطيء في الأخبار ويهم في الآثار حتى
لا يحتج به اذا انفرد))
وقد أورد الذهبي في ميزان الإعتدال حديثين منكرين لسعيد بن زيد (2/138_139)وذكره ابن الجوزي في الضعفاء
والمتروكين (1395) كما أفاد الشيخ حمدي السلفي في تحقيقه للضعفاء والمجروحين لابن
حبان
وقال العقيلي في الضعفاء (2/467) حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال سألت
يحيى بن معين عن سعيد بن زيد فقال ضعيف
قلت و محمد بن عثمان بن أبي شيبة له تواريخ معتمدة عند جمع من أهل العلم
ولم أرَ من يردها
وأما ما ورد في بعض تراجمه من نعت بعض الأئمة له بالكذاب ، فهذا كله مروي
من طريق أبو العباس بن عقدة ( انظر تاريخ بغداد (3/257) ط دار الكتب العلمية )
وقد صرح أبو بكر عبدان ، بأن ابن عقدة لا يقبل منه ما ينقله عن الشيوخ في
الجرح ( انظر سؤالات السهمي (166) )
وقد ذكر ابن حبان محمد بن عثمان بن أبي شيبة في الثقات ( انظر لسان الميزان
6/343)
وعوداً على البدء نقول تفرد مثل سعيد بن زيد بهذا الخبر المنكر مردود ووجه النكارة
في متنه أن السيدة عائشة أبقت بيتها بلا سقف وقد أمطرت السماء مطراً شديداً وهذا
يقتضي أن يكون بيتها قد غرق !!!
قال شيخ الإسلام في "مختصر الرد على البكري" (ص68-69): ((وما روي
عن عائشة
- رضى الله عنها - من فتح الكوة من قبره إلى السماء لينزل المطر، فليس بصحيح
ولا يثبت إسناده، وإنما نقل ذلك من هو معروف بالكذب.
ومما يبين كذب هذا أنه في مدة حياة عائشة لم يكن للبيت كوة، بل كان بعضه
باقياً كما كان على
عهد النبي r، بعضه
مسقوف وبعضه مكشوف، وكانت الشمس تنزل فيه كما ثبت في "الصحيحين" عن عائشة أن
النبي r كان يصلي العصر والشمس في
حجرتها لم يظهر الفيء بعد.
ولم تزل الحجرة كذلك حتى زاد الوليد بن عبد الملك في
المسجد في إمارته لما زاد الحجر في مسجد الرسول r))
وقول شيخ الإسلام أن ناقل الخبر من المعروفين بالكذب محل نظر
العلة الثالثة عمرو بن مالك النكري
فقد قال ابن عدي (1/402)
"حدَّث عنه عمرو بن مالك قدر عشرة أحاديث غير محفوظة".
قلت وهذا قاطع لمحل النزاع فحديثه عن أبي الجوزاء زد على ذلك أن عمرو بن
مالك الراسبي لا يروي عن أبي الجوزاء فابن عدي يقصد النكري ولا شك
وقد وثق يحيى بن معين عمرو بن مالك في سؤالات ابن الجنيد ترجمة رقم
710 وضعفه البخاري
قال الحافظ ابن حجر في التهذيب (1/336)
(( وقول البخاري : في إسناده نظر، ويختلفون فيه، إنما قاله عقب حديث رواه له – (أي لأبي الجوزاء)- في "التاريخ"
من رواية عمرو بن مالك النكري، والنكري ضعيف عنده))
قال الشيخ عمرو عبد المنعم في هدم المنارة (223) :
فقد أخرج البخاري في "التاريخ الكبير" (2/1/16) في ترجمة أوس بن
عبد الله أبي الجوزاء:
قال لنا مسدد ، عن جعفر بن سليمان، عن عمرو بن مالك النكري، عن أبي الجوزاء
قال: أقمت مع ابن عباس وعائشة اثنتي عشرة سنة ليس من القرآن آية إلا سألتهم عنها.
قال البخاري : " في إسناده نظر".
قلت : ورواة هذا السند محتج بهم إلا النكري هذا، فهو آفة هذا السند
قلت أنا عبد الله الخليفي ولا يقال أن العلة أبو الجوزاء فهو ثقة نقموا عليه
الإرسال ولا يوجد أدنى احتمال للإرسال هنا
وضعفه أحمد أورده عبد الله بن الإمام أحمد – رحمهما الله – في "
المسائل " (ص: 89):
" لم تثبت عندي صلاة التسبيح، وقد اختلفوا في إسناده، لم يثبت عندي، وكأنه
ضعف عمراً بن مالك النكري ".
قلت ولو لم يقل عبد الله بن أحمد هذه اللفظة لاستنبطناها فطريق عبد الله بن
عمرو بن العاص لصلاة التسبيح لا علة فيه إلا عمرو بن مالك
فقد أخرج الخلال – كما في النقد الصحيح للعلائي ص32 قال: قال علي بن سعيد :
سألت أحمد بن حنبل عن صلاة التسبيح، فقال: ما يصح فيها عندي شيء فقلت: حديث عبد الله
بن عمرو؟ قال: كل يرويه عن عمرو بن مالك، يعني فيه مقال
قلت هذا صريح في تضعيفه لعمرو بن مالك فالإمام إنما ضعف حديث صلاة التسبيح
عن دراسه لطرق الحديث فلما سأله السائل عن طريق عبد الله بن عمرو بن العاص أجاب
بأن فيه عمرو بن مالك فلم يقبل تفرده
وقال ابن حبان في مشاهير علماء الأمصار ص155 : وقعت المناكير في حديثه من
رواية ابنه عنه، وهو في نفسه صدوق اللهجة
قلت وتقييد الصدق باللهجة وهي الكلام الدارج يدل على أن الراوي ضعيف
ومما يدل على أنه لم يوثقه من جهة الضبط أنه قال في الثقات "يعتبر
حديثه من غير رواية ابنه"
والإعتبار إنما يكون برواية الضعفاء وأما الثقات فحديثهم محتجٌ به
وأما الذهبي فقد اختلفت أقواله في هذا الراوي وأقربها للصواب قوله في تاريخ
الإسلام(وفيات وحوادث 121_ 140) ص 194 (( بصري صدوق ))
الإنتقاد الثاني والعشرون
قال الدارمي [ 199 ] أخبرنا مروان بن محمد ثنا سعيد عن ربيعة بن يزيد قال
قال معاذ بن جبل يفتح القرآن على الناس حتى يقرأه المرأة والصبي والرجل فيقول الرجل
قد قرأت القرآن فلم اتبع والله لا أقومن به فيهم لعلي اتبع فيقوم به فيهم فلا يتبع
فيقول قد قرأت القرآن فلم اتبع وقد قمت به فيهم فلم اتبع لأحتظرن في بيتي مسجدا
لعلي أتبع فيحتظر في بيته مسجدا فلا يتبع فيقول قد قرأت القرآن فلم اتبع وقمت به
فيهم فلم اتبع وقد احتظرت في بيتي مسجدا فلم اتبع والله لآتينهم بحديث لا يجدونه
في كتاب الله ولم يسمعوه عن رسول الله لعلي اتبع قال معاذ فإياكم وما جاء به فإن
ما جاء به ضلالة
فقال الدارني :" إسناده صحيح
"
قلت بل فيه شبهة إنقطاع قوية فإن ربيعة بن يزيد عامة روايته عن التابعين
وقد طعن الحافظ ابن حجر في سماعه من عبدالله بن عمرو بن العاص وصحح أن بينه وبين
معاوية واسطة فمثل هذا لم يدرك معاذ بن جبل ولا شك لأن وفاته متقدمة على وفاة
معاوية وعبدالله بن عمرو _ رضي الله عنهم _
الإنتقاد الثالث والعشرون
قال الدارمي [ 154 ] حدثنا بشر بن الحكم ثنا عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن
ميمون عن أبيه عن بن عباس قال سألته من رجل أدركه رمضانان فقال أكان أو لم يكن قال
لم يكن بعد قال أترك بلية حتى تنزل قال فدلسنا له رجلا فقال قد كان فقال يطعم من
الأول منهما ثلاثين مسكينا لكل يوم مسكين
فقال الداراني : إسناده صحيح
قلت بل هو حسن في أحسن أحواله وذلك من أجل عبدالعزيز بن محمد الدراوردي
قال أحمد بن حنبل كان معروفا بالطلب وإذا حدث من كتابه فهو صحيح وإذا حدث
من كتب الناس وهم وكان يقرأ من كتبهم فيخطئ وربما قلب حديث عبد الله بن عمر يرويها
عن عبيد الله بن عمرو
وقال أبو زرعة سيء الحفظ ربما حدث من حفظه الشيء فيخطيء
وقال النسائي ليس بالقوي
وقال بن سعد ولد بالمدينة ونشأ بها وسمع بها العلم والأحاديث ولم يزل بها
حتى توفي سنة 187 وكان ثقة كثير الحديث يغلط
وقال بن حبان في الثقات مات في صفر سنة 86 وكان يخطئ
وقال الساجي كان من أهل الصدق والأمانة إلا أنه كثير الوهم
انظر هذا كله في تهذيب التهذيب
وقال ابن معين في _ كما في سؤالات ابن طهمان ص113_ (( الدراوردي حفظه ليس
بشيء وكتابه أصح ))
قلت وقد وثقه جمعٌ غير هؤلاء فمثله حسن الحديث في أحسن أحواله
وقد صحح الداراني حديثه في مواضع عديدة يكفينا التنبيه هنا عن التنبيه
عليها في مواضعها
الإنتقاد الرابع والعشرون
قال الدارمي [ 155 ] أخبرنا عبد الله بن عمران ثنا إسحاق بن سليمان ثنا
العمري عن عبيد بن جريج قال كنت أجلس بمكة إلى بن عمر يوما وإلى بن عباس يوما فما يقول
بن عمر فيما يسأل لا علم لي أكثر مما يفتي به
فقال الداراني : إسناده حسن
قلت بل هو ضعيف من أجل عبدالله بن عمر بن حفص العمري
فقد قال فيه أحمد : كان يزيد في الأسانيد ويخالف وكان رجلا صالحا
وقال ابن معين : صويلح
وضعفه ابن المديني
وكان يحيى القطان لا يحدث عنه
وقال يعقوب بن شيبة : ثقة صدوق في حديثه اضطراب
وقال صالح جزرة : لين مختلط الحديث
وضعفه النسائي
وقال ابن سعد :وكان كثير الحديث يستضعف
وقال أبو حاتم : ((وهو أحب إلي من عبد الله بن نافع يكتب حديثه ولا يحتج به))
وقال العجلي : لا بأس به
وقال ابن حبان : ((كان ممن غلب عليه الصلاح حتى غفل عن الضبط فاستحق الترك))
وقال البخاري : ذاهب الحديث لا أروي عنه شيئاً
قلت : وهذا تضعيف شديد
وقال أبو أحمد الحاكم : (( ليس بالقوي ))
وقال الخليلي : ثقة غير أن الحفاظ لم يرضوا حفظه
قلت : انظر هذه الأقوال كلها في
تهذيب التهذيب ومثله الراجح فيه الضعف لأن هذا هو قول الجمهور والذين عدلوه لم
يحكم له أحد بأنه ثقة مطلقاً وقد رجح الحافظ ابن حجر ضعفه في تقريب التهذيب وهذا
هو الصحيح الذي لا محيد عنه
الإنتقاد الخامس والعشرون
قال الدارمي - أخبرنا مروان بن محمد ثنا سعيد بن بشير عن قتادة قال : حدث
بن سيرين رجلا بحديث عن النبي صلى الله عليه و سلم فقال رجل قال فلان كذا وكذا فقال
بن سيرين أحدثك عن النبي صلى الله عليه و سلم وتقول قال فلان وفلان كذا وكذا لا
أكلمك أبدا
قال حسين سليم أسد : إسناده حسن من أجل سعيد بن بشير
قلت : بل السند ضعيف بل يكاد يكون ضعيفاً جداً وذلك أن سعيد بن بشير قد
تكلموا في روايته عن قتادة خاصة
قال محمد بن عبد الله بن نمير منكر الحديث ليس بشيء ليس بقوي الحديث يروي
عن قتادة المنكرات
قلت وقال الساجي حدث عن قتادة بمناكير
وقال ابن حبان كان رديء الحفظ فاحش الخطأ يروي عن قتادة ما لا يتابع عليه
نقل ذلك الحافظ في التهذيب وهذا يقتضي ضعف روايته عن قتادة خاصة والله أعلم
الإنتقاد السادس والعشرون
- قال الدارمي أخبرنا سعيد بن عامر أخبرنا به حميد بن الأسود عن عيسى قال سمعت
الشعبى يقول : إنما كان يطلب هذا العلم من اجتمعت فيه خصلتان : العقل والنسك ، فإن
كان ناسكا ولم يكن عاقلا قال هذا أمر لا يناله إلا العقلاء فلم يطلبه ، وإن كان
عاقلا ولم يكن ناسكا قال هذا أمر لا يناله إلا النساك فلم يطلبه. فقال الشعبى :
ولقد رهبت أن يكون يطلبه اليوم من ليست فيه واحدة منهما لا عقل ولا نسك.
قال الداراني : " إسناده صحيح
"
قلت : هذا من أعجب أوهام الأستاذ الداراني فإن السند ضعيفٌ جداً فعيسى بن
أبي عيسى الحناط متروك
ولعل الداراني ظن أنه عيسى بن أبي عزة وليس كذلك فإن حميد بن الأسود لا
يروي إلا عن الحناط
الإنتقاد السابع والعشرون
أورد الدارمي أثر اً عن ابن عمر من طريق حيوة بن شريح أخبرني أبو صخر قال
حدثني نافع أن ابن عمر : جاءه رجل فقال إن فلانا يقرأ عليك السلام فقال له إنه بلغني
أنه قد أحدث فإن كان قد أحدث فلا تقرئه مني السلام"
فقال الداراني : " إسناده صحيح
"
قلت : بل غاية أمره أن يكون حسناً فإن أبا صخر حميد بن زياد ضعفه ابن معين
والنسائي _ انظر التهذيب _
وذكره العقيلي في الضعفاء وذكر تضعيف الإمام أحمد له
وانتقد الدارقطني في الإلزامات والتتبع على مسلم اخراج حديثه ووثقه جمع
فمثله غاية أمره أن يكون صدوقاً لا ثقةً صحيح الحديث وقد اكتفى الشيخ الألباني بتحسين
هذا الخبر في صحيح سنن الترمذي
الإنتقاد الثامن والعشرون
قال الدارمي 300 - أخبرنا بشر بن الحكم ثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي
ثنا أبو عمران الجوني عن هرم بن حيان انه قال : إياكم والعالم الفاسق فبلغ عمر بن
الخطاب فكتب إليه وأشفق منها ما العالم الفاسق قال فكتب إليه هرم يا أمير المؤمنين
والله ما أردت به الا الخير يكون إمام يتكلم بالعلم ويعمل بالفسق فيشبه على الناس
فيضلون
قال الداراني : إسناده صحيح
قلت : بل الظاهر أنه منقطع فأبو عمران الجوني لم يدرك عمر بن الخطاب
وهرم بن حيان لم أجد معتبراً وثقه ولا ندري هل أدركه الجوني أم لم يدركه ؟
الإنتقاد التاسع والعشرون
قال الدارمي 321 - أخبرنا بشر بن الحكم ثنا سفيان عن إبراهيم بن ميسرة قال : رأى مجاهد طاوسا في المنام
كأنه في الكعبة يصلي متقنعا والنبي صلى الله عليه و سلم على باب الكعبة فقال له يا
عبد الله اكشف قناعك وأظهر قراءتك قال فكأنه عبره على العلم فانبسط بعد ذلك في
الحديث
قال الداراني : إسناده صحيح غير أنه مرسل
قلت : هذا من أوهام الداراني الطريفة فإنه يعتبر رواية التابعي عن النبي
صلى الله عليه وسلم في المنام مرسلة!!!
