4 مصاحف

حمل المصحف

مراجع في المصطلح واللغة

مراجع في المصطلح واللغة

كتاب الكبائر_لمحمد بن عثمان الذهبي/تابع الكبائر من... /حياة ابن تيمية العلمية أ. د. عبدالله بن مبارك آل... /التهاب الكلية الخلالي /الالتهاب السحائي عند الكبار والأطفال /صحيح السيرة النبوية{{ما صحّ من سيرة رسول الله صلى ... /كتاب : عيون الأخبار ابن قتيبة الدينوري أقسام ا... /كتاب :البداية والنهاية للامام الحافظ ابي الفداء ا... /أنواع العدوى المنقولة جنسياً ومنها الإيدز والعدوى ... /الالتهاب الرئوي الحاد /اعراض التسمم بالمعادن الرصاص والزرنيخ /المجلد الثالث 3. والرابع 4. [ القاموس المحيط - : م... /المجلد 11 و12.لسان العرب لمحمد بن مكرم بن منظور ال... /موسوعة المعاجم والقواميس - الإصدار الثاني / مجلد{1 و 2}كتاب: الفائق في غريب الحديث والأثر لأبي... /مجلد واحد كتاب: اللطائف في اللغة = معجم أسماء الأش... /مجلد {1 و 2 } كتاب: المحيط في اللغة لإسماعيل بن ... /سيرة الشيخ الألباني رحمه الله وغفر له /اللوكيميا النخاعية الحادة Acute Myeloid Leukemia.... /قائمة /مختصرات الأمراض والاضطرابات / اللقاحات وما تمنعه من أمراض /البواسير ( Hemorrhoids) /علاج الربو بالفصد /دراسة مفصلة لموسوعة أطراف الحديث النبوي للشيخ سع... / مصحف الشمرلي كله /حمل ما تريد من كتب /مكتبة التاريخ و مكتبة الحديث /مكتبة علوم القران و الادب /علاج سرطان البروستات بالاستماتة. /جهاز المناعة و الكيموكين CCL5 .. /السيتوكين" التي يجعل الجسم يهاجم نفسه /المنطقة المشفرة و{قائمة معلمات Y-STR} واختلال الص... /مشروع جينوم الشمبانزي /كتاب 1.: تاج العروس من جواهر القاموس محمّد بن محمّ... /كتاب :2. تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب : تاج العروس من جواهر القاموس

الأربعاء، 11 مايو 2022

الأجوبة النافعة عن أسئلة لجنة مسجد الجامعة للإمام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله

 

الأجوبة النافعة عن أسئلة لجنة مسجد الجامعة  للإمام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله تعالى على رسوله وعلى آله وصحبه أجمعين .

وبعد ، فقد سلمني أحد الاخوان غرة شهر رمضان سنة 1370 هـ ورقة قد طبع على صفحتها عدة أسئلة بالآلة الكاتبة ، وهي غير موقعة بتوقيع ينبىء عن مصدرها ، وإن كانت الأسئلة نفسها توحي بأن محررها من أعضاء لجنة مسجد الجامعة السورية .

ثم سألت أحدهم عنها فأخبرني : أنها من اللجنة ذاتها .

وقد علمت أنه قدم مثلها إلى كثير من المشايخ وأهل العلم بغية الجواب عنها ، ومن الظاهر أن القصد منذلك استنباط الحق ومعرفته من الأدلة التي سوف يوردها أهل العلم في أجوبتهم على تلك أقواها ، ثم يعملون بمقتضاها ، في مسجدهم الذي صاروا بحكم رعايتهم عليه مسؤولين عنه ،

ومكلفين بتنفيذ الحق فيه ، فيقضون بذلك على الاضطراب المتسمر فيه :

فإنه تارة يؤذن فيه بأذان واحد وعلى باب المسجد كما هو السنة ، وأحياناً يؤذن فيه بأذانين، ثم تارة يؤذن الأول منهما على باب المسجد ، وبالآخر بين يدي الخطيب والمنبر ، وتارة يؤذن بالأول داخل المسجد قريباً من الباب ، وتارة قريباً من المحراب ، وتارة تصلى فيه ما يسمى بـ " سنة الجمعة القبلية " وتارة لا تصلى ‍!

ذلك كان حال المسجد المذكور إبان ابتداء عمارته بالصلاة ، وهو مع ذلك يعتبر المسجد الوحيد في دمشق ، بل ربما في سائر البلاد السورية في كونه قائماً على السنة ، منزهاً عن البدعة إلى حد كبير، فلا ترفع فيه الأصوات ولا تقام فيه صلاة الظهر بعد الجمعة ، وغير ذلك من المحدثات التي تغص بها سائر المساجد . ويعود الفضل في ذلك إلى اللجنة القائمة عليه من الشباب المؤمن الحريص على اتباع السنة ، واجتناب البدعة ، في حدود ما يعلم ، وما يأتيه من علم ، وهذا هو الذي أهاب بهم على أن يوجهوا الأسئلة المشار إليها إلى أفاضل العلماء .

فلما قدمت إلى هذه الأسئلة رأيتني مندفعاً إلى الإجابة عنها ، محاولة مني ومشاركة في جعل مسجد الجامعة أقرب إلى السنة ، وأبعد عن البدعة . ولعله يزول منه الاضطراب المشار إليه ، بعد ورود الأجوبة إلى اللجنة ، ودراستهم إياها ، واستخلاصهم ما كان أقرب إلى الصواب منها ، غير متحيزين إلى فئة ، ولا متبعين لعادة .

فلما فرغت من كتابة الجواب المشار إليه قدمته إلى اللجنة ، ولا أدري إذا كان غيري ممن وجهت إليهم الأسئلة ، قد قدموا أجوبتهم عليها ؛ ولا ماكان موقف اللجنة العلمي من جوابنا .

كان ذلك منذ عشر سنين فبدا لي الآن أن أعود إلى الجواب المذكور فأضيف إليه بعض الفوائد الجديدة ، مما لا يخرج عن موضوع الأسئلة ، ففعلت فكان ذلك كله هذه الرسالة التي تراها بين يديك .

ولما كنت أعتقد أنها حققت القول في كثير من المسائل التي يراها الباحث منبثة في بطون طوال الكتب الفقهية ومبسوطاتها ، ولا يراها مجتمعة محققة في رسالة خاصة ، رأيت أن أقوم بنشرها على الناس ، تنويراً للأذهان ، وتوطئة لإصلاح قد يتولاه بعض الغُيُر من المسؤولين عن المساجد ، أسوة بمصر الشقيقة ، وما تقوم به من إصلاحات بإرشاد وزراة الأوقاف ( 1 ) .

ومما يشجعني على النشر أنه لا بد للقراء من رسالة في هذا الموضوع تعرض عليهم الأجوبة مقرونة بأدلتها من كتاب الله وسنة رسوله،مستشهداً عليها بآثار الصحابة ، وأقوال كبار الأئمة ،

ممن يفتي بقولهم ، ويقتدي بهديهم .

زد على ذلك أن كثيراً من القراء قد كثر سؤالهم عن المسائل التي وردت في هذه الرسالة ، فنشرها مما يوفر علينا كلاماً كثيراً ، ووقتاً طويلاً .

وأيضاً فأنا شخصياً بحاجة إلى من ينبهني إلى ما قد يبدو مني من خطأ أو وهم ، مما لا ينجو منه إنسان ، فإذا نشرت آرائي ، تمكن أهل العلم من الاطلاع عليها ، ومعرفة ما قد يكون من الوهم فيها ، وبينوا ذلك كتابة أو شفهياً فشكرت لهم غيرتهم ، وجزيتهم خيراً .

وسميت هذه الرسالة بـ :

" الأجوبة النافعة عن أسئلة لجنة مسجد الجامعة " .

أسأل الله تعالى أن ينفع بها ، ويثيبني عليها خيراً ، بفضله وكرمه .

 

دمشق جمادى الآخرة 1380                محمد ناصر الدين الألباني

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وإليك نصّ ما في الصفحة :

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله .

وبعد ؛ فامتثالاً لقوله تعالى : ] فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون [ ، وقوله : ] لتبيننه للناس و لا تكتمونه [ ( 1 )، وقوله r : (( … و عن علمه ماذا عمل به )) ( 2 ) ؛ أتينا نسألكم التكرم بتحقيق المسألة التالية ، ولكم الأجر :

هل ترون الاقتداء بما فعله عثمان رضي الله عنه يوم الجمعة من الأذان الثاني إطلاقاً ، أم فقط عندما يتوفر السبب الذي دعا سيدنا عثمان لذلك ، لما رأى الناس قد كثروا و انغمسوا في طلب المعاش ؟ أو بعبارة أخرى : إذا وجد مسجد لا حيٌ قريب منه و لا سوق و ليس له إمام راتب

ولا مئذنة ، كالمسجد الذي في داخل ثكنة الحميدية ( 3 )، فهل ترون أن يجرى فيه على سنة سيدنا عثمان ، أو يكتفى بأذان واحد كما هو الحال في عهد الرسول r وصاحبيه ؟

إذا أذيعت الخطبة والأذان من المسجد المذكور بالمذياع ، فهل ترون هذا يغير في الأمر شيئاً ؟

كأن يقال : إن أذان عثمان لا حاجة إليه في مثل هذا المسجد البعيد عن البيوت والأسواق ،

ولكن بما أن إذاعة الأذان تعيد إليه صفة الإعلام و تسمعه لجميع الأنحاء، فيجب العمل به ؟

أو يقال : بما أن الإذاعة تؤمن الإعلام بإذاعة أذان واحد ، فلا حاجة للآخر ؟

هل الأذان الثاني الذي شرعه الرسول r موضعه أمام المنبر أم على باب المسجد المواجه للمنبر؟ وإذا كان هناك أذان آخر : أذان عثمان ، فهل موضعه على الباب ؟

إذا كان هناك أذان واحد فقط ، فمتى وقته ؟ هل هو أول وقت الظهر ، أم ماذا ؟ وإذا كان كذلك ، وكان وقته عند صعود الخطيب ، فمتى تُصَلَّى السنة القبلية إذا ثبتت ، وهل تصلى السنة عقب دخول الوقت بلا أذان ، ثم يصعد الخطيب ويؤذن المؤذن ، أم ماذا ؟

نرجو في كل ما سبق إيراد النصوص التي استندتم إليها في تحقيقكم ولكم منا الشكر ، ومن الله الثواب والأجر ، وفقنا الله وإياكم إلى العلم والفهم والاتباع ، وهو الهادي إلى الرشاد .

 

الجواب عن الأسئلة

أقول و بالله أستعين :

إني قبل الشروع في الإجابة أرى من المفيد ، بل الضروري أن أسوق هنا الحديث الوارد في أذان عثمان الأول ، لأنه سيكون محور الكلام في المسائل الآتية ؛ كما سترى ، ثم إنه لما كان الحديث المذكور فيه زيادات قد لا توجد عند بعض المخرجين للحديث ؛ رأيت تتميماً للفائدة أن أضيف كل زيادة وقفت عليها إلى أصل الحديث ، مشيراً إليها بجعلها بين قوسين [ ] ، ثم أبين من أخرج الحديث ، والزيادات من الأئمة في التعليق على الحديث ، وهاك نصه :

حديث أذان عثمان :

(( قال الإمام الزهري رحمه الله تعالى : أخبرني السائب بن يزيد أن الأذان [ الذي ذكره الله في القرآن ] كان أوله حين يجلس الإمام على المنبر [ وإذا قامت الصلاة ] يوم الجمعة [ على باب المسجد ] في عهد النبي r وأبي بكر وعمر ، فلما كان خلافة عثمان ، وكثر الناس [ وتباعدت المنازل ] أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث ( وفي رواية : الأول ، وفي أخرى : بأذان ثان )

[ على دار [ له ] في السوق يقال لها : الزوراء ] ، فأذن به على الزوراء [ قبل خروجه ليعلم الناس أن الجمعة قد حضرت ] ، فثبت الأمر على ذلك ، [ فلم يعب الناس ذلك عليه ، وقد عابوا عليه حين أتم الصلاة بمنى ] ))([1]).