وهذا تكلفٌ بارد فإن رؤيا المنام لا ينطبق عليها ما ينطبق على رواية اليقظة
فمجاهد إمام مصدق فيما يقول وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم حقاً فلا يقال أن
الخبر مرسل
الإنتقاد الثلاثون
353 - أخبرنا عبد الله بن يزيد ثنا حيوة قال أخبرني السكن بن أبي كريمة عن عكرمة
مولى بن عباس عن بن عباس : { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات
} قال يرفع الله الذين أوتوا العلم على الذين آمنوا بدرجات
قال الداراني : إسناده صحيح
قلت : بل الظاهر أنه منقطع فإن السكن بن أبي كريمة نسبه أبو حاتم بصرياً
وعكرمة مدني
فلا يعرف للسكن ذهاب للمدينة ولا العكس
وعليه فالخبر في سنده شبهة انقطاع قوية
الإنتقاد الحادي والثلاثون
423 - أخبرنا أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم انا عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه
عن الربيع عن أبي العالية قال : كنا نأتي الرجل لنأخذ عنه فننظر إذا صلى فإن
أحسنها جلسنا إليه وقلنا هو لغيرها أحسن وان أساءها قمنا عنه وقلنا هو لغيرها أسوأ
قال أبو معمر لفظه نحو هذا
قال حسين سليم أسد : إسناده حسن
قلت : بل الأظهر ضعف إسناده قال
ابن حبان فى " الثقات " في ترجمة الربيع بن أنس : (الناس يتقون من حديثه
ما كان من رواية أبى جعفر عنه ، لأن فى أحاديثه عنه اضطرابا كثيراً).
فهذا يوجب ضعف رواية أبي جعفر _ وهو متكلم فيه _ عن الربيع خاصة وهذه منها
الإنتقاد الثاني والثلاثون
قال الدارمي 469 - أخبرنا يزيد انا العوام عن إبراهيم التيمي قال بلغ بن
مسعود أن عند ناس كتابا يعجبون به فلم يزل بهم حتى أتوه به فمحاه ثم قال إنما هلك
أهل الكتاب قبلكم أنهم أقبلوا على كتب علمائهم وتركوا كتاب ربهم
قال الداراني : إسناده صحيح
قلت : بل هو منقطع فإبراهيم التيمي قد طعنوا في سماعه من عائشة فيكون الطعن
في سماعه من ابن مسعود من باب أولى
الإنتقاد الثالث والثلاثون
قال الدارمي [ 476 ] أخبرنا الوليد بن هشام ثنا الحارث بن يزيد الحمصي عن
عمرو بن قيس قال وفدت مع أبي إلى يزيد بن معاوية بحوارين حين توفي معاوية نعزيه ونهنيه
بالخلافة فإذا رجل في مسجدها يقول الا ان من أشراط الساعة ان ترفع الأشرار وتوضع
الأخيار الا ان من أشراط الساعة ان يظهر القول ويحزن العمل الا ان من أشراط الساعة
ان تتلى المثناة فلا يوجد من يغيرها قيل له وما المثناة قال ما استكتب من كتاب غير
القرآن فعليكم بالقرآن فبه هديتم وبه تجزون وعنه تسألون فلم أدر من الرجل فحدثت
هذا الحديث بعد ذلك بحمص فقال لي رجل من القوم أو ما تعرفه قلت لا قال ذلك عبد
الله بن عمرو
قال الداراني : إسناده حسن
قلت : بل سنده ضعيف فالحارث بن يزيد الحمصي روى عنه اثنان فقط ولم يوثقه
معتبر وقال عنه أبو حاتم : " مجهول
"
ومنهج الداراني في إسقاط جهالة الحال برواية اثنين فقط منهج عجيب يقتضي ألا
يكون هناك إلا جهالة عين فقط وهذا يخالف ما عليه جماهير المتقدمين والمتأخرين
الإنتقاد الرابع والثلاثون
قال الدارمي 426 - أخبرنا محمد بن أحمد ثنا سفيان عن هشام بن حجير عن طاوس
قال جاء بشير بن كعب إلى بن عباس فجعل يحدثه فقال بن عباس أعد علي الحديث الأول
قال له بشير ما أدري عرفت حديثي كله وأنكرت هذا أو عرفت هذا وأنكرت حديثي كله فقال
بن عباس انا كنا نحدث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا لم يكن يكذب عليه فلما
ركب الناس الصعب والذلول تركنا الحديث عنه
قال الداراني : إسناده قوي
قلت : بل الظاهر ضعف إسناده من أجل هشام بن حجير فقد وثقه ابن سعد والعجلي
وابن حبان وهؤلاء بابهم السلامة
وقال الساجي : صدوق
وضعفه ابن معين جداً وكذا ضعفه أحمد والقطان
وذكره العقيلي في الضعفاء فمثله أقرب للضعف منه إلى التعديل وإن كنا لا
نثرب على من يحتج بحديثه
الإنتقاد الخامس والثلاثون
قال الدارمي 571 - أخبرنا يزيد بن هارون ثنا الجريري عن عبد الله بن بريدة : أن رجلا من أصحاب النبي صلى
الله عليه و سلم رحل إلى فضالة بن عبيد وهو بمصر فقدم عليه وهو يمد لناقة له فقال
مرحبا قال أما اني لم آتك زائرا ولكن سمعت انا وأنت حديثا من رسول الله صلى الله
عليه و سلم رجوت ان يكون عندك منه علم قال ما هو قال كذا وكذا
قال حسين سليم أسد : إسناده صحيح ، والجريري هو سعيد بن إياس وسماع يزيد بن
هارون قديم
قلت : هذا خلاف نصوص أهل العلم في سماع يزيد بن هارون من الجريري
قال العجلي في الثقات (1/394): " سعيد بن إياس الجريري بصرى ثقة
واختلط بأخرة روى عنه في الاختلاط يزيد بن هارون وابن المبارك وابن أبي عدي كلما
روى عنه مثل هؤلاء الصغار فهو يختلط إنما الصحيح عنه حماد بن سلمة وإسماعيل بن علية
وعبد الأعلى أصحهم سماعا سمع منه قبل أن يختلط بثماني سنين وسفيان الثوري وشعبة
صحيح "
وعليه فإن السند ضعيف
الإنتقاد السادس والثلاثون
قال الدارمي 517 - أخبرنا عمرو بن عاصم ثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن الشعبي
أن بن مسعود قال : أربع يعطاها الرجل بعد موته ثلث ماله إذا كان فيه قبل ذلك لله
مطيعا والولد الصالح يدعو له من بعد موته والسنة الحسنة يسنها الرجل فيعمل بها بعد
موته والمائة إذا شفعوا للرجل شفعوا فيه
قال حسين سليم أسد :" إسناده صحيح إلى عبد الله ولكن مثله لا يقال
بالرأي "
قلت : بل إسناده منقطع فالشعبي لم يسمع من ابن مسعود نص على ذلك أبو حاتم
الرازي في المراسيل ص 160
وقد اعترف الداراني بهذا الإنقطاع في مكان آخر
قال الدارمي 3381 - حدثنا أبو نعيم ثنا أبو عاصم الثقفي حدثنا الشعبي قال
قال عبد الله بن مسعود :" لقي رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم رجلا من
الجن فصارعه فصرعه الإنسي فقال له الإنسي اني لأراك ضئيلا شخيتا كأن ذريعتك ذريعتي
كلب فكذاك أنتم معشر الجن أم أنت من بينهم كذلك قال لا والله إني منهم لضليع ولكن
عاودني الثانية فإن صرعتني علمتك شيئا ينفعك قال نعم قال تقرأ { الله لا إله إلا
هو الحي القيوم } قال نعم قال فإنك لا تقرؤها في بيت إلا خرج منه الشيطان له خبج
كخبج الحمار ثم لا يدخله حتى يصبح قال أبو محمد الضئيل الدقيق والشخيت المهزول
والضليع جيد الأضلاع والخبج الريح
"
قال الداراني :" رجاله ثقات ولكن عامرا الشعبي قال الحاكم والدارقطني
وأبو حاتم : " لم يسمع من ابن مسعود
"
قلت : وهذا حكمٌ صحيح يتسق مع ما قررته سابقاً
الإنتقاد السابع والثلاثون
قال ادارمي 550 - أخبرنا إبراهيم بن إسحاق عن جرير قال قال إبراهيم من رق وجهه
رق علمه قال وكيع عن أبيه عن الشعبي قال من رق وجهه رق علمه
قال الداراني :إسناده صحيح
قلت : بل إسناده منقطع إذ أن جرير بن عبدالحميد من طبقة تلاميذ إبراهيم
النخعي ولا يعروف بالرواية عنه
بل إن جرير ولد بعد وفاة النخعي
فقد نص حنبل بن إسحاق على أن جريراً ولد عام 107 ( انظر ترجمته في تهذيب
التهذيب )
ونص ابو نعيم على أن النخعي توفي عام 96 ( انظر ترجمته في تهذيب التهذيب )
وعليه يكون جرير قد ولد بعد وفاة النخعي ب11 عاماً
الإنتقاد الثامن والثلاثون
قال الدارمي 466 - أخبرنا الحكم بن المبارك وزكريا بن عدي عن عبد الواحد بن
زياد عن ليث عن مجاهد : " أنه كره ان يكتب العلم في الكراريس"
قال الداراني : إسناده ضعيف ولكن يشهد له الأثر السابق برقم 479
قلت : لو رجعت إلى الأثر الشاهد لوجدته من كلام إبراهيم النخعي
وهذا منهج عجيب من الأستاذ الداراني في التقوية إذ لا يلزم من كون النخعي
يرى رأياً أن يذهب مجاهد إلى هذا الرأي حتى تصبح آثار النخعي شاهدةً لآثار مجاهد !!!
الإنتقاد التاسع والثلاثون
قال الدارمي 620 - أخبرنا أبو نعيم حدثنا
المسعودي عن عون قال : قال عبد الله لأصحابه حين قدموا عليه هل تجالسون قالوا ليس نترك
ذاك قال فهل تزاورون قالوا نعم يا أبا عبد الرحمن ان الرجل منا ليفقد أخاه فيمشي
في طلبه إلى أقصى الكوفة حتى يلقاه قال فإنكم لن تزالوا بخير ما فعلتم ذلك
قال الداراني : في إسناده علتان : ضعف عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي
والإنقطاع
قلت : إعلال الخبر بضعف المسعودي لا يسلم للداراني إذ أنه مختلط وليس
ضعيفاً
وأبو نعيم روى عنه قبل الإختلاط كما نص على ذلك الإمام أحمد _ انظر ترجمة
المسعودي في التهذيب _
وأما علة الإنقطاع فمسلمة
الإنتقاد الأربعون
قال الدارمي 652 - أخبرنا محمد بن حميد ثنا سلمة حدثني محمد بن إسحاق حدثني
سلمة بن كهيل ومحمد بن الوليد بن نويفع عن كريب مولى بن عباس عن بن عباس قال بعث
بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقدم عليه فأناخ
بعيره على باب المسجد ثم عقله ثم دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه و سلم جالس
في أصحابه وكان ضمام رجلا جلدا أشعر ذا غديرتين حتى وقف على رسول الله صلى الله
عليه و سلم فقال أيكم بن عبد المطلب فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم أنا بن
عبد المطلب قال محمد قال نعم قال يا بن عبد المطلب إني سائلك ومغلظ في المسألة فلا
تجدن في نفسك قال لا أجد في نفسي فسل عما بدا لك قال إني أنشدك بالله إلهك وإله من
كان قبلك وإله من هو كائن بعدك آلله بعثك إلينا رسولا قال اللهم نعم قال فأنشدك
بالله إلهك وإله من كان قبلك وإله من هو كائن بعدك الله أمرك أن نعبده وحده لا
نشرك به شيئا وأن نخلع هذه الأنداد التي كانت آباؤنا تعبدها من دونه قال اللهم نعم
قال فأنشدك بالله إلهك وإله من كان قبلك وإله من هو كائن بعدك آلله أمرك أن نصلي
هذه الصلوات الخمس قال اللهم نعم ثم جعل يذكر فرائض الإسلام فريضة فريضة الزكاة
والصيام والحج وشرائع الإسلام كلها ويناشده عند كل فريضة كما ناشده في التي قبلها
حتى إذا فرغ قال فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وسأؤدي
هذه الفريضة واجتنب ما نهيتني عنه ثم قال لا أزيد ولا أنقص ثم انصرف إلى بعيره
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم حين ولى إن يصدق ذو العقيصتين يدخل الجنة فأتى
إلى بعيره فأطلق عقاله ثم خرج حتى قدم على قومه فاجتمعوا إليه فكان أول ما تكلم أن
قال بأست اللات والعزى قالوا مه يا ضمام اتق البرص واتق الجنون واتق الجذام قال
ويلكم إنهما والله لا تضران ولا تنفعان إن الله قد بعث رسولا وأنزل عليه كتابا
استنقذكم به مما كنتم فيه وأني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وقد
جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه قال فوالله ما أمسى من ذلك اليوم وفي حاضره
رجل ولا امرأة إلا مسلما قال يقول بن عباس فما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام
بن ثعلبة
قال الداراني : إسناده ضعيف ولكن الحديث صحيح بشواهده
قلت : لا يوجد شواهد لعدد من فقرات هذا كمثل قصة ضمام مع قومه وتعليق ابن
عباس
وفي سند هذا الحديث محمد بن الوليد بن نويفع وقد انفرد بالرواية عنه ابن
إسحاق وانفرد ابن حبان بذكره في الثقات فهو مجهول
ولا ينافي هذا قول الدارقطني فيه : " يعتبر به " _ انظر ترجمته
في التهذيب _
فهذه اللفظة من ألفاظ التليين عند الدارقطني
قال الدارقطني في أحمد بن بشير المخزومي : " ضعيف ، يعتبر به
"
فإن قيل : قد تابعه سلمة بن كهيل في هذا السند
قلت : ذكر سلمة بن كهيل في السند انفرد به محمد بن حميد الرازي وهو ضعيف
وقد روي من طرق أخرى عن ابن إسحاق وليس فيه ذكر سلمة بن كهيل
الإنتقاد الحادي والأربعون
قال الدارمي 655 - حدثنا محمد بن يوسف ثنا سفيان عن منصور والأعمش عن سالم
بن أبي الجعد عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه و سلم قال قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " استقيموا ولن تحصوا واعلموا ان خير أعمالكم الصلاة وقال
الآخر ان من خير أعمالكم الصلاة ولن يحافظ على الوضوء الا مؤمن
"
قال الداراني : إسناده صحيح
قلت : بل إسناده منقطع فسالم لم يسمع من ثوبان
نص على ذلك الإمام البخاري كما في العلل للترمذي ( ورقة 175 نقلاً عن تحقيق
تهذيب الكمال )
وكذا قال يعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتاريخ (3/ 236)
الإنتقاد الثاني والأربعون
قال الدارمي 654 - حدثنا سعيد بن عامر عن شعبة عن أبي إسحاق عن جري النهدي
عن رجل من بني سليم قال عقدهن رسول الله صلى الله عليه و سلم في يدي أو قال عقدهن
في يده ويده في يدي سبحان الله نصف الميزان والحمد لله يملأ الميزان والله أكبر
يملأ ما بين السماء والأرض والوضوء نصف الإيمان والصوم نصف الصبر
قال الداراني : إسناده جيد
قلت : بل إن فيه شبهة انقطاع قوية فإنا لا ندري أسمع جري النهدي من هذا
الرجل من بني سليم أم لم يسمع منه إذ إنه لم يصرح بالسماع منه
الإنتقاد الثالث والأربعون
قال الدارمي 662 - أخبرنا أبو عاصم ثنا ثور بن يزيد ثنا حصين الحميري
أخبرنا أبو سعيد الخير عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من اكتحل
فليوتر من فعل ذلك فقد أحسن ومن لا فلا حرج من استجمر فليوتر من فعل فقد أحسن ومن
لا فلا حرج من أكل فليتخلل فما تخلل فليلفظ وما لاك بلسانه فليبتلع من أتى الغائط
فليستتر فإن لم يجد إلا كثيب رمل فليستدبره فإن الشياطين يتلاعبون بمقاعد بني آدم
من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج
قال الداراني : " إسناده حسن
"
قلت : بل سنده ضعيف فحصين الحميري
تفرد عنه ثور بالرواية وانفرد ابن حبان بذكره في الثقات وقال عنه الذهبي في
الميزان : " لا يعرف " وعليه فإنه مجهول
الإنتقاد الرابع والأربعون
قال الدارمي 706 - أخبرنا يزيد بن هارون انا
جعفر هو بن الحارث عن منصور بن هلال بن يساف عن أبي يحيى عن عبد الله بن عمرو قال
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ويل للأعقاب من النار أسبغوا الوضوء
فقال الداراني : إسناده حسن
ثم ذكر أقوال الجارحين لجعفر بن الحارث الواسطي
ثم قال :" ولكن وثقه أبو حاتم وأبو زرعة وابن حبان والحاكم وهو من
رجال مسلم "
قلت : على كلامه ملاحظات
الأولى : قوله : " وثقه أبو حاتم " وهذا يوهم أنه قال فيه "
ثقة " والصواب أنه قال فيه : "شيخ ليس بحديثه بأس
"
وهذا تعديلٌ منخفض لا يصمد أمام الجروح التي سيأتي ذكرها
الثانية : قوله : " وثقه أبو زرعة " وهذا كمثل سابقه موهم وإلا
فأبو زرعة قال : "لا بأس به عندي"
الثالثة : قوله : " وثقه ابن حبان
" ونعم ! قد ذكره ابن حبان في الثقات ولكنه قد ذكره أيضاً في المجروحين فقال
هناك : " كان ممن يخطىء في الشيء بعد الشيء ولم يكثر خطاؤه حتى صار من
المجروحين في الحقيقة ولكنه ممن لا يحتج به إذا انفرد وهو من الثقات يغرب ممن
يستخير الله فيه"
قلت : فانتهى إلى أنه لا يحتج بانفراده فتأمل !
الرابعة : قوله : " وهو من رجال
مسلم " وهذا وهمٌ محض فإنه ليس من رجال الستة أصلاً وقد ذكره الحافظ في
التهذيب للتمييز _ وقد زعم ابن خلفون أن أبا داود روى له فالله أعلم _
والآن مع أقوال الذين جرحوا جعفر بن الحارث وهم على قمسين قسمٌ ضعفه جداً
وهم
1_ يحيى بن معين حيث قال : " ليس حديثه بشيء وفي موضع آخر ليس بثقة
"
2_ ابن الجارود حيث قال : " ليس بثقة
"
وقسمٌ آخر ضعفه فقط وهم
3_ النسائي
4_ أبو أحمد الحاكم
5_ البخاري
6_ ابن حبان
7_ العقيلي _ انظر الأقوال المذكورة كلها في ترجمة جعفر من تهذيب التهذيب _
فمثله الأرجح فيه التضعيف لأمور
أولها : أن الذين جرحوه أكثر عدداً _ وبعض جروحهم مفسرة _
ثانيها : أن الذين عدلوه معظمهم إنما عدلوه تعديلاً منخفضاً
ثالثها : أن بعض الذين ضعفوه قد ضعفوه تضعيفاً شديداً
وعليه فإن السند ضعيف
الإنتقاد الخامس والأربعون
قال الدارمي 717 - أخبرنا أحمد بن عبد الله ثنا ليث بن سعد عن أبي الزبير
عن سفيان بن عبد الله عن عاصم بن سفيان انهم غزوا غزوة السلاسل فرجعوا إلى معاوية
وعنده أبو أيوب وعقبة بن عامر فقال أبو أيوب سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول من توضأ كما أمر وصلى كما أمر غفر له ما تقدم من عمل أكذاك يا عقبة قال نعم
قال الداراني : " إسناده جيد
"
قلت : سفيان بن عبدالله لم أجد له ترجمةً والذي يظهر أنه مجهول فلا أدري
كيف مشاه الأستاذ الداراني؟ !!
الإنتقاد السادس والأربعون
قال الدارمي 527 - أخبرنا مخلد بن مالك ثنا حجاج بن محمد ثنا شعبة عن
الهيثم عن عاصم بن ضمرة : " انه رأى أناسا يتبعون سعيد بن جبير قال فأراه قال
نهاهم وقال ان صنعكم هذا أو مشيكم هذا مذلة للتابع وفتنة للمتبوع
"
قال الداراني : " إسناده حسن من أجل عاصم بن ضمرة والهيثم بن حبيب
الصيرفي "
قلت : يفهم من هذا أن الهيثم بن
حبيب صدوق فقط والحق أنه ثقة فقد وثقه ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة وذكره ابن
حبان في الثقات ولم يجرحه أحد
والأستاذ الداراني إنما قلد هنا الحافظ في التقريب وقول الحافظ مرجوح ولا
يتمشى مع منهج الأستاذ الداراني الذي يجعل حميد بن زياد ثقةً مع تضعيف جماعة من
أهل العلم له
الإنتقاد السابع والأربعون
558 - أخبرنا محمد بن الصلت ثنا منصور بن أبي الأسود عن أبي إسحاق الشيباني عن
حماد عن إبراهيم قال : يتبع الرجل بعد موته ثلاث خلال صدقة تجري بعده وصلاة ولده عليه
وعلم أفشاه يعمل به بعده
قال الداراني :" إسناده صحيح
"
قلت: حماد هو ابن أبي سليمان والقول بتوثيقه مطلقاً لا يخلو من تساهل فقد
ضعفه جمع من الأئمة
قال أحمد: " مقارب ما روى عنه القدماء سفيان وشعبة وقال أيضا سماع
هشام منه صالح قال ولكن حماد يعني بن سلمة عنده عنه تخليط كثير
"
وقال أبو حاتم : " حماد هو صدوق لا يحتج بحديثه وهو مستقيم في الفقه
فإذا جاء الآثار شوش "
وقال أبو نعيم عن عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت سمعت أبي يقول كان حماد
يقول قال إبراهيم فقلت :" والله إنك لتكذب على إبراهيم وأن إبراهيم ليخطىء
"
وذكره ابن حبان في الثقات وقال : " يخطيء
"
وقال الذهلي :" كثير الخطأ والوهم
"
وقال بن سعد : "كان ضعيفا في الحديث واختلط في آخر أمره وكان مرجئا
"
انظر هذه الأقوال كلها في التهذيب
ونقل ابن رجب في شرح العلل (2/761) عن عثمان البتي قوله : "كان حماد
إذا برأيه أصاب وإذا قال : قال إبراهيم أخطأ
"
وضعفه الدارقطني في العلل (5/166)
فمثله لا يخلو القول بتوثيقه من التساهل بل أحسن أحواله أن يكون حسن الحديث
الإنتقاد الثامن والأربعون
قال الدرامي 121 - أخبرنا مسلم بن إبراهيم ثنا حماد بن زيد المنقري حدثني
أبي قال : جاء رجل يوما إلى ابن عمر فسأله عن شيء لا أدري ما هو فقال له ابن عمر
لا تسأل عما لم يكن فإني سمعت عمر بن الخطاب يلعن من سأل عما لم يكن
قال الداراني : " إسناده جيد
"
قلت : بل إسناده ضعيف فيزيد بن
مسلم الراوي عن ابن عمر انفرد ابن حبان بذكره في الثقات ولم يرو عنه غير ابنه حماد
فهو مجهول وعليه فإن السند ضعيف
الإنتقاد التاسع والأربعون
قال الدارمي751 _ أخبرنا محمد بن الفضل ثنا حماد بن سلمة عن
عطاء بن السائب عن زاذان عن علي ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من ترك
موضع شعره من جنابة لم يصبها الماء فعل بها كذا وكذا من النار قال علي فمن ثم
عاديت رأسي وكان يجز شعره
قلت تكلم الداراني على هذا الحديث كلاماً طويلاً وأجاب على إعلاله باختلاط
عطاء بن السائب بجوابين
الجواب الأول : هو أن حماد روى عنه قبل الإختلاط
الثاني : أن الدارقطني ذكر أن حماداً توبع من قبل شعبة وذلك في العلل
(3/207 )
والجواب الأول غير مستقيم لأن حماداً روى عن عطاء بعد الإختلاط أيضاً
قال الحسن بن علي الحلواني _ كما في التهذيب_ عن علي بن المديني قال: قال وهيب:
(( قدم علينا عطاء بن السائب فقلت كم حملت عن عبيدة يعني السلماني قال أربعين
حديثا قال علي وليس عنده عن عبيدة حرف واحد فقلت علام يحمل ذلك قال على الاختلاط
قال علي وكان أبو عوانة حمل عنه قبل أن يختلط ثم حمل عنه بعد فكان لا يعقل ذا من
ذا وكان حماد بن سلمة ))
قال الحافظ ابن حجر (( فاستفدنا من هذه القصة أن رواية وهيب وحماد وأبي
عوانة عنه في جملة ما يدخل في الاختلاط ))
وأما الجواب الثاني فلا يستقيم أيضاً فقد ذكر الدارقطني نفسه أن ذكر شعبة
إنما هو من تصحيف الراوي ولا حقيقة له
قال الدارقطني":
وكذلك قال الأسود بن عامر عن حماد بن سلمة ورفعه عفان عن حماد بن سلمة
وشعبة عن عطاء وعطاء تغير حفظه والمحفوظ عن عفان عن حماد قال سمعته يذكر عن عطاء
بن السائب فصحفه الراوي فقال شعبة
"
وعليه فإن إعلال الحديث باختلاط عطاء مستقيم وبناءً عليه نقول :" بأن
هذا الإسناد ضعيف "
وقد ضعف الشيخ الألباني هذا الحديث في سلسلة الأحاديث الضعيفة حديث رقم 930
الإنتقاد الخمسون
قال الدارمي 715 - أخبرنا أبو نعيم ثنا يونس عن أبي إسحاق عن عبد خير قال : رأيت عليا توضأ ومسح على
نعلين فوسع ثم قال لولا اني رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فعل كما رأيتموني
فعلت لرأيت ان باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما
قال الداراني : " إسناده صحيح
"
قلت : بل إسناده ضعيف فإن يونس بن أبي إسحاق قد تكلم الإمام أحمد في روايته
عن أبيه خاصة
جاء في التهذيب : " وقال الأثرم سمعت أحمد يضعف حديث يونس عن أبيه
وقال حديث إسرائيل أحب إلي منه
"
ولهذا لم يخرج الإمام مسلم ليونس شيئاً من أحاديثه عن أبيه
فإن قيل : إن الأعمش قد تابعه عند أبي داود 162 وغيره
قلت : هذا لا ينفي ضعف السند هنا وأبو إسحاق السبيعي اختلط _ نص على ذلك
ابن معين كما في ترجمة زهير بن معاوية في التهذيب _
فلا ندري هل سمع الأعمش منه قبل الإختلاط أم بعده والأعمش أيضاً مدلس
والكلام على تدليسه وتحرير القول فيه يطول
وعلى كل حال السند ضعيف
الإنتقاد الحادي والخمسون
662 - أخبرنا أبو عاصم ثنا ثور بن يزيد ثنا حصين الحميري أخبرنا أبو سعيد الخير
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من اكتحل فليوتر من فعل ذلك
فقد أحسن ومن لا فلا حرج من استجمر فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج من أكل
فليتخلل فما تخلل فليلفظ وما لاك بلسانه فليبتلع من أتى الغائط فليستتر فإن لم يجد
إلا كثيب رمل فليستدبره فإن الشياطين يتلاعبون بمقاعد بني آدم من فعل فقد أحسن ومن
لا فلا حرج
قال حسين سليم أسد :" إسناده حسن
"
قلت : بل سنده ضعيف فحصين الحميري نص على جهالته الذهبي في الميزان والحافظ
في التقريب
ولا عجب!
فقد انفرد بالرواية عنه ثور بن يزيد وانفرد ابن حبان بذكره في الثقات
الإنتقاد الثاني والخمسون
قال الدارمي 711 - أخبرنا قبيصة أنبأ سفيان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار
عن بن عباس : أن النبي صلى الله عليه و سلم توضأ مرة مرة ونضح فرجه
قال الداراني : إسناده صحيح
قلت : بل إسناده ضعيف من أجل قبيصة ففي روايته عن سفيان كلام وقد تقدم ذكر
كلمات الأئمة في روايته عن سفيان تحت الإنتقاد رقم 20
ثم إن زيادة : "ونضح فرجه " قد انفرد بها قبيصة عن سفيان فقد روى
هذا الحديث جماعة عن سفيان ولم يذكروا هذه الزيادة وهم
1_ يحيى القطان عند أبي داود (138) الترمذي (42) والنسائي و ابن حبان( 1095 )
2_ عبدالرزاق في المصنف( 128)
3_ محمد بن يوسف عند البخاري (156)
4_ وكيع بن الجراح عند الترمذي (42)
وقد تابع جماعة سفيان عن زيد بن أسلم ولم يذكروا فيه هذه الزيادة وهم
1_ عبدالعزيز بن محمد الداروردي عند ابن حبان (1076) والحاكم (89)
2_محمد بن عجلان عند ابن خزيمة (148) _ وحديثه مفصل _
3_ داود بن قيس عند عبد الرزاق (127)
وعليه تكون زيادة قبيصة منكرة
الإنتقاد الثالث والخمسون
قال الدارمي 691 - أخبرنا عبيد الله بن سعيد ثنا أبو عامر العقدي ثنا كثير
بن زيد حدثني ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه عن جده عن النبي صلى
الله عليه و سلم قال : " لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه
"
قال الداراني : " إسناده حسن
"
قلت : بل الراجح أن سنده ضعيف فربيح بن عبدالرحمن
ذكره ابن حبان في الثقات ولعله لا يعرفه
وقال أحمد : " ليس بالمعروف
"
وقال أبو زرعة : " شيخ " وعبارته هذه ليست بعيدة عن عبارة أحمد
وقال البخاري : " منكر الحديث " وهذا جرحٌ شديد لا يصمد أمامه
تعديل ابن حبان المتساهل في الذين لا يعرفهم
وقال ابن عدي : " أرجو أنه لا بأس به
"
قلت : وقول ابن عدي هذا ليس تعديلاً وإنما يعني به أن الراوي لا يتعمد
الكذب فقط!! فهو إلى الجرح أقرب
وقال ابن عدي عن ابن قيراط: "منكر الحديث عن ثابت وغيره، ولا يتابع،
وأحاديثه أفراد. وأرجو أنه لا بأس به. وهو خير من بشار بن قيراط"
فعلق على ذلك الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (4|577): «ابن
قيراط كذبه أبو زرعة وضعفه غيره. فكأن ابن عدي يعني بقوله أنه "لا بأس
به": من جهة صدقه. أي أنه لا يتعمد الكذب. وإلا لو كان يعني من جهة حفظه
أيضاً، لم يلتق مع أول كلامه "منكر الحديث..."