إذا علمت ما تقدم فلنشرع الآن في الجواب فنقول :

 

 

 

الجواب عن الفقرة الأولى :

لا نرى الاقتداء بما فعله عثمان رضي الله عنه على الإطلاق ودون قيد ، فقد علمنا مما تقدم أنه إنما زاد الأذان الأول لعلة معقولة ، وهي كثرة الناس وتباعد منازلهم عن المسجد النبوي ، فمن صرف النظر عن هذه العلة ، وتمسك بأذان عثمان مطلقاً لا يكون مقتدياً به رضي الله عنه ، بل هو مخالف له ، حيث لم ينظر بعين الاعتبار إلى تلك العلة التي لولاها لما كان لعثمان أن يزيد على سنته عليه الصلاة والسلام وسنة الخليفتين من بعده .

فإذن ؛ إنما يكون الاقتداء به رضي الله عنه حقاً عندما يتحقق السبب الذين من أجله زاد عثمان الأذان الأول ، وهو : (( كثره الناس و تباعدهم عن المسجد )) كما تقدم .

وأما ما جاء في السؤال من إضافة علة أخرى إلى الكثرة ؛ وهي ما أفاده بقوله : (( وانغمسوا في طلب المعاش )) فهذه الزيادة لا أصل لها ، فلا يجوز أن يبنى عليها أي حكم إلا بعد إثباتـها ،

ودون ذلك خرط القتاد .

وهذا السبب لا يكاد يتحقق في عصرنا هذا إلا نادراً ، وذلك في مثل بلدة كبيرة تغص بالناس على رحبها ، كما كان الحال في المدينة المنورة ، ليس فيها إلا مسجد واحد ، يجمع الناس فيه ، وقد بعدت لكثرتـهم منازلهم عنه ، فلا يبلغهم صوت المؤذن الذي يؤذن على باب المسجد ،

وأما بلدة فيها جوامع كثيرة كمدينة دمشق مثلاً ، لا يكاد المرء يمشي فيها إلا خطوات حتى يسمع الأذان للجمعة من على المنارات ، وقد وضع على بعضها أو كثير منها الآلات المكبرة للصوت ، فحصل بذلك المقصود الذي من أجله زاد عثمان الأذان ؛ ألا وهو إعلام الناس أن صلاة الجمعة

قد حضرت كما نص عليه في الحديث المتقدم، وهو معنى ما نقله القرطبي في "تفسيره" (18/100)

عن الماوردي : (( فأما الأذان الأول فمُحدَث ، فعله عثمان ليتأهب الناس لحضور الخطبة عند اتساع المدينة ، وكثرة أهلها )) .

وإذا كان الأمر كذلك ، فالأخذ حينئذ بأذان عثمان من قبيل تحصيل الحاصل ، وهذا لا يجوز ، ولا سيما في مثل هذا الموضع الذي فيه التزيُّد على سنة رسول الله r دون سبب مسوغ ، وكأنه لذلك كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو بالكوفة يقتصر على السنة ، ولا يأخذ بزيادة عثمان ؛ كما في (( القرطبي )) .

وقال ابن عمر : (( إنما كان النبي r إذا صعد المنبر أذن بلال ، فإذا فرغ النبي r من خطبته أقام الصلاة ، والأذان الأول بدعة )) رواه أبو طاهر المخلص في "فوائده" (ورقة 229/ 1- 2).

والخلاصة ؛ أننا نرى أن يُكتفى بالأذان المحمدي ، وأن يكون عند خروج الإمام وصعوده على المنبر ؛ لزوال السبب المسوغ لزيادة عثمان ، واتباعاً لسنة النبي عليه الصلاة والسلام ، وهو القائل: (( فمن رغب عن سنتي فليس مني )) ، متفق عليه .([2])

وبنحو ما ذكرنا قال الإمام الشافعي ، ففي كتابه " الأم " (1/172–173) ما نصه : (( وأحب أن يكون الأذان يوم الجمعة حين يدخل الإمام المسجد ويجلس على المنبر ، فإذا فعل أخذ المؤذن في الأذان ، فإذا فرغ قام ، فخطب لا يزيد عليه )) .

ثم ذكر حديث السائب المتقدم ، ثم قال : (( وقد كان عطاء ينكر أن يكون عثمان أحدثه ، ويقول : أحدثه معاوية ([3]) ، و أيهما كان ؛ فالأمر الذي كان على عهد رسول الله r أحب إلي ، فإن أذن جماعة من المؤذنين والإمام على المنبر ، وأذن كما يؤذن اليوم أّذان قبل أذان المؤذنين إذا جلس الإمام على المنبر ؛ كرهت ذلك له ، ولا يفسد شيء من صلاته )) .

وكذلك نقول في المسجد الوارد ذكره في السؤال:إنه ينبغي أن يُجرى فيه على سنة النبي r

لا على سنة عثمان ، وذلك لأمرين :

الأمر الأول : أن الأذان فيه لا يسمع من سكان البيوت؛ لبعدها كما جاء في السؤال، بل ولايسمع حتى من المارة في الطريق الذي يلي الثكنة من الناحية الشرقية والجنوبية ، فالأخذ حينئذ بأذان عثمان لا يحصّل الغاية التي أرادها به عثمان ، فيكون عبثاً في الشرع ينزه عنه المسلم .

الأمر الآخر: أن الذين يأتون إلى هذا المسجد ، إنما يقصدونه قصداً ، ولو من مسافات شاسعة، فهؤلاء – و لو فرض أنـهم سمعوا الأذان – فليس هو الذي يجلبهم ويجعلهم يدركون الخطبة والصلاة ، فإنه – لبعد المسافة بينهم و بين المسجد – لا بد لهم من أن يخرجوا قبل الأذان بمدة تختلف باختلاف المسافة طولاً و قصراً ، حتى يدركوا الصلاة ، شأنـهم في ذلك شأنـهم في صلاة العيدين في المصلى أو المساجد التي لا يشرع لها أذان و لا إعلام بدخول الوقت .

نعم ؛ لا نرى مانعاً من هذا الأذان العثماني إذا جُعل عند باب الثكنة الخارجي ؛ لأنه يُسمع المارة على الجادة ، ويُعلِمهم أن في الثكنة مسجداً تقام فيه الصلاة ، فيؤمونه ، ويصلون فيه ،

كما قد يسمع من يكون في البيوت القريبة من الجادة([4]) ، ولكن ينبغي أن لا يُفصل بين الأذانين

إلا بوقت قليل ، لأن السنة الشروع في الخطبة أول الزوال بعد الأذان ، كما يشير إلى ذلك قوله في الحديث السابق : (( أن الأذان كان أوله حين يجلس الإمام على المنبر ، وإذا قامت الصلاة ))،

أي : قام سببها ، وهو الزوال ، وفي ذلك أحاديث أخرى أصرح من هذا ؛ سيأتي ذكرها عند الجواب عن الفقرة الرابعة إن شاء الله تعالى .

ولا يفوتني أن أقول : إن هذا الذي ذهبنا إليه إنما هو إذا لم يُذَع الأذان عند باب المسجد بالمذياع أو مكبر الصوت ، وإلا فلا نرى جوازه ؛ لأنه حينئذ تحصيل حاصل كما سبق بيانه .

الجواب عن الفقرة الثانية

إن إذاعة الأذان من المسجد المذكور بالمذياع لا يغير من حكم المسألة شيئاً؛ لما سبق بيانه قريباً، ونزيد هنا فنقول :

قد مضى أن عثمان رضي الله عنه إنما زاد الأذان الأول((ليعلم الناس أن الجمعة قد حضرت))، فإذا أذيع الأذان المحمدي بالمذياع ، فقد حصلت الغاية التي رمى إليها عثمان بأذانه ، وأعتقد أنه

لو كان المذياع في عهد عثمان ، وكان يرى جواز استعماله كما نعتقد ، لكان رضي الله عنه اكتفى بإذاعة الأذان المحمدي ، وأغناه ذلك عن زيادته .

الجواب عن الفقرة الثالثة

يفهم الجواب عن هذه الفقرة مما تقدم في الحديث : (( أن الأذان في عهد النبي r وأبي بكر وعمر كان على باب المسجد ، وأن أذان عثمان كان على الزوراء )) ، فإن وجد السبب المقتضي للأخذ بأذانه حسبما تقدم تفصيله ؛ وضع مكان الحاجة و المصلحة ، لا على الباب ، فإنه موضع الأذان النبوي ، ولا في المسجد عند المنبر ، فإنه بدعة أموية كما يأتي ، وهو غير محقق للمعنى المقصود من الأذان ، وهو الإعلام ، ونقل ابن عبد البر عن مالك : (( إن الأذان بين يدي الإمام ليس من الأمر القديم )) ، أي أنه بدعة .

وقد صرح بذلك ابن عابدين في "الحاشية" (1/362) ، وابن الحاج في "المدخل" (2/208) ،

وغيرهما ممن هو أقدم و أعلم منهما ، قال الشاطبي في "الاعتصام" (2/146– 147) ما ملخصه :

( قال ابن رشد : الأذان بين يدي الإمام في الجمعة مكروه ؛ لأنه محدث ، وأول من أحدثه هشام بن عبد الملك ، فإنه نقل الأذان الذي كان بالزوراء إلى المشرفة ، ونقل الأذان الذي كان بالمشرفة بين يديه ، وتلاه على ذلك من بعده من الخلفاء إلى زماننا هذا ، قال : وهو بدعة ، والذي فعله رسول الله r والخلفاء الراشدون بعده هو السنة ، وذكر ابن حبيب ما كان فعله r وفعل الخلفاء الراشدون بعده كما ذكر ابن رشد ، وذكر قصة هشام ، ثم قال : والذي كان فعل رسول الله r هو السنة ، وما قاله ابن حبيب أن الأذان عند صعود الإمام على المنبر كان باقياً في زمان عثمان رضي الله عنه ؛ موافق لما نقله أرباب النقل الصحيح ، وأن عثمان لم يزد على ما كان قبله

إلا الأذان على الزوراء ، فصار إذن نقل هشام الأذان المشروع في المنارة إلى ما بين يديه بدعة في ذلك المشروع )) .

وينبغي أن يعلم أنه لم ينقل البتة أن الأذان النبوي كان بين يدي المنبر قريباً منه ، قال العلامة الكشميري : (( ولم أجد على كون هذا الأذان داخل المسجد دليلاً عند المذاهب الأربعة ،

إلا ما قال صاحب "الهداية" : إنه جرى به التوارث ، ثم نقله الآخرون أيضاً ، ففهمت منه أنـهم ليس عندهم دليل غير ما قاله صاحب "الهداية" ، و لذا يلجؤون إلى التوارث )) ([5]) .

قلت : وليس يخفى على البصير أنه لا قيمة لمثل هذا التوارث ؛ لأمرين :

الأول : أنه مخالف لسنة النبي r والخلفاء الراشدين من بعده .

والآخر : أن ابتداءه من عهد هشام لا من عهد الصحابة كما عرفت ، وقد قال ابن عابدين في "الحاشية" (1/769) : (( ولا عبرة بالعرف الحادث إذا خالف النص ؛ لأن التعارف إنما يصلح دليلاً على الحل إذا كان عاماً من عهد الصحابة و المجتهدين كما صرحوا به )) .

فتبين مما سلف أن جعل الأذان العثماني على الباب ، و الأذان المحمدي في المسجد ؛ بدعة

لا يجوز اتباعها ، فيجب إزالتها من مسجد الجامعة ، إحياءً لسنة النبي r .

هذا وقد مضى في كلام الشاطبي ومن نقل عنهم أن الأذان النبوي كان يوم الجمعة على المنارة ،

وقد صرح بذلك ابن الحاج أيضاً في "المدخل" ، فقال ما مختصره : (( إن السنة في أذان الجمعة إذا صعد الإمام على المنبر أن يكون المؤذن على المنارة ، كذلك كان على عهد النبي r وأبي بكر

وعمر و صدراً من خلافة عثمان ، ثم زاد عثمان أذاناً آخر بالزوراء ؛ لما كثر الناس ، وأبقى الأذان الذي كان على عهد رسول الله r على المنارة و الخطيب على المنبر إذ ذاك )) ، ثم ذكر قصة نقل هشام للأذان نحو ما تقدم نقله عن الشاطبي .

قلت : ولم أقف على ما يدل صراحة أن الأذان النبوي كان على المنارة ؛ إلا ما تقدم في الحديث أنه كان على باب المسجد ، فإن ظاهره أنه على سطحه عند الباب ، ويؤيد هذا أن من المعروف أنه كان لبلال – وهو الذي يؤذن يوم الجمعة – شيء يرقى عليه ليؤذن ، ففي "صحيح البخاري"

(4/110) عن القاسم بن محمد عائشة رضي الله عنها : (( إن بلالاً كان يؤذن بليل ، فقال رسول الله r : (( كلوا و اشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر )) ، قال القاسم : ولم يكن بين أذانـهما إلا أن يرقى هذا وينزل ذا )) .

فلعله كان هناك عند الباب على السطح شيء مرتفع ، يشبه المنارة ، وقد يشهد لهذا

ما أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (8/307) بإسناده عن أم زيد بن ثابت قالت : (( كان بيتي أطول بيت حول المسجد ، فكان بلال يؤذن فوقه من أول ما أذن ، إلى أن بنى رسول الله r مسجده ، فكان يؤذن بعدُ على ظهر المسجد ، وقد رفع له شيء فوق ظهره )) .

لكن إسناده ضعيف ، وقد رواه أبو داود بإسناد حسن دون قوله : (( وقد رفع له شيء فوق ظهره )) ، والله أعلم .

والذي تلخص عندي في هذا الموضوع ؛ أنه لم يثبت أن المنارة في المسجد كانت معروفة في عهده r ([6]) ، ولكن من المقطوع به أن الأذان كان حينذاك في مكان مرتفع على المسجد يرقى إليه كما تقدم ، ومن المحتمل أن الرقي المذكور إنما هو إلى ظهر المسجد فقط([7]) ، ومن المحتمل أنه إلى شيء كان فوق ظهره كما في حديث أم زيد ، وسواء كان الواقع هذا أو ذاك ، فالذي نجزم به أن المنارة المعروفة اليوم ليست من السنة في شيء ، غير أن المعنى المقصود منها – وهو التبليغ – أمر مشروع بلا ريب ، فإذا كان التبليغ لا يحصل إلا بـها ، فهي حينئذ مشروعة ؛ لما تقرر في علم الأصول : أن ما لا يقوم الواجب إلا به ؛ فهو واجب ، و لكن ترفع بقدر الحاجة .

غير أن من رأيي أن وجود الآلات المكبرة للصوت اليوم يغني عن اتخاذ المئذنة كأداة للتبليغ ،

ولا سيما أنـها تكلف أموالاً طائلة ، فبناؤها والحالة هذه – مع كونه بدعة ، ووجود ما يغني عنه–  غير مشروع ؛ لما فيه من إسراف و تضييع للمال ، ومما يدل دلالة قاطعة على أنـها صارت اليوم عديمة الفائدة ؛ أن المؤذنين لا يصعدون إليها البتة ، مستغنين عنها بمكبرات الصوت .

لكننا نعتقد أن الأذان في المسجد أمام المكبر لا يشرع ؛ لأمور :

منها : التشويش على من فيه من التالين و المصلين والذاكرين .

ومنها: عدم ظهور المؤذن بجسمه ، فإن ذلك من تمام هذا الشعار الإسلامي العظيم ( الأذان ) .

لذلك نرى أنه لا بد للمؤذن من البروز على المسجد، والتأذين أمام المكبر، فيجمع بين المصلحتين، وهذا التحقيق يقتضي اتخاذ مكان خاص فوق المسجد يصعد إليه المؤذن ، ويوصل إليه مكبر الصوت ، فيؤذن أمامه ، وهو ظاهر للناس .

ومن فائدة ذلك أنه قد تنقطع القوة الكهربائية ( 1 )، ويستمر المؤذن على أذانه وتبليغه إياه إلى الناس من فوق المسجد ، بينما هذا لا يحصل – والحالة هذه – إذا كان يؤذن في المسجد ؛

كما هو ظاهر .

ولا بد من التذكير هنا بأنه لا بد للمؤذنين من المحافظة على سنة الالتفات يمنة ويسرة عند الحيعلتين ، فإنـهم كادوا أن يُطبِقوا على ترك هذه السنة ؛ تقيداً منهم باستقبال لاقط الصوت ،

ولذلك نقترح وضع لاقطين على اليمين واليسار قليلاً بحيث يجمع بين تحقيق السنة المشار إليها ،

والتبليغ الكامل .

ولا يقال : إن القصد من الالتفات هو التبليغ فقط ، وحينئذ فلا داعي إليه مع وجود المكبر ؛ لأننا نقول : إنه لا دليل على ذلك ، فيمكن أن يكون في الأمر مقاصد أخرى قد تخفى على الناس ، فالأولى المحافظة على هذه السنة على كل حال .

الجواب عن الفقرة الرابعة

للأذان المحمدي وقتان :

الأول : بعد الزوال مباشرة و عند صعود الخطيب .

والآخر: قبل الزوال عند صعود الخطيب أيضاً، وهذا مذهب أحمد بن حنبل رحمه الله وغيره.

أما الأول : فدليله ما تقدم في حديث السائب : (( أن الأذان كان أوله حين يجلس على المنبر

وإذا قامت الصلاة )) .

فهذا صريح في أن الأذان كان حين قيام سبب الصلاة ، وهو زوال الشمس – كما تقدم – مع جلوس الإمام على المنبر في ذلك الوقت ، و يشهد لهذا أحاديث :

(( عن سعد القرظ مؤذن النبي r أنه كان يؤذن يوم الجمعة على عهد رسول الله r إذا كان الفيء مثل الشراك ))( 1 ) .أخرجه ابن ماجه (1/342) ، والحاكم (3/607) .

قال الحافظ ابن حجر : (( في النسائي : أن خروج الإمام بعد الساعة السادسة ، وهو أول

الزوال )) ( 2 ) .

وأما الوقت الآخر ؛ ففيه أحاديث :

عن سلمة بن الأكوع قال : (( كنا نجمع([8]) مع رسول الله r إذا زالت الشمس ، ثم نرجع نتتبع الفيء )) .أخرجه البخاري ، ومسلم ، وغيرهما ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (1/207/1) .

عن أنس :(( أن رسول الله r كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس )) ، رواه البخاري وغيره.

عن جابر رضي الله عنه : (( كان رسول الله r إذا زالت الشمس صلى الجمعة )) ، رواه الطبراني في "الأوسط" وإسناده حسن .

وهذه الأحاديث ظاهرة الدلالة على ما ذكرنا ، وذلك أنه من المعلوم أنه r كان يخطب قبل الصلاة خطبتين يقرأ فيهما القرآن ويذكّر الناس ، حتى كان أحياناً يقرأ فيها ] ق.والقرآن المجيد[ ، ففي "صحيح مسلم" (3/13) عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان قالت : (( ما أخذت ] ق . والقرآن المجيد[ إلا عن لسان رسول الله r، يقرأها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس )).

وصح عنه أنه قرأ فيها سورة براءة .رواه ابن خزيمة في "صحيحه" والحاكم وصححه ، ووافقه الذهبي وغيره .

فإذا تذكرنا هذا ؛ علمنا أن الأذان كان قبل الزوال حتماً ، وكذا الخطبة ، طالما أن الصلاة كانت حين الزوال ، وهذا بيّن لا يخفى والحمد لله .

وأصرح من هذه الأحاديث في الدلالة على المطلوب حديث جابر الآخر ، وهو :

وعنه قال : (( كان رسول الله r يصلي الجمعة ، ثم نذهب إلى جمالنا ، فنريحها حين تزول الشمس ، يعني : النواضح )) ، أخرجه مسلم (3/ 8 – 9) ، والنسائي (1/206) ، والبيهقي

(3/190) ، وأحمد (3/331) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (1/207/1) .

فهذا صريح في أن الصلاة كانت قبل الزوال ، فكيف بالخطبة ؟ فكيف بالأذان ؟ .

ويشهد لذلك آثار من عمل الصحابة ، نذكر بعضها للاستشهاد بـها .

عن عبد الله بن سيدان السلمي قال : (( شهدت الجمعة مع أبي بكر الصديق ، فكانت خطبته وصلاته قبل نصف النهار ، ثم شهدنا مع عمر ، فكانت خطبته وصلاته إلى أن أقول : انتصف النهار ، ثم شهدنا مع عثمان ، فكانت خطبته وصلاته إلى أن أقول زال النهار ، فما رأيت أحداً عاب ذلك و لا أنكره )) ، رواه ابن أبي شيبة (1/206/2) ، والدارقطني (169) .

قلت : وإسناده محتمل للتحسين ، بل هو حسن على طريقة بعض العلماء كابن رجب وغيره ، فإن رجاله ثقات غير عبد الله بن سيدان ، قال الحافظ في "الفتح" (2/321) : (( تابعي كبير ، إلا أنه غير معروف العدالة )) .

قلت : قد روى عنه أربعة من الثقات ، وهم ثابت ابن الحجاج ، وجعفر بن برقان ؛ كما في "الجرح والتعديل" (2/2/68) ، وميمون بن مهران ، وحبيب ابن أبي مرزوق كما في "ثقات ابن حبان" (5/31 –32).

وقول الحافظ بعد أن ساق له هذا الأثر : (( وقال البخاري : لا يتابع على حديثه ، بل عارضه ما هو أقوى منه )) ، ثم ذكر آثاراً صحيحة عن أبي بكر و عمر في التجميع بعد الزوال .

فأقول : لا تعارض بينها وبين هذا الأثر كما لا تعارض بين الأحاديث الموافقة له ، وبين الأحاديث الموافقة لها ، فالصحابة تلقوا الأمرين عن رسول الله r ، فكانوا – مثله عليه السلام – يفعلون هذا تارة ، وتارة هذا .

عن عبد الله بن سلمة قال :(( صلى بنا عبد الله الجمعة ضحى، وقال خشيت عليكم الحر )) أخرجه ابن أبي شيبة .

قلت : ورجاله ثقات غير عبد الله بن سلمة ، قال الحافظ في "الفتح" : (( صدوق ؛ إلا أنه ممن تغير لما كبر )) .

قلت : ومثله إنما يخشى منه الخطأ في رفع الحديث ، أو في روايته عن غيره ، مما لم يشاهد ،

وهو هنا يروي حادثة شاهدها بنفسه ، وهي في الواقع غريبة لمخالفتها للمعهود من الصلاة بعد الزوال ، فاجتماع هذه الأمور ؛ مما يرجح حفظه لما شاهد ، فالأرجح أن هذا الأثر صحيح ،

ولعله من أجل ما ذكرنا احتج به الإمام أحمد ، فقال ابنه عبد الله في "مسائله عنه" (ص112) :

(( سئل عن وقت صلاة الجمعة ؟ قال : إن صلى قبل الزوال فلا بأس ، حديث عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة أن عبد الله صلى بـهم يوم الجمعة ضحى ، وحديث سهل بن سعد : كنا نصلي ونتغدى بعد الجمعة ، كأنه يدل على أنه قبل الزوال )) .