قلت : فعندنا الآن جرحان جرح البخاري الشديد وجرح ابن عدي وتوثيق متساهل
فالأرجح فيمن كانت هذه حاله الجرح
وخصوصاً وإن ابن عدي قد استنكر عليه هذا الحديث بعينه في الكامل في الضعفاء
الإنتقاد الرابع والخمسون
قال الدارمي 1000 - أخبرنا عبد الله بن سعيد ثنا أبو أسامة عن الجريري عن
أبي عطاف عن أبي هريرة قال : " أربع لا يحرمن على جنب ولا حائض سبحان الله والحمد
لله ولا إله الا الله والله أكبر
"
قال الداراني : " إسناده جيد
"
قلت: بل إسناده ضعيف فإن أبا عطاف هذا هو الأزدي أنفرد الجريري بالرواية
عنه وانفرد ابن حبان بذكره في الثقات وعليه فإنه مجهول
الإنتقاد الخامس والخمسون
قال الدارمي 1004 - أخبرنا أحمد بن حميد ثنا بن المبارك عن بن جريج عن عطاء
قال: "منعت خيرا من ذلك الصلاة المكتوبة " _ يعني السجدة _
قال الداراني : "إسناده ضعيف ابن جريج قد عنعن وهو مدلس
"
قلت : بل إسناده صحيح فرواية ابن جريج عن عطاء بالعنعنة محمولة على الإتصال
قال ابن جريج _ كما في تهذيب التهذيب _ :" إذا قلت قال عطاء فأنا
سمعته منه وإن لم أقل سمعت"
قلت : قوله _ وإن لم أقل سمعت _ صريحٌ في أن روايته عن عطاء لا تحتاج إلى
التصريح بالسماع سواءً عنعن أو أنأن
لهذا فإن أحاديث ابن جريج عن عطاء مخرجة في الصحيحين
انظر على سبيل المثال أحاديث رقم ( 389) و ( 1116) و ( 1602) من صحيح
البخاري
وأحاديث رقم ( 396) و ( 763) و (899) من صحيح مسلم
الإنتقاد السادس والخمسون
قال الدارمي 1017 - حدثنا معاذ بن هانئ عن إبراهيم بن طهمان عن مغيرة عن إبراهيم
قال : " الحائض لا تغسل ثوبها إذا لم يكن فيه دم
"
قال الداراني : " إسناده صحيح
"
قلت : بل إن في سنده كلاماً إذ أن
المغيرة روايته عن إبراهيم منتقدة عند العلماء وإليك طرفاً مما نقله الحافظ في
التهذيب عن العلماء في هذا الشأن
قال ابن فضيل : " كان يدلس وكنا لا نكتب عنه الا ما قال حدثنا إبراهيم
"
وقال أبو حاتم عن أحمد : "حديث مغيرة مدخول عامر ما روى عن إبراهيم
إنما سمعه من حماد ومن يزيد بن الوليد والحارث العكلي وعبيدة وغيرهم
"
قال : "وجعل يضعف حديث مغيرة عن إبراهيم وحده
"
وقال العجلي : " مغيرة ثقة فقيه الحديث الا أنه كان يرسل الحديث عن
إبراهيم فإذا وقف أخبرهم ممن سمعه"
قلت : وعليه فإن السند ضعيف ولا عبرة بمن نفى التدليس عن المغيرة فالمثبت
مقدم على النافي
الإنتقاد السابع والخمسون
قال الدارمي 817 - أخبرنا محمد بن عيسى ثنا عتاب وهو بن بشير الجزري عن
خصيف عن عكرمة عن بن عباس في المستحاضة لم ير بأسا ان يأتيها زوجها
قال الداراني : " إسناده صحيح
"
قلت: بل إسناده ضعيف !!
فعتاب بن بشير الجزري قد تكلموا في روايته عن خصيف خاصة
قال أبو طالب عن أحمد : " أرجو أن لا يكون به بأس روى بآخره أحاديث
منكرة وما أرى أنها الا من قبل خصيف
"
وقال الجوزجاني عن أحمد : " أحاديث عتاب عن خصيف منكرة
"
وقال بن عدي : " روى عن خصيف نسخة فيها أحاديث أنكرت فمنها عن مقسم عن
عائشة حديث الإفك وزاد فيه ألفاظا لم يقلها الا عتاب عن خصيف ومع ذلك فأرجو أن لا بأس
به "
قلت : انظر هذه الأقوال في ترجمة عتاب من التهذيب وقد ضعف عددٌ من الأئمة
عتاباً وخصيفاً مطلقاً فلا أدري كيف جاز للأستاذ الداراني أن يحكم عليهما بأنهما
من الثقات ؟!!
الإنتقاد الثامن والخمسون
قال الدارمي 873 - أخبرنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحارث
عن علي قال : " إذا طهرت المرأة من المحيض ثم رأت بعد الطهر ما يريبها فإنما
هي ركضة من الشيطان في الرحم فإذا رأت مثل الرعاف أو قطرة الدم أو غسالة اللحم
توضأت وضوءها للصلاة ثم تصلي فإن كان دما عبيطا الذي لا خفاء به فلتدع الصلاة قال
أبو محمد سمعت يزيد بن هارون يقول إذا كان أيام المرأة سبعة فرأت الطهر بياضا
فتزوجت ثم رأت الدم ما بينها وبين العشر فالنكاح جائز صحيح فإن رأت الطهر دون
السبع فتزوجت ثم رأت الدم فلا يجوز وهو حيض وسئل عبد الله تقول به قال نعم
"
قال الداراني : " إسناده حسن من أجل الحارث الأعور
"
قلت : بل إسناده ضعيفٌ جداً وفيه علتان
العلة الأولى : أن رواية إسرائيل عن جده أبي إسحاق فيها كلام
قال صالح بن أحمد عن أبيه : " إسرائيل عن أبي إسحاق فيه لين سمع منه
بآخره "
وقال ابن معين : "زكريا وزهير وإسرائيل حديثهم في أبي إسحاق
قريب من السواء إنما أصحاب أبي إسحاق سفيان وشعبة
"
قلت : يعني أنهم سمعوا منه بآخره فقد نص على سماع زهير بن معاوية من أبي
إسحاق بعد الإختلاط _ انظر ترجمة زهير في التهذيب _
ومن هذين النصين من هذين الإمامين نعرف مقام رواية إسرائيل بن يونس عن جده
ولا يتعارض هذا مع ثناء بعض الأئمة على روايته عن جده فإن هذا يخرج على تخريجات
الأول : أن ذلك وقع منهم على سبيل مقارنة روايته عن جده برواية غيره عنه
الثاني : أنهم قصدوا أنه يحفظ حديث جده كما هو سواءً كان غلطاً أو صواباً
ومعلومٌ أن جده قد اختلط فكان يهم
الثالث: أنه سمع من جده قبل الإختلاط وبعده فيكون الثناء متعلقاً بما قد
سمعه قبل الإختلاط
وبهذا تألتف نصوص العلماء ولا تختلف
العلة الثانية : أن في سماع أبي إسحاق من الحارث كلام
العلة الثانية : الحارث الأعور متهم بالكذب
وغاية ما اعتمد عليه معدلوه
ما رواه ابن سعد في الطبقات (6 /168 )عن الشعبي قال : " لقد رأيت
الحسن والحسين يسألان الحارث الأعور عن حديث علي
"
قلت : وهي الرواية لا تصح ففي سندها جابر الجعفي والكلام فيه معروف
ثم إنها لو صحت ما دلت على تعديله فإن مجرد سؤال الحسن والحسين له لا يدل
على أنهما يثقان به بل ربما كان سؤالاً على وجه الإختبار وابن سعد نفسه لم يعتد
بهذه الرواية وضعف الحارث
وإليك أسماء من ضعف الحارث الأعور فمنهم من حكم عليه بالكذب أو حكى اتهامه
بذلك وسكت
وهم
1_ الشعبي
قال مسلم في مقدمة صحيحه ثنا قتيبة ثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي :
"حدثني الحارث الأعور وكان كذاباً
"
2_ إبراهيم النخعي
قال منصور عن إبراهيم : " إن الحارث اتهم" _ كذا في التهذيب _
قال البخاري في التاريخ الكبير 1/273 : قال لنا ابن يونس عن زائدة عن
إبراهيم أنه اتهم الحارث.
3_ أبو إسحاق السبيعي نفسه !!
قال أبو معاوية عن محمد بن شيبة الضبي عن أبي إسحاق : " زعم الحارث
الأعور وكان كذاباً"
4_ علي بن المديني
قال الجوزجاني سألت علي بن المديني عن عاصم والحارث فقال : " مثلك
يسأل عن ذا الحارث كذاب"
5_ السدي
- قال البخاري في التاريخ الكبير( 1/273) : " و قال أبو أسامة
حدثنا مفضل عن مغيرة سمعت السدي حدثنا الحارث وأشهد أنه أحد الكذابين
"
وقسمٌ من الأئمة ضعفوه دون اتهام بالكذب وهم
1_ عبدالرحمن بن مهدي
قال عمرو بن علي الفلاس : " كان يحيى وعبد الرحمن لايحدثان عنه غير أن
يحيى حدثنا يوماً عن شعبة عن أبي إسحاق عن الحارث يعني عن علي : " لايجد عبد
طعم الإيمان حتى يؤمن بالقدر " فقال هذا خطأ من شعبة حدثنا سفيان عن أبي
إسحاق عن الحارث عن عبد الله وهو الصواب
"
2_ أبو زرعة الرازي حيث قال : " لايحتج بحديثه
"
3_ أبو حاتم الرازي حيث قال : "ليس بقوي ولاممن يحتج بحديثه
"
4_ النسائي حيث قال : " ليس بالقوي " وهذا الجرح يقدم على التعديل
المنقول عنه
5_ الدارقطني حيث قال : " ضعيف
"
6_ يحيى بن معين حيث قال : "ضعيف " وهذا الجرح الموافق لما عليه
الجمهور مقدم على التعديل المنقول عنه
7_ ابن سعد حيث قال : "كان له قول سوء وهو ضعيف في روايته
"
وتوسط ابن حبان وابن عدي بين الفريقين فضعفوه جداً
قال ابن حبان : "كان الحارث غالياً في التشيع واهياً في الحديث وهو
الذي روى عن علي قال لي النبي صلى الله عليه وسلم " لاتفتحن على الامام في
الصلاة " رواه الفريابي عن يونس بن
أبي إسحاق عن أبيه عنه وإنما هو قول علي
"
وقال ابن عدي : " عامة ما يرويه غير محفوظ
"
وأبعد أحمد بن صالح المصري النجعة فوثقه _ انظر هذه الأقوال في ترجمة
الحارث من التهذيب _
فمن كانت هذه حاله كيف يحسن حديثه والجارحون له أكثر عدداً وعدة ؟!!
الإنتقاد التاسع والخمسون
قال الدارمي 822 - أخبرنا حجاج بن منهال ثنا حماد عن حميد قال قيل لبكر بن
عبد الله ان الحجاج بن يوسف يقول ان المستحاضة لا يغشاها زوجها قال بكر بن عبد الله
المزني : " الصلاة أعظم حرمة يغشاها زوجها
"
قال الداراني : " إسناده منقطع
"
قلت : بل إسناده صحيح فحميد الطويل
من تلاميذ بكر بن عبدالله المزني والدارمي إنما أورد الأثر من أجل بيان موقف بكر
المزني لا الحجاج بن يوسف الثقفي فإنه غير معتدٍ بفقهه ولا بحديثه
الإنتقاد الستون
قال الدارمي 855 - أخبرنا يعلى ثنا إسماعيل عن عامر قال : "جاءت امرأة
إلى علي تخاصم زوجها طلقها فقالت قد حضت في شهر ثلاث حيض فقال علي لشريح اقض
بينهما قال يا أمير المؤمنين وأنت ها هنا قال اقض بينهما قال يا أمير المؤمنين وأنت
ها هنا قال اقض بينهما فقال ان جاءت من بطانة أهلها ممن يرضى دينه وأمانته تزعم
انها حاضت ثلاث حيض تطهر عند كل قرء وتصلي جاز لها وإلا فلا فقال علي قالون وقالون
بلسان الروم أحسنت "
قال الداراني : " إسناده صحيح
"
قلت : بل إسناده منقطع فعامر هنا هو ابن شراحيل الشعبي الإمام المشهور في
سماعه من علي كلام
وقال الدارقطني في العلل : " لم يسمع الشعبي من علي إلا حرفا واحدا ما
سمع غيره "
قال الحافظ في التهذيب معلقاً على كلام الدارقطني : "كأنه عنى ما
أخرجه البخاري في الرجم عنه عن علي حين رجم المرأة قال رجمتها بسنة النبي صلى الله
عليه وسلم "
الإنتقاد الحادي والستون
قال الدارمي 907 - أخبرنا حجاج ثنا حماد عن
حماد الكوفي : " أن امرأة سألت إبراهيم فقالت إني استحاض فقال عليك بالماء
فانضحيه فإنه يقطع الدم عنك "
قال الداراني : " إسناده صحيح
"
قلت : بل إن في إسناده ضعفاً فحماد الأول هو ابن سلمة بن دينار وحماد
الثاني هو ابن أبي سليمان الفقيه
وقد تكلم الإمام أحمد في رواية حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان خاصة
قال أحمد في حماد بن أبي سليمان : " مقارب ما روى عنه القدماء سفيان
وشعبة وقال أيضا سماع هشام منه صالح قال ولكن حماد يعني بن سلمة عنده عنه تخليط كثير
"
الإنتقاد الثاني والستون
قال الدارمي 991 - أخبرنا محمد بن يزيد البزاز ثنا شريك عن فراس عن عامر :
: الجنب والحائض لا يقرآن القرآن :
قال الداراني : "إسناده حسن من أجل شريك
"
قلت : بل إسناده ضعيف فالبزاز كوفي وفي رواية أهل الكوفة عن شريك كلام
وقال بن حبان :" في الثقات ولي القضاء بواسط سنة 155 ثم ولي الكوفة
بعد ومات بها سنة 7 أو 88 وكان في آخر أمره يخطئ فيما روى تغير عليه وحفظه فسماع المتقدمين
منه ليس فيه تخليط وسماع المتأخرين منه بالكوفة فيه أوهام كثيرة"
وقال العجلي : "بعدما ذكر أنه ثقة إلى آخره وكان صحيح القضاء ومن سمع
منه قديما فحديثه صحيح ومن سمع منه بعدما ولي القضاء ففي سماعه بعض الاختلاط
"
الإنتقاد الثالث والستون
1000 - أخبرنا عبد الله بن سعيد ثنا أبو أسامة عن الجريري عن أبي عطاف عن أبي هريرة
قال : " أربع لا يحرمن على جنب ولا حائض سبحان الله والحمد لله ولا إله الا
الله والله أكبر "
قال الداراني :" إسناده جيد
"
قلت : بل إسناده ضعيف فأبو عطاف الأزدي انفرد بالرواية عنه الجريري وذكره
ابن حبان في الثقات
الإنتقاد الرابع والستون
قال الدارمي1052 - حدثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن سلمة عن أبي عمران
الجوني عن يزيد بن بابنوس عن عائشة قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه و
سلم يتوشحني وأنا حائض ويصيب من رأسي وبيني وبينه ثوب
"
قال الدارني : "إسناده صحيح
"
قلت : بل غايته أن يكون حسناً
فيزيد بن بابنوس انفرد بالرواية عنه أبو عمران الجوني وذكره ابن حبان في الثقات
وقال الدارقطني : " لا بأس به
"
وقال ابن عدي : " روى عن عائشة أحاديث مشاهير " وهذا ليس تعديلاً
صريحاً فضلاً عن أن يكون تعديلاً عالياً وعليه فهو حسن الحديث لقول الدارقطني فيه
الإنتقاد الخامس والستون
قال الدارمي 1072 - حدثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن كثير بن شنظير
عن الحسن : " انه سئل عن امرأة حائض شربت من ماء أيتوضأ به فضحك وقال نعم
"
قال الداراني : " إسناده صحيح
"
قلت : كثير بن شنظير ضعفه جمعٌ من الأئمة وهم
1_ يحيى بن معين فقد نقل عنه الدوري قوله فيه : " ليس بشيء " ووثقه
في رواية الدارمي فلعله ما عنى إلا أنه قليل الرواية وقال في رواية إسحاق بن منصور :
"صالح"
2_ أبو زرعة الرازي حيث قال : "لين
"
3_ النسائي حيث قال : "ليس بالقوي
"
4_ يحيى بن سعيد القطان لم يكن يكتب عنه
5_ أحمد بن حنبل حيث سئل فيما نقل عنه الأثرم عن كثير بن شنظير هو صحيح الحديث
أو قيل ثبت الحديث ؟ قال :"لا ثم قال كلاما معناه يكتب حديثه"
6_ وقال الساجي : " صدوق وفيه بعض الضعف ليس بذاك ويحتمل لصدقه
"
7_ ابن حبان حيث قال في الضعفاء والمجروحين (2/222) : " كثير بن شنظير
كان كثير الخطأ على قلة روايته ، ممن يروي عن المشاهير أشياء مناكير حتى خرج بها
عن حد الإحتجاج إلا فيما وافق فيه الثقات
"
قلت : هذا الجرح من ابن حبان شافي
وأما الذين وثقوه فهم
1_ ابن سعد حيث قال : " كان ثقةً إن شاء الله
"
2_ابن مهدي حيث كان يروي عنه
3_ ابن عدي حيث قال : " ليس في حديثه شيء من المنكر
"
4_ الدارقطني حيث قال عندما سئل عنه : " ما يحدث عنه حماد بن زيد ونظراؤه
فليس به بأس " _ انظر سؤالات ابن بكير ص37_
قلت : هذا تعديل لبعض مروياته دون
بعض وخبره هنا يرويه عنه حماد بن زيد ويعارضه الجروح المتقدمة فلا أدري كيف حكم
الأستاذ الداراني على هذا الراوي الذي فاق عدد جارحيه عدد موثقيه بأنه ثقةٌ مطلقاً
؟!!