عن سعيد بن سويد قال : (( صلى بنا معاوية الجمعة ضحى )) ، رواه ابن أبي شيبة عن عمرو بن مرة عنه .

قلت : وسعيد هذا لم يذكروا له راوياً غير عمرو هذا ، ومع ذلك ذكره ابن حبان في "الثقات"

(4/280) .

عن بلال العبسي : (( أن عماراً صلى بالناس الجمعة ، والناس فريقان : بعضهم يقول : زالت الشمس ، وبعضهم يقول : لم تزل )) ، رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح .

عن أبي رزين قال : (( كنا نصلي مع علي الجمعة ، فأحياناً نجد فيئاً ، وأحياناً لا نجده )) ، رواه ابن أبي شيبة وإسناده صحيح على شرط مسلم .

قلت : وهذا يدل لمشروعية الأمرين ، الصلاة قبل الزوال ، والصلاة بعده ، كما هو ظاهر([9]) .

ولهذه الأحاديث والآثار كان الإمام أحمد رحمه الله يذهب إلى جواز صلاة الجمعة قبل الزوال كما سبق ، وهو الحق كما قال الشوكاني وغيره ، وتفصيل القول في هذه المسألة لا تحتمله هذه العجالة ، فلتراجع في المطولات كـ "نيل الأوطار" ، و "السيل الجرار" (1/296–297) ، وغيره .

ومما سبق تعلم الجواب عن السؤال الثاني الوارد في الفقرة الرابعة : (( فمتى تصلى السنة القبلية إذا ثبتت ؟ )) .

وهو أنه لا أصل لهذه السنة في السنة الصحيحة ، ولا مكان لها فيها ، فقد عملت من الأحاديث المتقدمة أن الزوال فالأذان فالخطبة فالصلاة ؛ سلسلة متصلة آخذ بعضها برقاب بعض ، فأين وقت هذه السنة ؟! ولهذا المعنى يشير كلام الحافظ العراقي : (( لم ينقل عن النبي r أنه كان يصلي قبل الجمعة ؛ لأنه كان يخرج إليها ، فيؤذن بين يديه ، ثم يخطب ))([10]) .

وقد انتبه لهذا بعض علماء الحنفية ؛ حين ذهبوا إلى أنه إنما يجب السعي وترك البيع يوم الجمعة بالأذان الأول ، الذي يكون قبل صعود الخطيب ، وقالوا : إنه هو الصحيح في المذهب ، مع علمهم أنه لم يكن في زمن النبي r زمن نزول الآية : ] إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع [ الآية ، و أنـها نزلت في الأذان الذي عند صعود الخطيب على المنبر كما تقدم ، علموا هذا كله لشهرته في كتب السنة ، ولم يكتفوا بذلك ، بل وضعفوا قول الطحاوي منهم الذي وافق ما في السنة بقوله : إن الأذان الذي يجب به ترك البيع إنما هو الذي عند صعود الخطيب ، فقالوا : (( لأنه لو اعتبر في وجوب السعي لم يتمكن من السنة القبلية … الخ ))([11]) !.

فهذا اعتراف ضمني بأن السنة القبلية المزعومة لم تكن معروفة في العهد النبوي ، وأن الصحابة كانوا لا يصلونـها ؛ لأنه لم يكن آنئذ الوقت الذي يتمكنون فيه من أدائها ، وهذا أمر صحيح ،

ولذلك قال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد في هدي خير العباد" : (( ومن ظن أنـهم كانوا إذا فرغ بلال من الأذان ، قاموا كلهم فركعوا ركعتين ؛ فهو أجهل الناس بالسنة )) .

وتعقبه الكمال ابن الهمام في "فتح القدير" (1/422) ، فقال بعد أن نقل معنى كلامه دون أن يعزوه إليه : (( وهذا مدفوع بأن خروجه r كان بعد الزوال بالضرورة فيجوز كونه بعد ما يصلي الأربع ، ويجب الحكم بوقوع هذا المجوز ؛ لما قدمنا في باب النوافل من عموم أنه كان يصلي إذا زالت الشمس أربعاً ، ويقول : (( هذه ساعة تفتح فيها أبواب السماء ، فأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح )) ، وكذا يجب في حقهم ؛ لأنـهم أيضاً يعلمون الزوال )) .

قلت : وهذا التعقب لا طائل تحته ، وهو مردود من وجوه :

أولاً : أنه بناه على أن خروجه r كان بعد الزوال بالضرورة ، وليس كذلك على الإطلاق ،

بل كان يخرج أحياناً قبل الزوال كما تقدم .

ثانياً : تقدم أنه r كان يبادر إلى الصعود على المنبر عقب الزوال مباشرة ، فأين الوقت الذي يتسع لهذا الأمر المجوز ؟! .

ثالثاً : لو أن النبي r كان يصلي أربع ركعات بعد الزوال ، و قبل الأذان لنقل ذلك عنه ،

ولا سيما أن فيه أمراً غريباً غير معهود مثله في بقية الصلوات ، وهو الصلاة قبل الأذان ، ومثله صلاة الصحابة جميعاً لهذه السُنّة في وقت واحد في المسجد الجامع ، فإن هذا كله مما تتوافر الدواعي على نقله ، وتتضافر الروايات على حكايته ، فإذا لم ينقل شيء من ذلك ، دل على أنه

لم يقع ، وقد قال أبو شامة في كتابه : "الباعث على إنكار البدع والحوادث" : (( فإن قلت : لعله r صلى السُنّة في بيته بعد زوال الشمس ثم خرج ؟ ، قلت : لو جرى ذلك لنَقَلَه أزواجه رضي الله عنهن ، كما نقلن سائر صلواته في بيته ليلاً ونـهاراً ، وكيفية تـهجده وقيامه بالليل ، وحيث

لم ينقل شيء من ذلك فالأصل عدمه ، ودل على أنه لم يقع وأنه غير مشروع )) .

قلت : وأما الحديث الذي رواه أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن ياسر في (( حديث أبي القاسم علي بن يعقوب )) (108) ، عن إسحق بن إدريس : ثنا أبان : ثنا عاصم الأحول عن نافع عن عائشة مرفوعاً بلفظ : (( كان يصلي قبل الجمعة ركعتين في أهله )) ، فهو باطل موضوع ، وآفته إسحق هذا ؛ وهو الأسواري البصري ، قال ابن معين : (( كذاب يضع الحديث )) .

قلت : وتفرد هذا الكذاب برواية هذا الحديث من الأدلة الظاهرة على صدق قول أبي شامة : إنه لو جرى ذلك لنقله أزواجه ، وذلك لأنه لو وقع لنقله الثقات الذين تقوم بـهم الحجة ، ولا يعقل أن يصرفهم الله عن نقله ، ويخص به أمثال هذا الكذاب ، فذلك دليل على اختلاقه لهذا الحديث ،

وأنه لا أصل له .

رابعاً : أن العموم الذي ادعاه في الحديث الذي أشار إليه غير صحيح عند التأمل في نصه الوارد في كتب السنة المطهرة ، بل هو خاص بصلاة الظهر ، وإنما جره إلى هذا الخطأ خطأ آخر وقع له في نقل الحديث في المكان الذي أشار إليه وأحال عليه ، فقد قال فيه (1/317) : (( أخرج أبو داود في "سننه" ، والترمذي في "الشمائل" عن أبي أيوب الأنصاري عنه r قال : (( أربع قبل الظهر ليس فيهن تسليم ، تفتح لهن أبواب السماء )) ، وضعف بعبيدة من معتب الضبي .

وله طريق آخر ؛ قال محمد بن الحسن في "الموطأ" : حدثنا بكر بن عامر البجلي عن إبراهيم

والشعبي عن أبي أيوب الأنصاري أنه r كان يصلي أربعاً إذا زالت الشمس ، فسأله أبو أيوب عن ذلك ؟ فقال : إن أبواب السماء تفتح في هذه الساعة ، فأحب أن يصعد لي في تلك الساعة خير، قلت : أفي كلهن قراءة ؟ قال : نعم ، قلت : أيفصل بينهن بسلام ؟ قال : لا )) ، والعموم الذي سبق أن أشار إليه هو قوله : (( كان يصلي أربعاً إذا زالت الشمس )) ، وصحيح أن هذا عموم ، وأنه يشمل زوال الجمعة كما يشمل زوال الظهر ، ولكن ليس صحيحاً نقله بـهذا اللفظ الشامل ، فإن سياقه في "موطأ محمد"(ص158) هكذا: (( كان يصلي قبل الظهر أربعاً إذا زالت الشمس )) الحديث ، وهكذا نقله الزيلعي في "نصب الراية" (2/142) عن "الموطأ" ، فقد عاد الحديث إلى أنه خاص بصلاة الظهر وزواله ، كما رجع حجة عليه ، لا له .

ومثل هذا الحديث ، بل أصرح منه حديث عبد الله ابن السائب : (( أن رسول الله r كان يصلي أربعاً بعد أن تزول الشمس قبل الظهر ، وقال : إنـها ساعة تفتح فيها أبواب السماء ،

وأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح )) .

أخرجه أحمد (3/411)، والترمذي (2/343) وحسنه ، وإسناده صحيح على شرط مسلم.

فانظر إلى النكتة في قوله : (( قبل الظهر )) ، عقب قوله : (( بعد أن تزول الشمس )) ، فإن كل أحد يعلم أن الزوال إنما يكون قبل الظهر ، فإنما قيّده بذلك ليخرج من عموم : (( بعد أن تزول الشمس )) صلاة الجمعة ، فقد آب الحديث متفقاً مع الأحاديث المتقدمة النافية لسنة الجمعة القبلية .

خامساً : لو سلمنا بـ (( عمومية الحديث )) لقلنا بأنه من العام المخصوص بدليل النصوص المتقدمة ، ولهذا لا يقال : إن العلة المذكورة فيه : (( إنـها ساعة … الخ )) تقتضي أنه r كان يصلي قبل الجمعة أيضاً ؛ لأنا نقول : يمنع من ذلك الأدلة المشار إليها ، على أن غاية ما تفيده هذه العلة محبته r أن يصعد له في تلك الساعة عمل صالح ، ولا نشك في أن ذلك كان حاصلاً له r يوم الجمعة أكثر من غيره من الأيام ، ذلك لأنه في تلك الساعة كان يخطب خطبة الجمعة التي لا بد منها ، يعظ الناس ، ويذكرهم بربـهم ، ويعلمهم أمور دينهم ، فذلك أفضل له r من أربع ركعات فائدتـها خاصة به ، بينما تلك فائدتـها عائدة إلى المجموع ، فكانت أفضل .

سادساً : روى البخاري (1/394) عن ابن عمر قال : (( صليت مع رسول الله r ركعتين قبل الظهر ، وركعتين بعد الظهر ، وركعتين بعد الجمعة ، وركعتين بعد المغرب ، وركعتين بعد العشاء )) ، ورواه مسلم (2/162) ، وزاد : (( فأما المغرب والعشاء والجمعة ، فصليت مع النبي r في بيته )) .

فهذا كالنص على أنه r كان لا يصلي قبل الجمعة شيئاً لا في البيت ولا في المسجد ، إذ لو كان شيء من ذلك ؛ لنقله لنا ابن عمر رضي الله عنه كما نقل سنتها البعدية ، وسنة الظهر القبلية ، فذكر هذه السنة للظهر دون الجمعة أكبر دليل على أنه ليس لها سنة قبلية ، فبطل بذلك دعوى وقوع (( هذا المجوز )) ! كما يبطل به دعوى قياس الجمعة على الظهر في السنة القبلية ! .