تنبيه : الأقوال غير المعزوة مأخوذة من التهذيب
الإنتقاد السادس والستون
قال الدارمي 1083 - أخبرنا المعلى بن أسد ثنا عبد الواحد هو بن زياد ثنا الحجاج
بن أرطاة قال سألت عطاء وميمون بن مهران وحدثني حماد عن إبراهيم قالوا : " لا
يغشاها حتى تغتسل "
قال الداراني : " أثر صحيح
"
قلت : هذا التصحيح عجيبٌ من الأستاذ الداراني ولعله سبق قلم وذلك لأنه
اعتاد في تعليقه هذا على تضعيف مرويات الحجاج بن أرطأة
انظر على سبيل المثال الأثر رقم 878
ثم فجأةً يصبح الحجاج ثقةً !!
قال الدارمي 1119 - أخبرنا مسلم بن إبراهيم ثنا وهيب ثنا عبد الله بن عثمان
بن خثيم عن بن سابط قال سألت حفصة بنت عبد الرحمن هو بن أبي بكر قلت لها إني أريد
أن أسألك عن شيء وأنا أستحيي أن أسألك عنه قالت سل يا بن أخي عما بدا لك قال أسألك
عن إتيان النساء في أدبارهن فقالت حدثتني أم سلمة :" قالت كانت الأنصار لا
تجبي وكانت المهاجرون تجبي فتزوج رجل من المهاجرين امرأة من الأنصار فجباها فأبت
الأنصارية فأتت أم سلمة فذكرت لها فلما أن جاء النبي صلى الله عليه و سلم استحيت
الأنصارية وخرجت فذكرت ذلك أم سلمة للنبي صلى الله عليه و سلم فقال ادعوها لي
فدعيت له فقال لها { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } صماما واحدا والصمام
السبيل الواحد "
قال الداراني : "إسناده صحيح
"
قلت : ابن خثيم فيه كلام فقد ضعفه جمع من الأئمة
1_ ابن معين حيث قال فيما نقله عنه الدورقي : " أحاديثه ليست بالقوية
" ونقل غير الدورقي عن ابن معين تقويته
2_ النسائي حيث قال : " ليس بالقوي
"
3_ العقيلي حيث أورده في الضعفاء واستنكر عليه حديثاً وذكر أن يحيى القطان وابن
مهدي لم يكونا يحدثان عنه ونقل غيره عنهما التحديث عنه
4_ الدارقطني حيث قال : " ضعيف " _ انظر التتبع ص352_
5_ علي بن المديني حيث قال : " منكر الحديث
"
وأما الذين وثقوه فهم
1_ العجلي
2_ ابن سعد
3_ ابن حبان حيث ذكره في الثقات وقال : " يخطيء
"
قلت : وقد قال فيه ابن عدي : " أحاديثه حسان " وقد يظن أن هذه
اللفظة تعديل والحق أنها ليست كذلك فابن عدي يعني بها الغرائب
فقد قال في ترجمة بكر بن بكار : " ولبكر بن بكار أحاديث حسان غرائب
صالحة وهو ممن يكتب حديث وليس حديثه بالمنكر جداً
"
بل قال في ترجمة الحارث بن نبهان : " وللحارث هذا غير ما ذكرت أحاديث
حسان وهو ممن يكتب حديثه " ومعلومٌ أنه يورد في ترجمة الراوي المناكير التي
من أجلها ضعفوه والحارث ضعفه غير واحد جداً
وعليه فإن عبدالله بن عثمان بن خثيم لا يبعد القول بتضعيفه وأما توثيقه
مطلقاً كما فعل الأستاذ الداراني فتساهلٌ متجاوزٌ للحد
الإنتقاد الثامن والستون
قال الدارمي 1127 - أخبرنا خليفة بن خياط ثنا عبد الوهاب ثنا خالد عن عكرمة
قال : " كان أهل الجاهلية يصنعون في الحائض نحوا من صنيع المجوس فذكر ذلك للنبي
صلى الله عليه و سلم فنزلت { ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في
المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن } فلم يزدد الأمر فيهن إلا شدة
"
قال الداراني : "إسناده صحيح
"
قلت : بل هو مرسل فإن عكرمة لا يذكر رأياً شخصياً له ، بل هو يذكر خبراً عن
النبي صلى الله عليه وسلم
الإنتقاد التاسع والستون
قال الدارمي 1136 - أخبرنا أبو نعيم عن حماد بن سلمة عن حكيم الأثرم عن أبي
تميمة الهجيمي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم : " من أتى حائضا أو
امرأة في دبرها أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل الله على محمد
"
قال الداراني : " إسناده صحيح " ثم ذكر طعن البخاري في سماع أبي تميمة
من أبي هريرة وأجاب عليه بما مفاده أن هذا ناتجٌ عن مذهب البخاري في السند المعنعن
والذي يخالفه الأستاذ الداراني
والحق أن طعن البخاري في سماع أبي تميمة من أبي هريرة غايةٌ في الوجاهة
فأبو تميمة مات عام 95 ومات أبو هريرة عام 57
وعلى هذا نجد بين الوفاتين 35 عاماً وهذا يجعل السماع ممكناً جداً !
ولكن هذا الإمكان يضعف إذا علمت أن طريف بن مجالد ( وهو أبو تميمة ) قد تم إحضاره
من اليمن إلى البصرة وهو صبي _ ولا ندري كم كان عمره آنذاك _
وقد عاش حياته في البصرة بيد أن أبا هريرة عاش سنواته الأخيرة في المدينة بدليل
قول بعضهم أنه صلى على عائشة ولا نعرف لأبي تميمة رحلةً إلى المدينة
وعلى هذا يكون طعن البخاري في سماع أبي تميمة من أبي هريرة وجيهاً
الإنتقاد السبعون
قال الدارمي
1138 - أخبرنا أبو النعمان ثنا وهيب عن داود عن عكرمة عن بن عباس : "انه كان
يكره آتيان الرجل امرأته في دبرها ويعيبه عيبا شديدا"
قال الداراني :" إسناده صحيح
"
قلت : بل هو ضعيف فرواية داود بن الحصين عن عكرمة فيها كلام
وقال علي بن المديني : "ما روى عن عكرمة فمنكر
"
وقال أبو داود :" أحاديثه عن شيوخه مستقيمة وأحاديثه عن عكرمة مناكير
"
الإنتقاد الحادي والسبعون
قال الدارمي 1140 - أخبرنا عبيد الله بن موسى عن سفيان عن سهيل بن أبي صالح
عن الحارث بن مخلد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " من أتى
امرأته في دبرها لم ينظر الله تعالى إليه يوم القيامة
"
قال الداراني : " إسناده جيد"
قلت : بل إسناده ضعيف فالحارث بن مخلد انفرد ابن حبان بتوثيقه وانفرد
بالرواية عنه سهيل وقال البزار : " ليس بالمشهور
"
فأعدل الأقوال فيه ما قاله ابن القطان الفاسي : " مجهول الحال
"
الإنتقاد الثاني والسبعون
قال الدارمي 1032 - أخبرنا خالد بن مخلد ثنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم قال :
" سأل رجل رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال ما يحل لي من امرأتي وهي حائض
قال لتشد عليها إزارها ثم شانك بأعلاها
"
قال الداراني : " إسناده معضل
"
قلت : بل هو مرسل فزيد بن أسلم من أواسط التابعين ذكره الحافظ ابن حجر في
التقريب في الطبقة الثالثة
وقد حكم الأستاذ الداراني على رواية أبي صالح السمان عن النبي صلى الله
عليه وسلم بأنها مرسلة ( انظر الحديث رقم 17 ) وهو من الطبقة الثالثة أيضاً
الإنتقاد الثالث والسبعون
قال الدارمي 1157 - حدثنا حجاج ثنا عبيد الله عن أسامة بن زيد عن سعيد بن
أبي سعيد المقبري عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه و سلم قالت : " جاءت امرأة
إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقالت اني أشد ضفر رأسي أو عقدة قال احفني على رأسك
ثلاث حفنات ثم اغمزي على أثر كل حفنة غمزة
"
قال الداراني : " إسناده صحيح
"
قلت : حكمه منتقدٌ من وجهين
الأول : حكمه على رجال الإسناد بأنهم
ثقات وفي هذا نظر فإن أسامة بن زيد إن كان هو الليثي ففيه كلام ، فقد ضعفه أحمد
وأبو حاتم والنسائي وتركه ابن القطان بآخره وضعفه ابن معين في رواية الدوري وكذا
في سؤالات ابن الجنيد وذكره ابن حبان في الثقات وقال : "يخطيء " واستشهد
به مسلم ووثقه أبو يعلى الموصلي وعلي المديني _ كما في سؤالات محمد بن عثمان _
ويعقوب بن سفيان ودافع عنه ورد على من ضعفه
وقال ابن سعد في الطبقات : " كثير الحديث يستضعف
" ، فمثله غاية أمره أن
يكون حسن الحديث لا صحيح الحديث كما حكم عليه الأستاذ الداراني
الثاني : حكمه على السند بالإتصال وقد طعن عبدالحق الإشبيلي بسماع سعيد من
أم سلمة وقد طعن أبو حاتم في سماعه من عائشة وقد توفيت أم سلمة بعد عائشة بأربع
سنين
الإنتقاد الرابع والسبعون
قال الدارمي 1144 - أخبرنا محمد بن عبد الله
الرقاشي ثنا يزيد بن زريع ثنا محمد بن إسحاق حدثني عبيد الله بن عبد الله بن حصين
الأنصاري حدثني عبد الملك بن عمرو بن قيس رجل من قومي وكان من أسناني حدثني هرم بن
عبد الله قال تذاكرنا شأن النساء في مجلس بني واقف وما يؤتى منهن فقال خزيمة بن
ثابت سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " أيها الناس ان الله لا
يستحيي من الحق لا تأتوا النساء في أعجازهن
"
قال الدارني : " إسناده جيد
"
قلت : بل إسناده ضعيف فعبدالملك بن عمرو مجهول انفرد عبيدالله بالرواية عنه
ولم يوثقه معتبر ، ولهذا الخبر شواهد
الإنتقاد الخامس والسبعون
قال الدارمي 1226 - أخبرنا أبو نعيم ثنا عبد الرحمن هو بن النعمان الأنصاري
حدثني سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة الأنصاري عن أبيه عن كعب قال :" خرج علينا
رسول الله صلى الله عليه و سلم ونحن في المسجد سبعة منا ثلاثة من عربنا وأربعة من
موالينا أو أربعة من عربنا وثلاثة من موالينا قال فخرج علينا النبي صلى الله عليه
و سلم من حجرة حتى جلس إلينا فقال ما يجلسكم ها هنا قلنا انتظار الصلاة قال فنكت
بأصبعه في الأرض ونكس ساعة ثم رفع إلينا رأسه فقال هل تدرون ما يقول ربكم قال قلنا
الله ورسوله أعلم قال انه يقول من صلى الصلاة لوقتها فأقام حدها كان له بها على
عهد أدخله الجنة ومن لم يصل الصلاة لوقتها ولم يقم حدها لم يكن له عندي عهد إن شئت
أدخلته النار وان شئت أدخلته الجنة
"
قال الداراني : " إسناده جيد
"
قلت : بل إسناده ضعيف فإسحاق بن كعب بن عجرة انفرد بالرواية عنه ابنه سعد
وانفرد ابن حبان بذكره في الثقات فمثله يقال فيه : " مجهول
"
الإنتقاد السادس والسبعون
قال الدارمي 1241 - أخبرنا أبو نعيم ثنا زهير عن أبي إسحاق عن عبد الجبار
بن وائل عن أبيه قال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يضع يده اليمنى على
اليسرى قريبا من الرسغ "
قال الداراني :" إسناده صحيح
"
قلت : بل إسناده ضعيف
قال صالح بن أحمد عن أبيه :" زهير فيما روى عن المشائخ ثبت بخ بخ وفي
حديثه عن أبي إسحاق لين سمع منه بآخره
"
وقال أبوزرعة : " ثقة إلا أنه سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط
"
وقال الترمذي في العلل الكبير :" وزهير في أبي إسحاق ليس بذاك لأن
سماعه من أبي إسحاق بأخرة وأبو إسحاق في آخر زمانه كان قد ساء حفظه
"
وعبد الجبار لم يسمع من أبيه نص على ذلك جمعٌ من الحفاظ فقد مات والده وهو
حمل
الإنتقاد السابع والسبعون
قال الدارمي 1315 - أخبرنا أبو الوليد الطيالسي ثنا الليث بن سعيد عن محمد
بن عجلان عن محمد بن يحيى بن حبان عن بن محيريز عن معاوية إن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال :" إني قد بدنت فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود فإني مهما
أسبقكم حين أركع تدركوني حين أرفع ومهما أسبقكم حين أسجد تدركوني حين أرفع
"
قال الداراني :" إسناده حسن
"
قلت : بل إسناده صحيح فمحمد بن عجلان الذي من أجله حسن الداراني السند ثقة
إنما تكلموا في روايته عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة وروايته عن نافع وليست
هذه منها
الإنتقاد الثامن والسبعون
قال الدارمي 1252 - أخبرنا سهل بن حماد ثنا شعبة عن عمرو بن مرة حدثني أبو البختري
عن عبد الرحمن اليحصبي عن وائل الحضرمي انه :" صلى مع رسول الله صلى الله
عليه و سلم فكان يكبر إذا خفض وإذا رفع ويرفع يديه عند التكبير ويسلم عن يمينه وعن
يساره قال قلت حتى يبدو وضح وجهه قال نعم
"
قال الداراني :" إسناده جيد
"
قلت : بل إسناده ضعيف فرحمن بن
اليحصبي روى عنه اثنان ولم يوثقه معتبر ولو كانت الجهالة ترتفع برواية اثنين لما
كان إلا جهالة العين فقط !!