لم يقل أحد من الأئمة بالسنة القبلية :

فثبت مما تقدم أن لا دليل في حديث أبي أيوب على سنية أربع ركعات قبل الجمعة بعد الزوال ، (( ولهذا كان جماهير الأئمة متفقين على أنه ليس قبل الجمعة سنة موقتة بوقت ، مقدرة بعدد ؛ لأن ذلك إنما يثبت بقول النبي r أو فعله ، وهو لم يسن في ذلك شيئاً ، لا بقوله ولا بفعله ، وهذا مذهب مالك و الشافعي وأكثر أصحابه ، وهو المشهور في مذهب أحمد ))([12]) .

وقال العراقي : (( ولم أر للأئمة الثلاثة ندب سنة قبلها ))([13]).

وأما الحديث الذي أخرجه ابن ماجه (1/347) عن ابن عباس قال : (( كان النبي r يركع قبل الجمعة أربعاً ، لا يفصل في شيء منهن )) .

فإسناده ضعيف جداً ؛ كما قال الزيلعي في "نصب الراية" (2/206) ، وابن حجر في "التلخيص" (4/626) ، وقال النووي في "الخلاصة" : (( إنه حديث باطل )) .

وتفصيل القول في ضعفه يراجع في "زاد المعاد" (1/170–171) ، و"الباعث" (ص75) ،

و"سلسلة الأحاديث الضعيفة" رقم (1001) من المجلد الثالث ، وقد صدر حديثاً ، و الحمد لله.

ولا يغيب عنا أن في الباب أحاديث أخرى عن ابن عباس ، ولكن أسانيدها ضعيفة أيضاً ، فإن مدارها على ضعفاء و مجاهيل ، و قد ضعفها كلها الحافظ في "الفتح" (2/341) ، فاقصده إن شئت .

ثم تكلمت بصورة خاصة مفصّلة على حديث ابن مسعود وحديث أبي هريرة في المجلد المذكور آنفاً برقم (1016 و1017) .

ولذلك رأيت ابن الهمام فيما سبق ينصرف عن الاحتجاج بشيء منها إلى الاحتجاج بما صح سنده ، ولكن ليس له علاقة بالباب ، وقد سبقه إلى نحو ذلك النووي رحمه الله ، فاحتج بحديث آخر صحيح ، لكنه غير صريح في دلالته ، وهو ما أخرجه أبو داود في "سننه" بإسناد صحيح على شرط البخاري عن أيوب عن نافع قال : (( كان ابن عمر يطيل الصلاة قبل الجمعة ، و يصلي بعدها ركعتين في بيته ، ويحدث أن رسول الله r كان يفعل ذلك )) .

فهذا ظاهره أنه r كان يفعل كلاً من الأمرين : الصلاة قبل الجمعة ، والصلاة بعدها ، ولكن الأول غير مراد ؛ كما سبق في رواية البخاري عن ابن عمر (ص 54 – 55) ، وكما بيَّنَتْهُ رواية أخرى ؛ قال الحافظ في "الفتح" (2/341) : (( احتج به النووي في "الخلاصة" على إثبات سنة الجمعة التي قبلها ، وتعقب بأن قوله : (( كان يفعل ذلك )) عائد على قوله : (( ويصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته )) ، ويدل عليه رواية الليث عن نافع عن عبد الله أنه كان إذا صلى الجمعة ؛ انصرف فسجد سجدتين في بيته ، ثم قال : كان رسول الله r يصنع ذلك )) ، أخرجه مسلم .

قال الحافظ : (( وأما قوله : (( كان يطيل الصلاة قبل الجمعة )) ، فإن كان المراد بعد دخول الوقت فلا يصح أن يكون مرفوعاً ؛ لأنه r كان يخرج إذا زالت الشمس ، فيشتغل بالخطبة ،

ثم بصلاة الجمعة ، وإن كان المراد قبل دخول الوقت فذلك مطلق نافلة ، لا صلاة راتبة ، فلا حجة فيه لسنة الجمعة التي قبلها ، بل هو نفل مطلق ، وقد ورد الترغيب فيه كما تقدم في حديث سلمان وغيره ، حيث قال فيه : ثم صلى ما كتب له )) .

وحديث سلمان المشار إليه آنفاً في كلام الحافظ لفظه عند البخاري: (( لا يغتسل رجل يوم الجمعة ، ويتطهر ما استطاع من طهر ، ويدهن من دهن ، أو يمس من طيب بيته ، ثم يخرج ،

فلا يفرق بين اثنين ، ثم يصلي ما كتب له ، ثم ينصت إذا تكلم الإمام ؛ إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى )) ، وأخرجه النسائي والدارمي .

قلت : فهذا الحديث يبين بجلاء وظيفة الداخل إلى المسجد يوم الجمعة في أي وقت كان ، وهي أن يصلي ما قدر له ، ( و في حديث آخر : (( ما بدا له )) ) حتى يخرج الإمام ، فينصت له ، فهو دليل صريح أو كالصريح على جواز الصلاة قبل الزوال يوم الجمعة ، وذلك من خصوصيات هذا اليوم كما بين المحقق ابن القيم في "الزاد" (1/143) ، واحتج له بـهذا الحديث ، فقال عقبه :

(( فندبه إلى صلاة ما كتب له ، و لم يمنعه عنها إلا في وقت خروج الإمام ، لا انتصاف النهار )) .

ثم ذكر مذاهب العلماء في الصلاة قبل الزوال ، وهي ثلاثة : مباح مطلقاً يوم الجمعة وغيره ،

ومكروه مطلقاً ، والثالث أنه وقت كراهة إلا يوم الجمعة ، وهو مذهب الشافعي ، وهو الحق الذي اختاره جماعة من الحنفيين وغيرهم ، وهو قول الإمام أبي يوسف رحمه الله ، وهو المعتمد المصحح في المذهب كما في "الأشباه والنظائر"، وعليه الفتوى كما في الطحطاوي على "مراقي الفلاح" .([14])

وعلى هذا جرى عمل الصحابة رضي الله عنهم ، فروى ابن سعد في "الطبقات" (8/360) بإسناد صحيح على شرط مسلم عن صافية قالت : (( رأيت صفية بنت حيي ( وهي من أزواج النبي r ماتت في ولاية معاوية ) ، صلت أربعاً قبل خروج الإمام ، وصلت الجمعة مع الإمام ركعتين )) .

وفي "الزاد" قال ابن المنذر : روينا عن ابن عمر أنه كان يصلي قبل الجمعة ثنتي عشرة ركعة ،

وعن ابن عباس أنه كان يصلي ثمان ركعات ، وهذا دليل على أن ذلك كان منهم من باب التطوع المطلق ، ولذلك اختلف العدد المروي عنهم في ذلك ، وقال الترمذي : (( وروي عن ابن مسعود أنه كان يصلي قبل الجمعة أربعاً ، وبعدها أربعاً ، وإليه ذهب ابن المبارك والثوري )) .

وقال أبو شامة (ص70) بعد أن نقل قول ابن المنذر المذكور : (( ولذلك اختلف العدد المروي عنهم ، وباب التطوع مفتوح ، ولعل ذلك كان يقع منهم أو معظمه قبل الأذان ودخول وقت الجمعة ؛ لأنـهم كانوا يبكرون ويصلون حتى يخرج الإمام ، وقد فعلوا مثل ذلك في صلاة العيد ، وقد علم قطعاً أن صلاة العيد لا سنة لها ، وكانوا يصلون بعد ارتفاع الشمس في المصلى ، وفي البيوت ، ثم يصلون العيد، روي ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين، وبوب له الحافظ البيهقي باباً في "سننه" ثم الدليل على صحة ذلك أن النبي r كان يخرج من بيته يوم الجمعة فيصعد منبره ، ثم يؤذن المؤذن فإذا فرغ ؛ أخذ النبي r في خطبته ، ولو كان للجمعة سنة قبلها لأمرهم بعد الأذان بصلاة السنة ، وفعلها هو r، ولم يكن في زمن النبي r غير هذا الأذان، وعلى ذلك مذهب المالكية إلى الآن)).

وقد يشير إلى أنه لا سنة للجمعة قبلها قوله r : (( إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعاً ))([15]).

فإنه لو كان قبلها سنة لذكرها في هذا الحديث مع السنة البعدية ، فهو أليق مكان لذكرها .

والخلاصة : إن المستحب لمن دخل المسجد يوم الجمعة في أي وقت أن يصلي قبل أن يجلس

ما شاء نفلاً مطلقاً غير مقيد بعدد ، ولا موقت بوقت ، حتى يخرج الإمام ، أما أن يجلس عند الدخول بعد صلاة التحية أو قبلها، فإذا أذن المؤذن بالأذان الأول ؛ قام الناس يصلون أربع ركعات ؛ فمما لا أصل له في السنة ، بل هو أمر محدث ، و حكمه معروف .

وقد يتوهم متوهم أن هذا القيام و الصلاة كان معروفاً على عهد عثمان ، وأن من أسباب أمره بالأذان الأول هو إيجاد فسحة من الوقت بينه وبين الأذان الثاني ؛ ليتمكنوا من السنة القبلية !

وهذا مع أنه مما لا دليل عليه وإنما هو مجرد ظن ، والظن لا يغني من الحق شيئاً – ومع أنه لم ينقل – فإن في حديث السائب السابق ما يبعد وقوعه ، ففيه : (( أن الأذان الأول كان في السوق )) ،

والسنة القبلية لا تكون في السوق عادة ، بل في المسجد ، ومن كان فيه لا يسمعه حتى يصلي حينئذ ! ثم إنه لم ينقل أيضاً أن هشاماً لما نقل الأذان العثماني من الزوراء إلى باب المسجد ، ونقل الأذان النبوي منه إلى داخل المسجد كما تقدم ، لم ينقل أنـهم كانوا يصلون بين الأذانين ، ولو فعلوا

لما كان في ذلك حجة ؛ لأنه بعد انقراض عهد الصحابة ، وما لم يكن يومئذ ديناً لا يكون اليوم ديناً ، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ؛ كما قال الإمام مالك رحمه الله تعالى .

ولذلك قال ابن الحاج في "المدخل" (2/239) : (( وينهى الناس عما أحدثوه من الركوع بعد الأذان الأول للجمعة ؛ لأنه مخالف لما كان عليه السلف رضوان الله عليهم ؛ لأنـهم كانوا على قسمين : فمنهم من كان يركع حين دخوله المسجد ، ولا يزال كذلك حتى يصعد الإمام المنبر ، فإذا جلس عليه قطعوا تنفلهم ، ومنهم من كان يركع و يجلس حتى يصلي الجمعة ، ولم يحدثوا ركوعاً بعد الأذان الأول ولا غيره ، فلا المتنفل يعيب على الجالس ، ولا الجالس يعيب على المتنفل ،

وهذا بخلاف ما هم اليوم يفعلونه ، فإنـهم يجلسون حتى إذا أذن المؤذن قاموا للركوع ([16]) ! فإن قال قائل : هذا وقت يجوز فيه الركوع ، فقد روى الإمام البخاري عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال : قال رسول الله r : بين كل أذانين صلاة ، قالها ثلاثاً ، وقال في الثالثة : لمن شاء ، فالجواب أن السلف رضوان الله عليهم أفقه بالحال ، وأعرف بالمقال ، فما يسعنا إلا اتباعهم فيما فعلوه )).

قلت : وهذا الجواب غير كاف ولا شاف ؛ لأنـه أوهم التسليم بأن الحديث يدل على مشروعية قصد الصلاة بين أذان عثمان والأذان النبوي، وليس كذلك ، فلا بد إذن من توضيح ذلك، فأقول :

إن الحديث لا يدل على ذلك البتة ؛ لأن معنى قوله فيه : (( أذانين )) ، أي : أذان وإقامة ، قال الحافظ : (( وقد جرى الشراح على أن هذا من باب التغليب ، كقولهم : ( القمرين ) للشمس

والقمر ، ويحتمل أن يكون أطلق على الإقامة أذان ؛ لأنـها إعلان بحضور فعل الصلاة ، كما أن الأذان إعلام بدخول الوقت )) .

قلت : و سواء كان هذا أو ذاك ، فالمراد بالأذان الثاني فيه الإقامة قولاً واحداً ، فإذا كان الأمر كذلك فلا يصلح دليلاً لما ذهب إليه القائل المذكور .

ثم إننا لو فرضنا أن الحديث على ظاهره ، وأنه يشمل أذان عثمان ، مع أنه لم يكن في عهده r اتفاقاً ؛ لما دل إلا على استحباب صلاة مطلقة غير مقيدة بعدد ، وليس البحث في ذلك ، وإنما هو في كونـها سنة راتبة مؤكدة ، وفي كونـها أربع ركعات ، فهذا مما لا يقوم بصحته دليل ، لا هذا الحديث ولا غيره ؛ كما تقدم بيانه مفصلاً .

ويؤيد ما ذكرته أن أحداً من العلماء لم يستدل بالحديث المذكور على سنية صلاة معينة بركعات محدودة بين الأذانين ، وخاصة أذان المغرب وإقامته ، بل غاية ما قالوا : إنه يدل على الندب فقط ، وعلى صلاة مطلقة غير محدودة الركعات ، فليكن الأمر كذلك هنا على الفرض الذي ذكرنا ،

وهذا ظاهر لمن أنصف .

ولكن الحق أن الحديث لا يدل على مشروعية التنفل إطلاقاً بين أذاني الجمعة ؛ كما سبق بيانه في أول البحث ، فهو المعتمد .

هذا ؛ وأما قول السائل في هذه الفقرة : وهل تصلى السنة عقب دخول الوقت بلا أذان ؟ )).

فنقول : يجب أن يتولى الإجابة عن هذا الذين يذهبون إلى مشروعية هذه السنة ، وأما نحن الذين لا نرى مشروعيتها ؛ فالسؤال غير وارد علينا ، وإنما نقول كلمة موجزة ، وهي كالخلاصة لهذا البحث المتقدم :

إن الثابت في السنة ، والذي جرى عليه عمل الصحابة هو الصلاة قبل الأذان وقبل الوقت صلاة مطلقة غير مقيدة بوقت ولا بعدد ، فمن كان مقتدياً فبهداهم فليقتد ، فإن خير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتـها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .

والخلاصة ؛ أن الذي ثبت في السنة و جرى عليه السلف الصالح رضي الله عنهم هو :

أولاً : الاكتفاء بالأذان الواحد ، عند صعود الخطيب على المنبر .

ثانياً : أن يكون خارج المسجد على مكان مرتفع .

ثالثاً : أنه إن احتيج إلى أذان عثمان ؛ فمحله خارج المسجد أيضاً في المكان الذي تقتضيه المصلحة ، ويحصل به التسميع أكثر .

رابعاً : إن الأذان في المسجد بدعة على كل حال ، وإن لصلاة الجمعة وقتين بعد الزوال

وقبله .

خامساً : إن من دخل المسجد قبل الأذان صلى نفلاً مطلقاً ما شاء من الركعات .

سادساً : إن قصد الصلاة بين الأذان المشروع والأذان المحدث – تلك التي يسمونـها سنة الجمعة القبلية – لا أصل لها في السنة ، ولم يقل بـها أحد من الصحابة والأئمة .

وهذا آخر ما تيسر تحريره من الإجابة على الأسئلة المقدمة ، أرجو من الله تعالى أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم ، وسبباً للفوز بالنعيم المقيم ، ونجاة من عذاب الجحيم ، إنه هو البر الرحيم ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

دمشق : نـهار الخميس 24رمضان 1370هـ

28حزيران 1951م

كتبه

خادم السنة المطهرة

محمد ناصر الدين نوح الألباني

أبو عبد الرحمن

 

 

 

 

 

 

 

 

أحكام الجمعة

ثم إنني بعد أن قدمت رسالة "الأجوبة النافعة" للطبع ، وقفت على كتاب "الموعظة الحسنة

بما يخطب في شهور السنة" ( 1 ) تأليف العلامة المحقق أبو الطيب صديق حسن خان ، فرأيت فيه فصلاً خاصاً في ( الكلام على صلاة الجمعة ) (ص7 – 35) ، تكلم فيه كما قال : " على أمهات مسائل ، ثبتت من السنة المطهرة ، وصح دليلها ، وغالبها مما حقق القول فيه في كتابه الآخر "الروضة الندية" ، بل هو أحياناً ينقل منها بعض المسائل بالحرف الواحد .

فرأيت أن ألخص جل تلك المسائل ، وأذيل بها هذه الرسالة لما فيها من التحقيق والتدقيق الذي عرف به المؤلف رحمه الله تعالى ، وكان لا بد من التعليق على بعضها ، حينما يقتضي ذلك التحقيق العلمي ، والنصح الديني ، وأعرضت عن ذكر بعضها ، إما لأنه مما لا ضرورة إلهيا ،

أو لم يقم الدليل العلمي على صحتها .

والله أسأل أن يجزي المؤلف ، والمنفق على طبعه والقائم عليه خير الجزاء ، وأن ينفع به القراء ، إنه خير مسؤول .

 

 

 

 

 

حكم صلاة الجمعة ( 1 ) :

1 – الجمعة حق على كل مكلف ، واجبة على كل محتلم ، بالأدلة المصرحة بأن الجمعة حق على كل مكلف ، وبالوعيد الشديد على تاركها ، وبهمه r  بإحراق المتخلفين عنها( 2 ).

وليس بعد الأمر القرآني المتناول لكل فرد في قوله تعالى : ] يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله [ ]الجمعة : 9 [حجة بينة واضحة . وقد أخرج أبو دواود من حديث طارق بن شهاب أن النبي r قال: (( الجمعة حق واجب على كل مسلم]في جماعة[إلا أربعة : عبد مملوك ، أو امرأة ، أو صبي ، أو مريض )) . وقد صححه غير واحد من الأئمة.

 

الإمام الأعظم ! :

2 – لا يشترط الإمام الأعظم للجمعة ، ولو كان مجرد إقامتها ـ r أو بمن هو من جهته ـ يستلزم اشتراط الإمام الأعظم فيها ، لكان الإمام الأعظم شرطاً في سائر الصلوات ، لأنها لم تقم إلا به في عصره r أو بمن يأمره بذلك ، واللازم باطل ، فالملزوم مثله .

والحاصل أنه ليس على هذا الاشتراط أثارة من علم ، بل لم يصح ما يروى في ذلك عن بعض السلف ، فضلاً عن أن يصح فيه شيء عن النبي r ومن طول المقال في هذا المقام فلم يأت بطائل قط ( 3 ) .

العدد في الجمعة :

3 – صلاة الجماعة قد صحت بواحد مع الإمام ، وصلاة الجمعة هي صلاة من الصلوات ، فمن اشترط فيها زيادة على ما تنعقد به الجماعة ، فعليه الدليل ، ولا دليل ، والعجب من كثرة الأقوال في تقدير العدد حتى بلغت إلى خمس عشر قولاً ، ليس على شيء منها دليل يستدل له قط ،

إلا قول من قال : إنها تنعقد جماعة الجمعة بما تنعقد به سائر الجماعة ، كيف والشروط إنما تثبت بأدلة خاصة تدل على انعدام المشروط عند انعدام شرطه ، فإثبات مثل هذه الشروط بما ليس بدليل أصلاً ، فضلاً على أن يكون دليلاً على الشرطية مجازفة بالغة ، وجرأة على التقول على الله وعلى رسوله r وعلى شريعته .

لا أزال أكثر التعجب من وقوع مثل هذا للمصنفين ، وتصديره في كتب الهداية ، وأمر العوام والمقصرين باعتقاده والعمل به ، وهو على شفا جرف هاو ، ولم يختص هذه بمذهب من المذاهب، ولا بقطر من الأقطار ، ولا بعصر من العصور، بل تبع فيه الآخر الأول ، كأنه أخذه من أم الكتاب ! وهو حديث خرافة !

فيا ليت شعري ما بال هذه العبادة من بين سائر العبادات تثبت لها شروط وفروض وأركان بأمور لا يستحل العالم المحقق بكيفية الاستدلال أن يجعل أكثرها سنناً ومندوبات ؛ فضلاً عن فرائض وواجبات ، فضلاً عن شرائط ؟ !

والحق أن هذه الجمعة فريضة من فرائض الله سبحانه ، وشعار من شعائر الإسلام ، وصلاة

من الصلوات ، فمن زعم أنه يعتبر فيها ، ما لا يعتبر في غيرها من الصلوات ، لم يسمع منه ذلك

إلا بدليل.

فإذا لم يكن في المكان إلا رجلان ، قام أحدهما يخطب ، واستمع له الآخر ثم قاما فصليا

] فقد صليا [ ( 1 )صلاة الجمعة .

والحاصل أن جميع الأمكنة صالحة لتأدية هذه الفريضة ( 2 )، إذا سكن فيها رجلان مسلمان كسائر الجماعات ـ بل لو قال قائل : إن الأدلة الدالة على صحة صلاة المنفرد شاملة لصلاة الجمعة ـ لم يكن بعيداً عن الصواب ( 3 ) .

 

 

 

 

 

تعدد الجمعة في البلد الواحد :

4 – صلاة الجمعة صلاة من الصلوات ، يجوز أن تقام في وقت واحد جمع متعددة في مصر واحد ، كما تقام جماعات سائر الصلوات في المصر الواحد ، ومن زعم خلاف هذا ، كان مستند زعمه مجرد الرأي ، وليس ذلك بحجة على أحد ، وإن كان مستند زعمه الراوية ، فلا رواية .

والحاصل أن المنع من جمعتين في مصر واحد ، إن كان لكون من شرط صلاة الجمعة أن لا يقع مثلها في موضع واحد أو أكثر فمن أين هذا ؟! وما الذي دل عليه ؟! فإن كان مجرد أنه r

لم يأذن فإقامة جمعته في المدينة وما كان يتصل لها بها من القرى ، فهذا مع كونه لا يصح الاستدلال على الشرطية المقتضية للبطلان ، بل ولا على الوجوب الذي هو دونها ، يستلزم أن يكون الحكم هكذا في سائر الصلوات الخمس ( 1 ) فلا تصح الصلاة جماعة في موضع لم يأذن النبي r بإقامة الجماعة فيه ، وهذا من أبطل الباطلات . وإن كان الحكم ببطلان المتأخرة من الجمعتين ( 2 ) إن علمت ـ وكلتيهما مع اللبس ـ لأجل حدوث مانع فما هو ؟ فإن الأصل صحة الأحكام التعبدية في كل مكان وزمان إلا أن يدل الدليل على المنع ، وليس ههنا من ذلك شيء البتة ( 3 ) .

من فاتته الجمعة ماذا يصلي ؟

5 – الجمعة فريضة من الله عز وجل فرضها على عباده ، فإذا فأتت لعذر فلابد من دليل على وجوب صلاة الظهر ، وفي حديث ابن مسعود (( ومن فاتته الركعتان فليصل أربعاً )) ( 1 ). فهذا يدل على أن ما فاتته الجمعة صلىَّ ظهراً .

وأما ما ذكره أهل الفروع من فوائد الخلاف في هذه المسألة ، فلا أصل لشيء من ذلك .

بماذا تدرك الجمعة :

6 – أخرج النسائي من حديث أبي هريرة بلفظ : (( من أدرك ركعة من الجمعة ، فقد أدرك الجمعة )) .