وهذا مذهبٌ غريب
الإنتقاد التاسع والسبعون
قال الدرامي 1311 - أخبرنا يزيد بن هارون انا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن
أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :" إنما جعل الإمام ليؤتم
به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا وإذا قال سمع الله لمن حمده
فقولوا اللهم ربنا لك الحمد وإذا صلى قائما فصلوا قياما وإذا صلى جالسا فصلوا
جلوسا أجمعون "
قال الداراني :" إسناده صحيح
"
قلت : هذا التصحيح وقع سهواً من الأستاذ الداراني فقد جرى في عامة تعليقه
على تحسين هذا السند للكلام المعروف في محمد بن عمرو بن علقمة
وقال ابن أبي خيثمة سئل بن معين عن محمد بن عمرو فقال :" ما زال الناس
ينقون حديثه قيل له وما علة ذلك قال كان يحدث مرة عن أبي سلمة بالشيء من روايته ثم
يحدث به مرة أخرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة
"
قلت : فلو ضعف أحد رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة بهذه
الكلمة لما أبعد
الإنتقاد الثمانون
قال الدارمي 1355 - أخبرنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن سلمة عن داود بن أبي
هند عن زرارة بن أبي أوفى عن تميم الداري قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
:" ان أول ما يحاسب به العبد الصلاة فإن وجد صلاته كاملة كتبت له كاملة وان
كان فيها نقصان قال الله تعالى للملائكة انظروا هل لعبدي من تطوع فأكملوا له ما
نقص من فريضته ثم الزكاة ثم الأعمال على حسب ذلك قال أبو محمد لا أعلم أحدا رفعه
غير حماد قيل لأبي محمد صح هذا قال أي
"
قال الداراني :" إسناده صحيح
"
قلت : بل إسناده منقطع فزرارة لم يسمع من تميم فقد طعن أبو حاتم بسماع
زرارة من عبدالله بن سلام وقد توفي عبد الله بن سلام عام 43
وتميم بن أوس الداري ذهب إلى الشام بعد مقتل عثمان _ رضي الله عن الجميع _
وكان ذلك 35
وزرارة بصري لا يعرف بالرحلة إلى الشام فالطعن بسماعه من تميم أولى من
الطعن بسماع من عبدالله بن سلام
ثم إن الدارمي قد أعله بانفراد حماد برفعه وقد خالفه الأكثر والأوثق
فأوقفوه وقد رد الأستاذ الداراني هذا بأن زيادة حماد ينبغي قبولها لأنها زيادة ثقة
وقد تقدم الرد على مثل هذا الكلام بأن هذا خلاف مذهب الأئمة النقاد
من المتقدمين والمتأخرين وخلاف النظر الصحيح ولا بأس بإعادة شيء منه هنا
قال الإمام ابن خزيمة في صحيحه فيما نقله عنه الحافظ في النكت (2/689)
:"لسنا ندفع أن تكون الزيادة مقبولة من الحفاظ ، ولكنا نقول : إذا تكافأت
الرواة في الحفظ والاتقان فروى حافظ بالأخبار زيادة في خبر قبلت زيادته . فإذا تواردت
الأخبار ، فزاد وليس مثلهم في الحفظ زيادة لم تكن تلك الزيادة مقبولة
"
ونقل الحافظ بعد ذلك عن ابن عبد البر قوله " إنما تقبل الزيادة من
الحافظ إذا ثبت عنه وكان أحفظ وأتقن ممن قصر أو مثله في الحفظ ، لأنه كأنه حديث
آخر مستأنف وأما إذا كانت الزيادة من غير حافظ ، ولا متقن ، فإنها لا يلتفت إليها
"
وفي ص (429) من شرح العلل نقل ابن رجب عن الدارقطني في حديث زاد في إسناده
رجلان ثقتان وخالفهما الثوري، فلم يذكره قال:" لولا أن الثوري خالف لكان
القول قول من زاد فيه؛ لأن زيادة الثقة مقبولة. قال ابن رجب: وهذا تصريح بأنه إنما
يقبل الزيادة إذا لم يخالفه من هو أحفظ منه"
وقال الحافظ في النكت (2/613) :"والحق في هذا أن زيادة الثقة لا تقبل
دائماً ، ومن أطلق ذلك عن الفقهاء والأصوليين ، فلم يصب . وإنما يقبلون ذلك إذا استووا
في الوصف ولم يتعرض بعضهم لنفيها لفظاً ولا معنى .
وممن صرح بذلك الإمام فخر الدين وابن الأيباري شارح البرهان وغيرهما وقال
ابن السمعاني : (( إذا كان راوي الناقصة لا يغفل أو كانت الدواعي تتوفر على نقلها
أو كانوا جماعة لا يجوز عليهم أن يغفلوا عن تلك الزيادة وكان المجلس واحداً فالحق
أن لا يقبل رواية راوي الزيادة هذا الذي ينبغي )) . انتهى"
وقال العلائي في نظم الفرائد (ص201) " ويترجح هذا أيضاً من جهة المعنى
، بأن مدار قبول خبر الواحد على غلبة الظن وعند الخلاف فيما هو مقتضٍ لصحة الحديث
أو لتعليله يرجع إلى قول الأكثر عدداً لبعدهم عن الغلط والسهو ذلك عند التساوي في
الحفظ والإتقان فإن تفارقوا واستوى العدد فإلى قول الأحفظ والأكثر اتقاناً وهذه
قاعدة متفقٌ على العمل بها عند أهل الحديث
"
قلت : وقد كان حماد بن سلمة يخطيء
وقال البيهقي :" هو أحد أئمة المسلمين إلا أنه لما كبر ساء حفظه فلذا
تركه البخاري وأما مسلم فاجتهد وأخرج من حديثه عن ثابت ما سمع منه قبل تغيره وما سوى
حديثه عن ثابت لا يبلغ اثني عشر حديثا أخرجها في الشواهد"
وقال ابن رجب في شرح العلل (1/30) :" وقال أبو عثمان البرذعي : نا
محمد بن يحيى النيسابوري قال : (( قلت لأحمد بن حنبل في علي بن عاصم ، وذكرت له
خطأه ؟ فقال لي أحمد : (( كان حماد بن سلمة يخطئ – وأوما أحمد بيده – خطأ كثيراً ولم
ير بالرواية عنه بأساً ))"
ونقل ابن رجب في(2/43) عن مسلم في التمييز قوله :" وحماد يعد
عندهم إذا حدث عن غير ثابت كحديثه عن قتادة وأيوب ، وداود بن لأبي هند ، والجريري
، ويحيى بن سعيد ، وعمرو بن دينار ، وأشباههم فإنه يخطئ في حديثهم كثيراً ، وغير
حماد
في هؤلاء أثبت عندهم ، كحماد بن زيد ، وعبد الوارث،ويزيد بن زريع
"
ونقل أيضاً عن أحمد قوله في رواية الأثرم :" حماد بن سلمة إذا روى عن
الصغار أخطأ وأشار إلى روايته عن داود بن أبي هند
"
قلت : ورايته هنا عن داود بن أبي هند فمن كان هذا شأنه لا تقبل
زيادته من دون الأكثر عن غير ثابت
الإنتقاد الحادي والثمانون
قال الدارمي 1451 - أخبرنا أبو النعمان ثنا معتمر بن سليمان عن برد حدثني سليمان
بن موسى عن مكحول عن كثير بن مرة الحضرمي عن قيس الجذامي عن نعيم بن همار الغطفاني
عن النبي صلى الله عليه و سلم قال قال الله تعالى :" ابن آدم صل لي أربع
ركعات من أول النهار أكفك آخره
"
قال الداراني :" إسناده حسن
"
قلت : لقد كنت أتمنى لو كان صحيحاً ولكنه ضعيف فقيس الجذامي روى عنه اثنان
ولم يثقه معتبر
فإن قيل : أليس تابعياً كبيراً من كان هذا شأنه فروايته محتملة
قلت : هذا مشروط بعد وجود النكارة في المتن وهذا المتن قد يستغرب
الإنتقاد الثاني والثمانون
1566 - أخبرنا خالد بن مخلد ثنا مالك عن ضمرة عن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد
الله بن عتبة أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير الأنصاري :" ما كان رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقرأ في يوم الجمعة على إثر سورة الجمعة قال هل أتاك
حديث الغاشية "
قال الداراني :" إسناده صحيح
"
قلت : الذي يغلب على الظن أن في
هذه الرواية شبهة انقطاع قوية فعبيد الله مدني والضحاك شامي والنعمان مات في الشام
بعد أن سكنها في زمن معاوية بعد أن كان على الكوفة
فأغلب الظن أن هذا السؤال كان في الشام ولم يسمعه عبيد الله المدني وإنما
نقله بواسطة
الإنتقاد الثالث والثمانون
قال الدارمي 1576 - حدثنا أبو الوليد الطيالسي ثنا ليث هو بن سعد ثنا يزيد
بن أبي حبيب عن عبد الله بن راشد الزوفي عن عبد الله بن أبي مرة الزوفي عن خارجة
بن حذافة العدوي قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال :"
إن الله قد أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم جعله لكم فيما بين صلاة العشاء
إلى أن يطلع الفجر "
قال الداراني :" إسناده حسن " وقد تكلم عليه كلاماً طويلاً
والحق أن السند ضعيف لجهالة عبد الله بن راشد وقد دفع الأستاذ الداراني
القول بجهالته برواية أكثر من واحد عنه
والحق أنه لم يرو عنه إلا اثنين فإن رفع ذلك عنه جهالة العين فإنه لا
يرفع عنه جهالة الحال ومذهب الداراني حقيقته أن ليس هناك إلا جهالة العين ومع ذلك نجده
يقوي روايات مجاهيل العين
وعلى كلامه على هذا الحديث ملاحظات أخرى أدعها طلباً للإختصار
الإنتقاد الرابع والثمانون
قال الدارمي 2157 - أخبرنا محمد بن مهران حدثنا مسكين الحراني عن جعفر بن برقان
عن يزيد بن الأصم عن العباس بن عبد المطلب فقال :" رأيت في المنام كان شمسا
أو قمرا شك أبو جعفر في الأرض ترفع إلى السماء بأشطان شداد فذكر ذلك للنبي صلى
الله عليه و سلم فقال ذاك بن أخيك يعني رسول الله صلى الله عليه و سلم نفسه
"
قال الداراني :" إسناده صحيح
"
قلت : بل الظاهر أن إسناده منقطع فيزيد بن الأصم لا ندري إن كان أدرك
العباس أم لم يدركه ، والأقرب أنه لم يدركه إذ عامة روايته عن ابن عباس وأبي هريرة
وميمونة ولم ذكر أبو حاتم الرازي العباس في شيوخه
الإنتقاد الخامس والثمانون
قال الدارمي 2215 - أخبرنا قبيصة انا سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الله بن
حلام عن عبد الله بن مسعود قال :" رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم امرأة فأعجبته
فأتى سودة وهي تصنع طيبا وعندها نساء فأخلينه فقضى حاجته ثم قال أيما رجل رأى
امرأة تعجبه فليقم إلى أهله فإن معها مثل الذي معها
"
قال الداراني :" إسناده حسن
"
قلت : بل هو معلولٌ بأربع علل
الأولى : أبو إسحاق السبيعي معروفٌ بكثرة الإرسال الخفي ولا نعلم له سماعاً
من ابن حلام فقد يكون أرسل عنه
الثانية : عبد الله بن حلام مجهول انفرد أبو إسحاق بالرواية عنه ولم يوثقه
معتبر
الثالثة : ابن حلام لا ندري إن كان سمع من ابن مسعود أم لم يسمع وقد روى
أبو إسحاق عن جماعة من الصغار الذين لم يسمعوا من ابن مسعود
الرابعة : رواية قبيصة عن سفيان فيها كلام ، وقد تقدم بيانه
الإنتقاد السادس والثمانون
قال الدارمي 2207 - أخبرنا عمرو بن عاصم ثنا حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة
عن عبد الله بن يزيد الخطمي عن عائشة قالت :" كان رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقسم فيعدل ويقول اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلومني فيما تملك ولا أملك
"
قال الداراني :" إسناده صحيح
"
قلت : بل الصواب أنه مرسل فقد أرسله عن أيوب جماعه من الثقات رجح قولهم
الترمذي في سننه وأبو حاتم الرازي في العلل ( 1 / 425 )
وقد تشبث الأستاذ الداراني بالقول بقبول زيادة الثقة مطلقاً وقد تقدم نقض
هذا القول ثم إن في رواية حماد عن أيوب كلاماً معروفاً
قال حنبل عن أحمد :" أسند حماد بن سلمة عن أيوب أحاديث لا يسندها
الناس عنه"
ونقل ابن رجب في(2/43) عن مسلم في التمييز قوله :" وحماد يعد
عندهم إذا حدث عن غير ثابت كحديثه عن قتادة وأيوب ، وداود بن لأبي هند ، والجريري
، ويحيى بن سعيد ، وعمرو بن دينار ، وأشباههم فإنه يخطئ في حديثهم كثيراً ، وغير حماد
في هؤلاء أثبت عندهم ، كحماد بن زيد ، وعبد الوارث،ويزيد بن زريع
"
قلت : فلا يبعد أن يكون أخطأ في
وصل الحديث ، وقد رجح الشيخ الألباني الإرسال في إرواء الغليل حديث رقم 2018
وسأنقل بحثه بتمامه لنفاسته
قال الشيخ :" وعن عائشة ( كان رسو ل الله
( ص ) يقسم بيننا فيعدل ثم يقول : اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما لا
أملك ) رواه أبو داود ) 2 / 222 . / صفحة 82 / ضعيف . أخرجه أبؤ داود (
2134 ) وكذا النسائي ( 2 / 157 ) وفي ( الكبر ى ) ( ق 69 / 2 )
والترمذي ( 1 / 2 1 3 ) والدارمى ( 2 / 144 ) وابن ماجه ( 1 971 ) وإبن حبان ( 1 3
0 5 ) والحاكم ( 2 / 187 ) والبيهقي ( 7 / 298
) وابن أبى شيبة في ( المصنف ) ( 7 / 66 / 1 ) من طرق عن حماد بن سلمة عن
أيوب عن أبى قلابة عن عبد الله بن يزيد عن عائشة به . قلت : وهذا إسناد ظاهره
الصحة ، وعليه جرى الحكم فقال : ( صحيح على شرط مسلم ) . ووافقه الذهبي وابن كثير
كما نقله الأمير الصنعانى في ( الروض الباسم ) ( 83 / 2 ) عن كتابه : ( إرشاد الفقيه )
فقال : إنه حديث صحيح ! لكن المحققين من الأئمة قد أعلوه ، فقال النسائي عقبه : (
أرسله حماد بن زيد ) . وقال الترمذي : ( هكذا رواه غير واحد عن حماد بن سلمة عن
أيوب عن أبى قلابة عن عبد الله بن يزيد عن عائشة أن النبي ( ص ) . ورواه حماد بن
زيد وغير واحد عن أيوب عن أبى قلابة مرسلا : أن النبي ( ص ) كان يقسم ، وهذا أصح
من حديث حماد بن سلمة ) . وأورده ابن أبي حاتم في ( العلل ) ( 1 / 425 ) من طريق حماد
بن سلمة ، ثم قال : ( فسمعت أبا زرعة يقول : ( لا أعلم أحدا تابع حمادا على هذا )
. وأيده ابن أبي حاتم بقوله : ( قلت : روى ابن علية عن أيوب عن أبى قلابة قال :
كان رسول الله يقسم بين نسائه . الحديث ، مرسل ) . قلت : وصله إبن أبى شيبة .