ولهذا الحديث أثنا عشر طريقاً ، صحح الحاكم ثلاثاً منها . قال في "البدر المنير" : هذه الطرق الثلاث أحسن طرق هذا الحديث والباقي ضعاف .

وأخرجه النسائي وابن ماجه والدارقطني من حديث ابن عمر ، وله طرق ، وقال الحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام" : ( إسناده صحيح ] ولكن قوَّى [( 1 ) أبو حاتم إرساله ) . فهذه الأحاديث تقوم بها الحجة ) ( 2 ) .

حكم الجمعة في يوم العيد :

7 ـ ظاهر حديث زيد ابن أرقم عند أحمد وأبي داود والنسائي وابن ماجه بلفظ : (( أنه r صلىَّ العيد ، ثم رخص في الجمعة ، فقال : من شاء أن يصلي فليصل )) . يدل على أن الجمعة تصير بعد صلاة العيد رخصة لكل الناس ( 1 )، فإن تركها الناس جميعاً ، فقد عملوا بالرخصة ، وإن فعلها بعضهم فقد استحق الأجر ، وليست بواجبة عليه من غير فرق بين الإمام وغيره .

وهذا الحديث قد صححه ابن المديني ، وحسنه النووي . وقال ابن الجوزي : هو أصح ما في الباب( 2 ).

وأخرج أبو داود والنسائي والحاكم عن واهب بن كيسان قال : اجتمع عيدان على عهد ابن الزبير ، فأخر الخروج حتى تعالى النهار ، ثم خرج فخطب ، فأطال الخطبة ، ثم نزل فصلى ،

ولم يصلِّ الناس يومئذ الجمعة ، فذكر ذلك لابن عباس رضي الله عنهما ، فقال : أصاب السنة. ورجاله رجال الصحيح .

 

 

 

 

وأخرجه أيضاً أبو داود عن عطاء بنحو ما قال وهب بن كيسان.ورجاله رجال الصحيح ( 1 ).

وجميع ما ذكرناه يدل على أن الجمعة بعد العيد رخصة لكل أحد ، وقد تركها ابن الزبير في أيام خلافته كما تقدم ؛ ولم ينكر عليه الصحابة ذلك .

حكم غسل الجمعة :

8 ـ الأحاديث الصحيحة الثابتة في "الصحيحين" وغيرهما من طريق جماعة من الصحابة قاضية بوجوب الغسل للجمعة ، ولكنه ورد ما يدل على عدم الوجوب أيضاً عند أصحاب "السنن" ، يقوي بعضه بعضاً ، فوجب تأويله على أن المراد بـ ( الوجوب ) تأكيد المشروعية جمعاً بين الأحاديث ، وإن كان لفظ " واجب " لا يصرف عن معناه ، إلا إذا ورد ما يدل على صرفه

كما نحن بصدده ، لكن الجمع مقدم على الترجيح ، ولو كان بوجه بعيد ( 2 ) .

واعلم أن حديث (( إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل )) يدل على أن الغسل لصلاة الجمعة؛ وأن من فعله لغيرها لم يظفر بالمشروعية ، سواء فعله في أول اليوم أو في وسطه أو في آخره .

ويؤيد هذا ما أخرجه ابن خزيمة وابن حبان مرفوعاً : (( من أتى الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل )) زاد ابن خزيمة : (( ومن لم يأتها فليس عليها غسل )) .

حكم خطبة الجمعة :

9 ـ قد ثبت ثبوتاً يفيد القطع أن النبي r ما ترك الخطبة في صلاة الجمعة التي شرعها الله سبحانه وتعالى . وقد أمر الله سبحانه في كتابه العزيز بالسعي إلى ذكر الله عز وجل ، والخطبة من ذكر الله ، إذا لم تكن هي المرادة بالذكر ، فالخطبة سنة ، لا فريضة .

وأما كونها شرطاً من شروط الصلاة فلا ؛ فإنا لم نجد حرفاً من هذا في السنة المطهرة ، بل لم نجد فيها قولاً يشتمل على الأمر بها الذي يستفاد منه الوجوب فضلاً عن الشرطية ؛ وليس هناك إلا مجرد أفعال محكية عن رسول الله r أنه خطب ، وقال في خطبته كذا ؛ وقرأ كذا . وهذا غاية ما فيه أن تكون الخطبة قبل صلاة الجمعة سنة من السنن المؤكدة ، لا واجبة ، فضلاً عن أن تكون شرطاً للصلاة . والفعل الذي وقعت المداومة عليه ، لا يستفاد منه الوجوب ، بل يستفاد منه أنه سنة من السنن المؤكدة . فالخطبة في الجمعة سنة من السنن المؤكدة ، وشعار من شعائر الإسلام لم تترك منذ شرعت إلى موته r  ( 1 ).

صفة الخطبة وما يعلم فيها :

10 ـ اعلم أن الخطبة المشروعة هي ما كان يعتاده r من ترغيب الناس وترهيبهم ، فهذا في الحقيقة هو روح الخطبة الذي لأجله شرعت .

وأما اشتراط الحمد لله ، أو الصلاة على رسول الله r ، أو قراءة شيء القرآن فجميعه خارج عن معظم المقصود ، من شرعية الخطبة ، واتفاق مثل ذلك في خطبه r ، لا يدل على أنه مقصود متحتم ، وشرط لازم ، ولا يشك منصف أن معظم المقصود هو الوعظ دون ما يقع قبله من الحمد والصلاة عليه r . وقد كان عرف العرب المستمر أن أحدهم إذا أراد أن يقوم مقاماً ويقول مقالاً، شرع بالثناء على الله والصلاة على رسوله ، وما أحسن هذا وأولاه ! ولكن ليس هو المقصود ، بل المقصود ما بعده .

والوعظ في خطبة الجمعة هو الذي يساق إليه الحديث ، فإذا فعله الخطيب فقد فعل الفعل المشروع ، إلا أنه إذا قدم الثناء على الله ، ] والصلاة [على رسوله ، أو استطرد في وعظه القوارع القرآنية كان اتم وأحسن ، وأما قصر الوجوب بل الشرطية على الحمد والصلاة ، وجعل الوعظ من الأمور المندوبة فقط ، فمن قلب الكلام ، وإخراجه عن الأسلوب الذي تقبله الاعلام .

والحاصل : أن روج الخطبة هو الموعظة الحسنة ، من قرآن أو غيره . وكان رسول الله r يأتي في خطبته بالحمد لله تعالى والصلاة على رسوله r ( 1 ) ، وبالشهادتين ، وبسورة كاملة ، والمقصود الموعظة بالقرآن ، وإيراد ما يمكن من زواجره ؛ وذلك لا يختص بسورة كاملة .

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : (( كان رسول الله r إذا خطب ، احمرت عيناه، وعلا صوته ، واشتد غضبه ، حتى كأنه منذر جيش يقول : صبحكم ومساكم ، ويقول :

أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد r ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة )) أخرجه مسلم .

( وفي رواية له ) : " كانت خطبة النبي r يوم الجمعة يحمد الله ، ويثني عليه ، ثم يقول على أثر ذلك وقد علا صوته " .

( وفي آخرى له ) : (( من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له )) ( 1 ). وللنسائي عن جابر : (( وكل ضلالة في النار )) ( 2 ) أي بعد قوله : (( كل بدعة ضلالة )) . والمراد بقوله: (( وكل بدعة ضلالة )) صاحبها .

والبدعة لغة ما عمل على غير مثال ، والمراد هنا ما عمل من دون أن سبق له شرعية من كتاب أو سنة .

وفي الحديث دلالة على ضلالة كل بدعة ، وعلى أن قوله هذا ليس عاماً مخصوصاً كما زعم بعضهم .

وفيه دليل على أنه يستحب للخطيب أن يرفع بالخطبة صوته ، ويجزل كلامه ، ويأتي بجوامع الكلم من الترغيب والترهيب . ويأتي بقوله : ( أما بعد ) .

وظاهره أنه كان r يلازمها في جميع خطبه . وذلك بعد الحمد والثناء والتشهد ، كما تفيدها الرواية المشار إليها بقوله : ( وفي رواية له ) الخ. وفيه إشارة إلى أنه كان r يلازم قوله : (( أما بعد فإن خير الحديث )) الخ ، في جميع خطبه( 1 ).

وثبت أنه r قال : " كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء " ( 2 ) .

وكان r يعلم أصحابه في خطبته قواعد الإسلام وشرائعه ويأمرهم وينهاهم في خطبته إذا عرض أمر أو نهي ، كما أمر الداخل وهو يخطب أن يصلي ركعتين ؛ ويذكر معالم الشرائع في الخطبة؛ والجنة والنار والمعاد ، فيأمر بتقوى الله ، ويحذر من غضبه ، ويرغب في موجبات رضاه ، وقد ورد قراءة آية ، ففي حديث مسلم : (( كان لرسول الله r خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن، ويذكر الناس ويحذر )) .

وظاهر محافظته على ما ذكر في الخطبة وجوب ذلك ، لأن فعله بيان لما أجمل في آية الجمعة، وقد قال r : (( صلوا كما رأيتموني أصلي )) ( 3 ). وقد ذهب إلى هذا الشافعي . وقال بعضهم : مواظبته r دليل على الوجوب . قال في "البدر التمام":( وهو الأظهر ). والله أعلم.( 4 )

قصر الخطبة واطالة الصلاة :

11 ـ وعن عمار بن ياسر قال : سمعت رسول الله r يقول : (( إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه )) . رواه مسلم أي مما يعرف به فقه الرجل . وكل شيء دل على شيء فهو مئنة له . وإنما كان قصر الخطبة علامة على ذلك ، لأن الفقيه هو المطلع على حقائق المعاني وجوامع الألفاظ ، فيتمكن من التعبير بالعبارة الجزلة المفيدة ، ولذلك كان من تمام رواية هذا الحديث : (( فأطيلوا الصلاة ، واقصروا الخطبة ، وإن من البيان لسحرا )) .

والمراد من طول الصلاة الطول الذي لا يدخل فاعله تحت النهي ، وقد كان r يصلي الجمعة

بـ ( الجمعة ) و ( المنافقون ) ، كما عند مسلم عن ابن عباس وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه : (( كان r يقرأ في العيدين وفي الجمعة بـ ( سبح اسم ربك الأعلى ) و ( هل أتاك حديث الغاشية ) )) ( 1 ).

وذلك طول بالنسبة إلى خطبته ، وليس بالطول المنهي عنه . وعن أم هشام بنت حارثة بن النعمان قالت : " ما أخذت ( ق والقرآن المجيد ) إلا من لسان رسول الله r ؛ يقرؤها كل جمعة على المنبر إذا خطب الناس ) رواه مسلم . وفيه دليل على مشروعية قراءة سورة أو بعضها في الخطبة كل جمعة . وكان محافظته r على هذه السورة اختياراً منه لما هو أحسن في الوعظ والتذكير ، وفيه دلالة على ترديد الوعظ في الخطبة .

 

 

 

أحكام متفرقة :

12 ـ وكان إذا عرضت له حاجة أو سأله سائل ، قطع خطبته وقضى الحاجة ، وأجاب السائل، ثم أتمها ، وكان إذا رأى في الجماعة فقيراً أو ذا حاجة أمر بالتصدق وحرض على ذلك.

وكان إذا ذكر الله تعالى أشار بالسبابة .

وكان إذا اجتمعت الجماعة خرج للخطبة وحده ، ولم يكن بين يديه حاجب ولا خادم ، ولم يكن من عادته لبس الطرحة ولا الطيلسان ، ولا الثوب الأسود المعتاد .

وكان إذا دخل المسجد سلم على الحاضرين لديه ، وإذا صعد المنبر أدار وجهه إلى الجماعة وسلم ثانياً ثم قعد( 1 ) .

تحية المسجد أثناء الخطبة :

13 ـ حاصل ما يستفاد من الأدلة أن الكلام منهي عنه حال الخطبة نهياً عاماً وقد خصص هذا بما يقع من الكلام في صلاة التحية من قراءة وتسبيح وتشهد ودعاء ، والأحاديث المخصصة لمثل ذلك صحيحة ؛ فلا محيص لمن دخل المسجد حال الخطبة من صلاة ركعتي التحية إن أراد القيام بهذه السنة الموكدة والوفاء بما دلت عليه الأدلة ، فإنه r  سليكاً الغطفاني لما وصل إلى المسجد حال الخطبة فقعد ولم يصل التحية ، بأن يقوم فيصلي ، فدل هذا على كون ذلك من المشروعات المؤكدة ، بل من الواجبات .

ومن جملة مخصصات التحية حديث : (( إذا جاء أحدكم ]يوم الجمعة [والإمام يخطب فليصلِّ ركعتين )) ( 1 )، وهو حديث صحيح ، متضمن للنص في محل النزاع . وأما ما عدا صلاة التحية من الأذكار والأدعية والمتابعة للخطيب في الصلاة على النبي r وإن وردت بها أدلة قاضية بمشروعيتها فهي أعم من أحاديث منع الكلام حال الخطبة من وجه ، وأخص منها من وجه ، فيتعارض العمومان ، وينظر في الراجح منهما ، وهذا إذا كان اللغو المذكور في حديث: ( ( ومن لغا فلا جمعة له ))( 2 ) يشمل جميع أنواع الكلام ، وأما إذا كان مختصاً بنوع منه ، وهو ما لا فائدة فيه، فليس مما يدل على منع الذكر والدعاء والمتابعة في الصلاة عليه r .

يقول ملخصه محمد ناصر الدين :

والأرجح من الإحتمالين الأول،بدليل قوله r :(( إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة : أنصت فقد لغوت )) أخرجه الشيخان وغيرهما .

فإن قول القائل : أنصت ، لا يعد لغة من اللغو ، لأنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومع ذلك فقد سماه عليه الصلاة والسلام : لغواً لا يجوز ، وذلك من باب ترجيح الأهم ، وهو الإنصات لموعظة الخطيب ، على المهم ، وهو الأمر بالمعروف في أثناء الخطبة ، وإذا كان الأمر كذلك ، فكل ما كان في مرتبة الأمر بالمعروف ، فحكمة حكم الأمر بالمعروف ، فكيف إذا كان دونه في الرتبة ، فلا شك أنه حينئذ بالمنع أولى وأحرى ، وهي من اللغو شرعاً . وأما قول المصنف ( ص27 ) وفي "الروضة" ( 140 ) :

" ويمكن أن يقال : إن ذلك الذي قال : ( أنصت ) لم يؤمر في ذلك الوقت بأن يقول هذه المقالة . فكان كلامه لغواً حقيقة من هذه الحيثية " .

فأقول : وكذلك شأن الأذكار التي تررد المؤلف في حكمها هي مما لم يؤمر بها في ذلك الوقت فكانت لغواً أيضاً . والله أعلم .

وبهذا ينتهي تلخيص هذه المسائل من "الموعظة الحسنة" مع ما تيسر من التعليق عليها ، وكان الفراغ من ذلك مساء السبت ، الثاني عشر من شهر صفر سنة 1382 هـ .

والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين .

محمد ناصر الدين الألباني

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بدع الجمعة

وبعد أن فرغت من تلخيص الأحكام المتقدمة والتعليق عليها وتحقيقها ، تذكرت أن عندي مشروع تأليف كتاب باسم "قاموس البدع" فرأيت أن آخذ منه المادة المتعلقة ببدع الجمعة ، فأرتبها، وأضمها إلى هذه الرسالة فتتم بها الفائدة . ذلك لأنني لا أدري متى تسنح لي الفرصة وييسر لي السبيل حتى أتمكن من إخراج "قاموس البدع" إلى حيز الوجود ، وما لا يدرك كله ، لا يترك جله .

ولابد من كلمة قصيرة بين يدي هذا الفصل فأقول :

إن مما يجب العلم به أن معرفة البدع التي أدخلت في الدين أمر هام جداً ، لأنه لا يتم للمسلم التقرب إلى الله تعالى إلا باجتنابها ، ولا يمكن ذلك إلا بمعرفة مفرادتها اذا كان لا يعرف قواعدها وأصولها ، وإلا وقع في البدعة وهو لا يشعر ، فهي من باب "ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب " كما يقول علماء الأصول رحمهم الله تعالى . ومثل ذلك معرفة الشرك وأنواعه ، فإن من لا يعرف ذلك وقع فيه ، كما هو مشاهد من كثير من المسلمين الذين يتقربون إلى الله بما هو شرك كالنذر للأولياء والصالحين والحلف بهم والطواف بقبورهم ، وبناء المساجد عليها ، وغير ذلك مما هو معلوم شركه عند أهل العلم ، ولذلك فلا يكفي في التعبد الاقتصار على معرفة السنة فقط ، بل لا بد من معرفة ما يناقضها من البدع كما لا يكفي في الايمان التوحيد، دون معرفة ما يناقضه من الشركيات، وإلى هذه الحقيقة أشار رسول الله r بقوله: (( من قال لا إله إلا الله ، وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه وحسابه على الله )) . رواه مسلم ، فلم يكتف عليه السلام بالتوحيد ، بل ضم إليه الكفر بما سواه ، وذلك يستلزم معرفة الكفر ، وإلا وقع فيه وهو لا يشعر ، وكذلك القول في السنة والبدعة ولا فرق ، ذلك لأن الاسلام قام على أصلين عظيمين :

أن لا نعبد إلا الله ، وأن لا نعبده إلا بما شرع الله . فمن أخل بأحدهما فقد أخل بالآخر ، ولم يعبد الله تبارك وتعالى .

وتحقيق القول في هذين الأصلين تجده مبسوطاً في كتب شيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى .

فثبت مما تقدم أن معرفة البدع أمر لا بد منه ، لتسلم عبادة المؤمن من البدعة التي تنافي التعبد الخالص لله تعالى ، فالبدع من الشر الذي يجب معرفته لا لإتيانه ، بل لاجتنابه على حد قول الشاعر :

عرفت الشر لا للشـــــــ        ــــر لكـن لتـوقيـه

ومن لا يعرف الشــــــــر       من الخير يقع فيه

وهذا المعنى مستقى من السنة ، فقد قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه :

كان الناس يسألون رسول الله r عن الخير ، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ، فقلت : يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر ، فجاءنا الله بهذا الخير ، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال : (( نعم )) ، فقلت : هل بعد ذلك الشر من خير ؟ قال : (( نعم ، وفيه دخن )) ، قلت :

وما دخنه؟ قال : (( قوم يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هديي ، تعرف منهم وتنكر))، فقلت : هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: (( نعم دعاة على أبواب جنهم، من أجابهم إليها قذفوه فيها )). فقلت: يا رسول الله صفهم لنا.قال :(( نعم ، قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ... الحديث)). أخرجه البخاري ومسلم .

قلت : ولهذا كان من الضروري جداً تنبه المسلمين على البدع التي دخلت في الدين وليس الأمركما يتوهم البعض : انه يكفي تعريفهم بالتوحيد والسنة فقط ، ولا ينبغي التعرض لبيان الشركيات والبدعيات ، بل يسكت عن ذلك ! وهذا نظر قاصر ناتج عن قلة المعرفة والعلم بحقيقة التوحيد الذي يباين الشرك ، والسنة التي تباين البدعة ، وهو في الوقت نفسه يدل على جهل هذا البعض بأن البدعة قد يقع فيها حتى الرجل العالم ، وذلك لأن أسباب البدعة كثيرة جداً لا مجال لذكرها الآن ، ولكن أذكر سبباً واحداً منها ، وأضرب عليه مثلاً ، فمن أسباب الابتداع في الدين الأحاديث الضعيفة والموضوعة ، فقد يخفى على بعض أهل العلم شيء منها ويظنها من الأحاديث الصحيحة فيعمل بها ، ويتقرب إلى الله تعالى ، ثم يقلده في ذلك الطلبة والعامة فتصير سنة متبعة !

فهذا مثلا الشيخ الفاضل والعلامة المحقق السيد جمال الدين القاسمي ألف كتابه القيم "إصلاح المساجد من البدع والعوائد" ( 1 ) وقد انتفعت به كثيراً في المشروع الذي سبقت الإشارة إليه ، ومع ذلك فقد عقد فصلاً في أمور ينبغي التنبه لها ، ذكر فيه عشرين مسألة، ومنها المسألة (16: دخول الصبيان للمساجد) قال (ص205) :

" في الحديث : ((وجنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم)) وذلك لأن الصبي دأبه اللعب ، فبلعبه يشوش على المصلين ، وربما اتخذه ملعباً ، فنافى ذلك موضع المسجد، فلذا يجنب عنه ".

قلت : فهذا الحديث ضعيف لا يحتج به ، وقد ضعفه جماعة من الأئمة مثل عبد الحق الأشبيلي ، وابن الجوزي ، والمنذري ، والبوصيري ، والهيثمي ، والعسقلاني وغيرهم . ومع ذلك خفي حاله على الشيخ القاسمي ، وبنى عليه حكماً شرعياً ، وهو تجنيب الصبيان عن المسجد تعظيماً للمسجد ، والواقع أنه بدعة لأنه خلاف ما كان عليه الأمر في عهد النبي r كما هو مشروح في محله من كتب السنة ، وانظر كتابنا "صفة صلاة النبي r " ( 1 ) .

ومثله البدعة الأولى وغيرها مما يأتي ذكره . ولذلك فإن التنبيه على البدع أمر واجب على أهل العلم ، وقد قام بذلك طائفة منهم ، فألفوا كتباً كثيرة في هذا الباب ، بعضها في قواعد البدع وأصولها ، وبعضها في فروعها ، وبعضها جمع بين النوعين ، وقد طالعتها جميعاً وقرأت معها مئات الكتب الأخرى في الحديث والفقه والأدب وغيرها ، وجمعت منها مادة عظيمة في البدع ما أظن أن أحداً سبقني إلى مثلها ، وهي أصل كتابي المشار إليه آنفاً "قاموس البدع" الذي أسأل الله أن ييسر لي تهذيبه وتصنيفه وإخراجه للناس . وهذا الفصل الذي بين يديك هو دليل عليه ، ونموذج منه . والله سبحانه هو الموفق .

وإليك الآن ما وعدناك به من "بدع الجمعة" فأقول :

1 ـ  التعبد بترك السفر يوم الجمعة ( 2 ) .

2 ـ اتخاذه يوم عطلة ( "الأحياء" 1/169) .

3 ـ التجمل والتزين له ببعض المعاصي كحلق اللحية ، ولبس الحرير والذهب .

4 ـ تقديم بعضهم مفارش إلى المسجد يوم الجمعة أو غيرها قبل ذهابهم إلى المسجد( 1 ).

( "المدخل" 2/124) .

5 ـ التذكار يوم الجمعة بأنواعه . ( "المدخل" 2/258ـ259 و "الإبداع في مضار الابتداع" ص 76 ) و "مجلة المنار" (31/57) .

6 ـ الأذان جماعة يوم الجمعة ( "المدخل" 2/208) .

7 ـ تأذين المؤذنين مع المؤذن الراتب يوم الجمعة في صحن المسجد . ("الاختيارات العلمية" لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 22 ) .

8 ـ الزيادة في هذا الأذان الثاني على واحد حيث يؤتى بمؤذن ثان يؤذن على الدكة . كالمجيب للأول . ("الابداع" 75 و "المدخل" 2/208) .

9