فقد اتفق حماد بن زيد وإسماعيل بن علية على إرساله . وكل منهما أحفظ وأضبط من حماد
بن سلمة ، فروايتهما أرجح عند المخالفة ، لا سيما إذا اجتمعا عليها
"
الإنتقاد السابع والثمانون
قال الدارمي 2438 - حدثنا محمد بن الصلت ثنا حبان بن علي عن يونس وعقيل عن
ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم :" خير الأصحاب أربعة وخير الجيوش أربعة آلاف وخير السرايا أربع مائة وما
بلغ اثنا عشر ألفا فصبروا وصدقوا فغلبوا من قلة
"
قال الدارني :" إسناده حسن
"
قلت : بل هو مرسل ضعيف فعبيد الله تابعي لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم
وحبان بن علي ضعفه الأكثرون وإليك أقوال أئمة الجرح والتعديل فيه مبتدئاً
بأقوال المعدلين
1_ العجلي حيث قال : " كوفي صدوق
"
2_ ابن حبان حيث ذكره في الثقات
3_ البزار حيث قال :" صالح
"
وأما الذين جرحوه فأكتفي بذكر سبعةٍ منهم
1_ يحيى بن معين حيث قال في رواية ابن أبي خيثمة : " ليس حدسثه بشيء
"
2_ علي بن المديني حيث ضعفه وقال : " لا أكتب عنه
"
3_ أبو داود السجستاني حيث قال :" لا أحدث عنهما " يعني لا هو لا
أخوه مندل
4_ البخاري حيث قال :" ليس عندهم بالقوي
"
5_ ابن سعد
6_ النسائي
7_ حيث قال فيه وأخيه : " متروكان
"
فها أنت ترى أن الجمهور على تضعيفه ولم يوثقه إلا من يذكر بالتساهل مع كون توثيقاتهم
منخفضة ، وهناك من ضعفه غير من ذكرت تركت ذكرهم طلباً للإختصار
الإنتقاد الثامن والثمانون
قال الدارمي 2435 - حدثنا سعيد بن عامر عن شعبة عن يعلى بن عطاء عن عمارة
بن حديد عن صخر الغامدي ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :"اللهم بارك لأمتي
في بكورها وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا بعث سرية بعثها من أول النهار
قال فكان هذا الرجل رجلا تاجرا فكان يبعث غلمانه من أول النهار فكثر ماله
"
قال الداراني :" إسناده حسن
"
قلت : بل إسناده ضعيف فعمارة بن حديد لم يرو عنه إلا يعلى بن عطاء ونص أبو
حاتم على جهالته وقال أبو زرعة : " لا أعرفه " ولم يوثقه معتبر
الإنتقاد التاسع والثمانون
قال الدارمي 2424 - أخبرنا أبو الوليد حدثنا ليث بن سعد حدثنا أبو عقيل
زهرة بن معبد عن أبي صالح مولى عثمان قال سمعت عثمان على المنبر وهو يقول :"
إني كنت كتمتكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم كراهية تفرقكم عني
ثم بدا لي ان أحدثكموه ليختار امرؤ لنفسه ما بدا له إني سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول رباط يوم في سبيل الله خير من ألف عام فيما سواه من المنازل
"
قال الداراني :"إسناده جيد
"
قلت : بل إسناده ضعيف فأبو صالح مولى عثمان اسمه الحارث لم يرو عنه إلا
زهرة بن معبد ولم يوثقه معتبر
الإنتقاد التسعون
قال الدارمي 2417 - أخبرنا نعيم بن حماد ثنا بقية بن الوليد عن بحير بن سعد
عن خالد بن معدان عن أبي بحيرية عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم :" الغزو غزوان فأما من غزا ابتغاء وجه الله وأطاع الإمام وأنفق الكريمة
وباشر الشريك واجتنب الفساد فإن نومه ونبهه أجر كله واما من غزا فخرا ورياءا وسمعه
وعصى الإمام وأفسد في الأرض فإنه لا يرجع بالكفاف
"
قال الداراني :"إسناده ضعيف لعنعنة بقية بن الوليد ولكنه صرح بالتحديث
عند أحمد وأبي داود وغيرهما "
قلت : لقد نص الداراني سابقاً على
أن بقية يدلس التسوية ، ومن كانت هذه حاله لا يكتفى بتصريحه بالتحديث من شيخه فقط
، فاكتفاء الأستاذ الداراني بذلك يناقض تماماً نصه على أن بقية يدلس التسوية
الإنتقاد الحادي والتسعون
قال الدارمي 2413 - أخبرنا يزيد بن هارون انا سليمان هو التيمي عن أبي
عثمان عن عامر بن مالك عن صفوان بن أمية عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
:" الطاعون شهادة والغرق شهادة والغزو شهادة والبطن شهادة والنفساء شهادة
"
قال الداراني :" إسناده جيد
"
قلت : بل إسناده ضعيف فعامر بن مالك مجهول انفرد بالرواية عنه أبو عثمان
النهدي ولم يوثقه معتبر
الإنتقاد الثاني والتسعون
2400 - أخبرنا القاسم بن كثير قال سمعت عبد الرحمن بن شريح يحدث عن أبي الصباح محمد
بن شمير عن أبي علي الهمداني عن أبي ريحانة انه :" كان مع رسول الله صلى الله
عليه و سلم في غزوة فسمعه ذات ليلة وهو يقول حرمت النار على عين سهرت في سبيل الله
وحرمت النار على عين دمعت من خشية الله قال وقال الثالثة فنسيتها قال أبو شريح
سمعت من يقول ذاك حرمت النار على عين غضت عن محارم الله أو عين فقئت في سبيل الله
عز وجل "
قال الداراني :" إسناده جيد
"
قلت : بل إسناده ضعيف فمحمد بن شمير المصري تفرد عنه ابن شريح ولم يوثقه
معتبر
الإنتقاد الثالث والتسعون
قال الدارمي 2390 - أخبرنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير
عن أبي سلمة عن عبد الله بن سلام قال :" قعدنا نفر من أصحاب رسول الله صلى الله
عليه و سلم فتذاكرنا فقلنا لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله تعالى لعملناه فأنزل
الله تعالى { سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم يا أيها
الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا } حتى ختمها قال عبد الله فقرأها
علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى ختمها قال أبو سلمة فقرأها علينا بن سلام
قال يحيى فقرأها علينا أبو سلمة وقرأها علينا يحيى وقرأها علينا الأوزاعي وقرأها
علينا محمد "
قال الداراني :" إسناده ضعيف لضعف محمد بن كثير وهو : ابن أبي العطاء
ولكنه لم ينفرد به بل تابعه عليه الوليد بن مسلم فيصح الإسناد
"
قلت : بل إسناده منقطع فأبو سلمة بن عبد الرحمن طعن الإمام أحمد في سماعه
من أبي موسى الأشعري
ووفاة أبي موسى قريبة جداً من وفاة عبد الله بن سلام فعبد الله توفي عام 43
وأما أبو موسى فاختلفوا على وفاته على أقوال فقيل توفي سنة 42 وقيل 44 وقيل
50
وعليه يكون الطعن في سماع أبي سلمة من أبي موسى طعناً في سماعه من عبد الله
بن سلام أيضاً
الإنتقاد الرابع والتسعون
قال الدارمي 2348 - أخبرنا أبو الوليد الطيالسي ثنا حماد بن سلمة عن محمد
بن عمرو عن أبي سلمة عن الشريد قال :"أتيت النبي صلى الله عليه و سلم فقلت إن
على أمي رقبة وإن عندي جارية سوداء نويبية أفتجزىء عنها قال ادع بها فقال أتشهدين
أن لا إله إلا الله قالت نعم قال اعتقها فإنها مؤمنة
"
قال الداراني :"إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو"
قلت : هذا منقطع لأن أبا
سلمة مطعون بسماعه من جمع من الصحابة ولا نعرف تاريخ وفاة الشريد بن سويد حتى نعرف
ما إذا كان معاصراً له أم لا ؟
وقد خولف حماد في الاسناد و المتن فرواه ابن خزيمة في كتاب التوحيد
(ص 122) من طريق محمد بن يحي القطعي حدثنا زياد بن الربيع ثنا محمد بن عمرو بن
علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن محمد بن الشريد جاء بخادمة سوداء عتماء الى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ان أمي جعلت عليها عتق رقبة فهل تجزي
أن أعتق هذه ؟ فقال رسول الله صـلى الله عليه وسلم للخادمة (( أين )) فرفعت برأسها فقالت في
السماء ثم ذكر بقية الحديث
قلت :هذا إسناد يحسن الداراني مثله وأميل الى ترجيح هذه الرواية على
سابقتها لأن حماد بن سلمة في روايته عن غير ثابت شيء مع كونه ثقة ولم يرو له مسلم
ما رواه عن محمد بن عمرو بن علقمة على خلاف زياد بن الربيع فهو من رجال البخاري
ولم يطعن في شيء من مروياته
الإنتقاد الخامس والتسعون
قال الدارمي 2349 - أخبرنا عثمان بن محمد ثنا هشيم انا عبد الله بن أبي
صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :"يمينك
على ما صدقك به صاحبك "
قال الداراني :" إسناده صحيح هشيم صرح بالتحديث
"
قلت : بل هو دون ذلك فعبد الله بن
أبي صالح ويقال عباد ترجم له ابن حبان في المجروحين (2/164) وقال :" عباد بن
أبي صالح السمان يروي عن أبيه روى عنه هشيم وابن جريج يتفرد عن أبيه بما لا أصل له
من حديث أبيه لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد وهو الذي روى عن أبيه عن أبي هريرة عن
النبي "صلى الله عليه وسلم " قال يمينك على ما يصدقك عليه صاحبك أخبرناه
بن خزيمة قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا هشيم قال حدثنا عبد الله بن أبي
صالح عن أبيه وهذا خبر مشهور لعبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن جده عن أبي
هريرة وعبد الله بن سعيد المقبري يقال له عباد أيضا
"
قلت : فكيف يكون ثقةً صحيح الحديث بعد هذا القول من ابن حبان ، وقد روى عنه
شعبة ووثقه يحيى بن معين ( كما في الجرح والتعديل وهو مترجم باسم عباد بن ذكوان )
وذكره ابن عدي في الكامل ونقل عن علي بن المديني قوله فيه : " ليس
بشيء " واستنكر عليه ابن عدي هذا الحديث كما استنكره عليه ابن حبان
وضعفه ابن سعد في الطبقات
الإنتقاد السادس والتسعون
قال الدارمي 1579 - حدثنا عفان حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال سمعت عاصم بن
ضمرة قال :" سمعت عليا يقول إن الوتر ليس بحتم كالصلاة ولكنه سنة فلا تدعوه
"
قال الداراني :"إسناده صحيح إلى علي
"
قلت : بل غايته أن يكون حسناً فعاصم بن ضمرة قد تكلم فيه ابن حبان وابن عدي
قال ابن حبان في المجروحين :" عاصم بن ضمرة السلولي من أهل الكوفة
يروي عن علي روى عنه الحكم بن عتيبة وأبو إسحاق السبيعي كان رديء الحفظ فاحش الخطأ
يرفع عن علي قوله كثيرا فلما فحش ذلك في روايته استحق الترك على أنه أحسن حالا من
الحارث سمعت الحنبلي يقول سمعت أحمد بن زهير يقول سئل يحيى بن معين أيما أحب إليك
الحارث عن علي أو عاصم بن ضمرة عن علي قال عاصم بن ضمرة
"
وقال ابن عدي في الكامل :" وعاصم بن ضمرة لم أذكر له حديثاً لكثرة ما
يروي عن علي مما تفرد به ومما لا يتابعه الثقات عليه والذي يرويه عن عاصم قومٌ من الثقات
البلية فيه من عاصم ليس ممن يروي عنه
"
الإنتقاد السابع والتسعون
قال الدارمي 1586 - أخبرنا مالك بن إسماعيل ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن
سعيد بن جبير عن بن عباس قال :" كان النبي صلى الله عليه و سلم يوتر بثلاث
بسبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد
"
قال الداراني :" إسناده صحيح
"
قلت : بل إسناده منقطع فأبو إسحاق تكلم البخاري في سماعه من سعيد بن جبير
قال البخاري كما في علل الترمذي : " ولا أعرف لأبي إسحاق سماعا من
سعيد بن جبير "
وعادة الداراني في مثل هذا أن يرده بحجة أن البخاري تكلم بهذا بناءً على
مذهبه في السند المعنعن وهو مذهبٌ مردود عند الأستاذ الداراني
والحق أن توقف البخاري في سماع أبي إسحاق من سعيد بن جبير غايةٌ في الوجاهة
، وذلك أن أبا إسحاق قد اشتهر بالإرسال الخفي
فقد رأى المغيرة بن شعبة وحجر بن عدي وابن عمر ولم يسمع منهم شيئاً
وتكلموا في سماعه من ذي الجوشن و علقمة وعطاء بن أبي رباح وخالد بن عرفطة
فمن كان هذا شأنه لا يستبعد أن يرسل عن أي أحد فلا تقبل روايته عن شيخ حتى يثبت
أصل سماعه منه ، وعليه يكون شك البخاري في سماعه من سعيد وجيهاً
ثم وجدت البخاري قد احتج برواية أبي إسحاق عن سعيد في كتاب الإستئذان من صحيحه
وعليه سأبقي هذا التعليق من باب الإفادة العلمية لا أكثر
الإنتقاد الثامن والتسعون
قال الدارامي 1612 - أخبرنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن عثمان بن
المغيرة عن إياس بن أبي رملة قال :" شهدت معاوية يسأل زيد بن أرقم أشهدت مع
النبي صلى الله عليه و سلم عيدين اجتمعا في يوم قال نعم قال فكيف صنع قال صلى العيد
ثم رخص في الجمعة فقال من شاء أن يصلي فليصل
"
قال الداراني : " إسناده جيد
"
قلت : بل إسناده ضعيف فإياس بن أبي رملة انفرد عنه عثمان بن المغيرة
بالرواية ولم يوثقه معتبر
الإنتقاد التاسع والتسعون
قال الدارمي 1636 - أخبرنا سعيد بن منصور ثنا إسماعيل بن زكريا عن الحجاج
بن دينار عن الحكم بن عتيبة عن حجية بن عدي عن علي :" ان العباس سأل رسول
الله صلى الله عليه و سلم عن تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخص في ذلك قال أبو محمد آخذ
به ولا أرى في تعجيل الزكاة بأسا
"
قال الداراني :" إسناده جيد
"
قلت بل إسناده معلول بالإرسال ولا يصح التشبث بقاعدة قبول زيادة الثقة
فالحجاج بن دينار الواسطي متكلمٌ فيه وغاية أمره أن يكون حسن الحديث وقد خالفه منصور
بن زاذان الثقة فرواه عن الحكم عن الحسن بن يناق مرسلاً
ولهذا رجح أبو داود والدارقطني والبيهقي الإرسال كما ذكر ذلك الشيخ
الألباني في الإرواء حديث رقم 857 ووافقهم الشيخ الألباني غير أنه أورد شواهد
للخبر حسنه بها
غير أني لم أجد في هذه الشواهد ذكراً للإستئذان الذي انفردت هذه الرواية
هذا والله أعلم
الإنتقاد المائة والأول بعد المائة
قال الدارمي 2709 - أخبرنا أبو الوليد الطيالسي ثنا حماد بن سلمة عن محمد
بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن سلمة بن أبي الطفيل عن علي قال قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم :" لا تتبع النظرة النظرة فإن الأولى لك والآخرة عليك
"
قال الداراني :" إسناده جيد
"
قلت : بل إسناده ضعيف فسلمة لم يرو عنه إلا اثنان وهذا إن أزال عنه جهالة
العين فليس مزيلاً عنه جهالة الحال
والغريب من الأستاذ الداراني أنه تناقض فلم يرفع الجهالة عن أحد الرواة
الذين روى عنه أكثر من اثنين
قال الدارمي 2329 - أخبرنا يحيى بن حماد ثنا أبان بن يزيد عن قتادة قال كتب
إلي خالد بن عرفطة عن حبيب بن سالم :" ان غلاما كان ينبز قرقورا فوقع على جارية
امرأته فرفع ذلك إلى النعمان بن بشير قال لأقضين فيه بقضاء شاف ان كانت أحلتها له
جلدته مائة وان كانت لم تحل له رجمته فقيل لها زوجك فقالت اني قد أحللتها له فضربه
مائة قال يحيى هو مرفوع "
قال الداراني :" إسناده ضعيف موقوفاً " وأعله بجهالة خالد بن
عرفطة
قلت : وهذا غريبٌ جداً من الأستاذ الداراني فقد تقدم تصحيحه لمرويات الكثير
من المجاهيل ممن لم يرو عنه إلا واحد
وخالد هنا روى عنه ثلاثة _ وهم قتادة أبو بشر وواصل مولى أبي عيينة _ كما
ذكر ذلك الحافظ في التهذيب وذكره ابن حبان في الثقات ، فمثله ينبغي أن يكون صدوقاً
على قاعدة الأستاذ الداراني وإلا كان متناقضاً
الإنتقاد الثاني بعد المائة
قال الدارمي 2834 - أخبرنا محمد بن يزيد القواريري عن معاذ بن هشام عن أبيه
عن عامر الأحول عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال :"إن المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة
كما اشتهى "
قال الداراني :" إسناده صحيح"
قلت : بل غايته أن يكون حسناً فعاصم بن عبد الواحد الأحول ضعفه الإمام أحمد
وقال :" ليس حديثه بشيء " وضعفه النسائي وحميد بن الأسود
ووثقه أبو حاتم الرازي وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن معين :" ليس
به بأس " وقال ابن عدي :" ما أرى رواياته بأساً
"
الإنتقاد الثالث بعد المائة
قال الدارمي 2850 - أخبرنا يزيد بن هارون انا عاصم عن مورق العجلي قال قال
عمر بن الخطاب :"تعلموا الفرائض واللحن والسنن كما تعلمون القرآن
"
قال الداراني :" إسناده صحيح وهو موقوف على عمر رضي الله عنه
"
قلت : بل إسناده منقطع فمورق لم
يدرك عمر بن الخطاب نص على ذلك الذهبي في ترجمة مورق من سير أعلام النبلاء ، ولا
غرابة فمورق العجلي لم يدرك عمر ولا شك فقد ذكروا أنه توفي سنة 105 أو
108 فلو قلنا أنه عاش 70 عاماً فإنه يكون قد ولد عام 35 أي بعد وفاة عمر بإثني عشر
عاماً
الإنتقاد الرابع بعد المائة
قال الدارمي 2881 - حدثنا بشر بن عمر قال سألت بن أبي الزناد عن رجل ترك
بنتا وأختا فقال لابنته النصف ولأخته ما بقي وقال أخبرني أبي عن خارجة بن زيد
:" ان زيد بن ثابت كان يجعل الأخوات مع البنات عصبة لا يجعل لهن الا ما بقي
"
قال الداراني :" إسناده صحيح وقد علقه البخاري في الفرائض
"
قلت : بل في إسناده كلام فابن أبي الزناد الجمهور على تضعيفه
فقد ضعفه الإمام أحمد وابن معين وابن المديني والنسائي وأبو زرعة والساجي
وابن سعد وابن عدي وأبو حمد الحاكم ووثقه العجلي والترمذي
هؤلاء الذين ذكرهم الحافظ في التهذيب وزد عليهم تضعيف أبي حاتم الرازي له
كما في الجرح والتعديل وتضعيف ابن حبان له في كتابه المجروحين
بل تكلموا في رواية العراقيين عنه خاصة _ والراوي عنه هنا بصري _
قال يعقوب بن شيبة :" ثقة صدوق وفي حديثه ضعف سمعت علي بن المديني
يقول حديثه بالمدينة مقارب وما حدث به بالعراق فهو مضطرب
"
وتكلم مالك في روايته عن أبيه خاصة
قال صالح بن محمد :" روى عن أبيه أشياء لم يروها غيره وتكلم فيه مالك
لروايته عن أبيه كتاب السبعة يعني الفقهاء وقال أين كنا عن هذا
"
قلت : فمن كان هذا شأنه كيف يكون صحيح الحديث يا قوم ؟!!
الإنتقاد الخامس بعد المائة
قال الدارمي 2884 - أخبرنا محمد ثنا سفيان عن سليمان التيمي عن أبي مجلز
:" ان عثمان كان يشرك وعلي كان لا يشرك
"
قال الداراني :" إسناده صحيح وأبو مجلز هو : لاحق بن حميد
"
قلت : بل إسناده منقطع فأبو مجلز
قد طعنوا في سماعه من حذيفة وسمرة بل تكلم ابن معين في سماعه من الحسن بن علي فكيف
تكون روايته عن عثمان وعلي متصلة ؟!!
الإنتقاد السادس بعد المائة
قال الدارمي 2885 - حدثنا محمد ثنا سفيان عن بن ذكوان :" ان
زيدا كان يشرك "
قال الداراني :" إسناده صحيح على شرط البخاري وابن ذكوان هو : عبد
الله "
قلت : بل إسناده منقطع فعبد الله بن ذكوان هو أبو الزناد قد تكلموا في
سماعه من أنس وابن عمر فكيف تكون روايته عن زيد بن ثابت متصلة
الإنتقاد السابع بعد المائة
قال الدارمي 3336 - حدثنا أبو نعيم ثنا فطر عن الحكم عن مقسم عن بن عباس
قال :" ما يمنع أحدكم إذا رجع من
سوقه أو من حاجته فاتكأ على فراشه ان يقرأ ثلاث آيات من القرآن
"
قال الداراني :" إسناده صحيح
"
قلت : بل إسناده منقطع فقد نص الإمام أحمد على أن الحكم لم يسمع من مقسم
إلا خمسة أحاديث ، وأقول ليس هذا منها
الإنتقاد الثامن بعد المائة
قال الدارمي 2494 - أخبرنا عمرو بن عون انا عمارة بن زاذان عن ثابت عن أنس
بن مالك :" أن ملك ذي يزن أهدى إلى النبي صلى الله عليه و سلم حلة أخذها بثلاثة
وثلاثين بعيرا أو ثلاث وثلاثين ناقة فقبلها
"
قال الداراني :" إسناده حسن
"
قلت : بل إسناده ضعيف
فقد قال الأثرم عن أحمد في عمارة :" يروي عن ثابت عن أنس أحاديث مناكير"
وأحمد هنا يعني المناكير بالمعنى الإصطلاحي ، وذلك لأن عمارة متكلمٌ فيه
أصلاً وانفراد مثله عن ثابت للأئمة أن يستنكروه
الإنتقاد التاسع بعد المائة
قال الدارامي 1814 - أخبرنا أحمد بن خالد ثنا محمد بن إسحاق عن الزهري عن
محمد بن عبد الله بن نوفل قال :" سمعت عام حج معاوية يسأل سعد بن مالك كيف
تقول بالتمتع بالعمرة إلى الحج قال حسنة جميلة فقال قد كان عمر ينهى عنها فأنت خير
من عمر قال عمر خير مني وقد فعل ذلك النبي صلى الله عليه و سلم وهو خير من عمر
"
قال الداراني :" إسناده جيد"
قلت : كذا جود إسناده مع وجود عنعنة ابن إسحاق والسبب في ذلك أنه وجد للخبر
متابعات عند مالك في الموطأ وغيره
ولو تأمل في هذه المتابعات لوجد أنها تقضي على هذه الرواية بالنكارة
فالرواية في الموطأ وسنن النسائي كذا عن مالك عن ابن شهاب عن محمد بن عبد
الله بن الحرث بن نوفل ابن الحارث بن عبد المطلب أنه حدثه:"
-أنه سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس عام حج معاوية بن أبي سفيان وهما يذكران
أن التمتع بالعمرة إلى الحج فقال الضحاك لا يصنع ذلك إلا من جهل أمر الله تعالى
فقال سعد بئسما قلت يا ابن أخي قال الضحاك فإن عمر بن الخطاب نهى عن ذلك قال سعد
قد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصنعناها معه
"
قلت : فها أنت ترى أن هذه الرواية
ليس فيها ذكر لقوله :" لأنت خير من عمر
" والرواية المنكرة ليس فيها ذكر للضحاك بن قيس وهي توهم أن المناظرة حصلت بين
معاوية وسعد بن أبي وقاص فتأمل
الإنتقاد العاشر بعد المائة
قال الدارمي 2047 - حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي حدثنا بن وهب عن
قرة بن عبد الرحمن عن الزهري عن عروة عن أسماء بنت أبي بكر :"انها كانت إذا أتيت
بثريد أمرت به فغطي حتى يذهب فوره ودخانه وتقول اني سمعت رسول الله صلى الله عليه
و سلم يقول هو أعظم للبركة "
قال الداراني :"إسناده حسن
"
قلت : بل إسناده ضعيف فقرة بن عبد
الرحمن انفرد ابن حبان بتوثيقه وضعفه أحمد جداً وضعفه ابن معين وأبو حاتم وأبو
زرعة والنسائي وأبو داود وقال العجلي :"
يكتب حديثه " وهذه من ألفاظ التضعيف فمثله ضعيفٌ ولا شك
الإنتقاد الحادي عشر بعد المائة
قال الدارامي3664 - حدثنا أبو نعيم ثنا فطر عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن
عبد الله قال :" من قرأ في ليلة خمسين آية لم يكتب من الغافلين
"
قال الداراني :" إسناده صحيح
"
قلت : فطر بن خليفة لم يذكر فيمن روى عن أبي إسحاق قديماً وحديثه عنه غير
مخرج في الصحيحين
وقد اعترف الداراني بهذا في مكانٍ آخر
قال الدارامي 3362 - حدثنا أبو نعيم ثنا فطر عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي
رضي الله عنه قال :" من الناس من يؤتى الإيمان ولا يؤتى القرآن ومنهم من يؤتى
القرآن ولا يؤتى الإيمان ومنهم من يؤتى القرآن والإيمان ومنهم من لا يؤتي القرآن
ولا الإيمان ثم ضرب لهم مثلا قال فأما من أوتي الإيمان ولم يؤت القرآن فمثله مثل
التمرة حلوة الطعم لا ريح لها واما مثل الذي أوتي القرآن ولم يؤت الإيمان فمثل
الآسة طيبة الريح مرة الطعم واما الذي أوتي القرآن والإيمان فمثل الأترجة طيبة
الريح حلوة الطعم واما الذي لم يؤت القرآن ولا الإيمان فمثل الحنظلة مرة الطعم لا
ريح لها "
قال الداراني :" إسناده ضعيف فطر بن خليفة لم يذكر فيمن رووا قديما عن
أبي إسحاق وهو موقوف على علي "
قلت : وهذا حكمٌ صحيح وقد كان ينبغي أن يحكم به على الإسناد السابق
الإنتقاد الثالث عشر بعد المائة
قال الدارامي 3355 - حدثنا إسحاق ثنا جرير عن ليث عن سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء
قال قال عمر بن الخطاب :" إن هذا القرآن كلام الله فلا يغرنكم ما عطفتموه على
أهوائكم "
قال الداراني :" إسناده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم
"
ثم أورد له الداراني شاهداً من كتاب الشريعة للآجري
قال الآجري حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح ذريح العكبري قال : حدثنا محمد بن
عبد المجيد التيمي قال : حدثنا أبو إسحاق الفزاري ، عن الحسين بن عبد الله النخعي
، عن سعد بن عبيدة ، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله
عنه يقول على منبره : أيها الناس ، إن هذا القرآن كلام الله ، عز وجل ، فلا أعرفن
ما عظمتموه على أهوائكم ، فإن الإسلام قد خضعت له رقاب الناس ، فدخلوه طوعاً
وكرهاً ، وقد وضعت لكم السنن ، ولم يترك لأحد مقالاً إلا أن يكفر عبد عمد خير
فاتبعوا ولا تبتدعوا ، فقد كفيتم ، اعملوا بمحكمه ، وآمنوا بمتشابهه
وقد صحح الداراني هذا السند وهذا خطأٌ فادحٌ منه هداه الله فمحمد بن عبد
المجيد ترجم له الخطيب في تاريخ وضعفه وله ترجمة في ميزان الإعتدال ، وفي السند
نكارة ففيه تصريح أبي عبد الرحمن السلمي بالسماع من عمر وقد طعنوا في سماعه ممن هو
أصغر من عمر
وهذا السند على ضعفه لا يصلح لتقوية سابقه لأن كلاهما منقطع والإنقطاع وقع
في نفس المكان ، بين الراوي عن عمر و عمر فأبو الزعراء لم يسمع من عمر أيضاً
الإنتقاد الرابع عشر بعد المائة
قال الدارمي 2093 - أخبرنا محمد بن كثير البصري ثنا سفيان عن منصور عن سالم
بن أبي الجعد عن جابان عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :"
لا يدخل الجنة ولد زنية ولا منان ولا عاق ولا مدمن خمر
"
قال الداراني :" إسناده جيد
"
قلت : بل إسناده منقطع فقد قال البخاري :" لا يعرف لجابان سماع من عبد
الله بن عمرو ولا لسالم سماع من جابان " أو كما قال رحمه الله
وقد ضعف البخاري هذا الحديث وجابان لم يوثقه معتبر
الإنتقاد الخامس عشر بعد المائة
قال الدارمي 2646 - أخبرنا أبو عاصم عن ثابت بن عمار عن غنيم بن قيس
عن أبي موسى :" أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فيوجد ريحها فهي زانية وكل عين
زان وقال أبو عاصم يرفعه بعض أصحابنا
"
قال الداراني :" إسناده صحيح مرسلا وهو صحيح موصولا أيضاً
"
قلت : هذا موقوف وليس مرسلاً وقد صح مرفوعاً كما قال الداراني
الإنتقاد السادس عشر بعد المائة
قال الدارمي 1451 - أخبرنا أبو النعمان ثنا معتمر بن سليمان عن برد حدثني سليمان
بن موسى عن مكحول عن كثير بن مرة الحضرمي عن قيس الجذامي عن نعيم بن همار الغطفاني
عن النبي صلى الله عليه و سلم قال قال الله تعالى :" بن آدم صل لي أربع ركعات
من أول النهار أكفك آخره "
قال الداراني :" إسناده حسن
"
قلت : بل إسناده ضعيف فقيس الجذامي لم يوثقه معتبر وروى عنه اثنان فقط ومثل
هذا المتن لا يقبل ممن كانت هذه حاله
الخاتمة
هنا نهاية المطاف وقد تركت بعض الإنتقادات لأني لا أجد وقتاً لتحريرها ،
وإذا وهم الأستاذ الداراني في الحكم على أحد الرواة وتكرر ذلك في عدة مواطن اكتفيت
بالتنبيه عليه في موطن واحد عن بقية المواطن وإلا لوصلت الإنتقادات إلى أكثر من
هذا العدد بكثير
============
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق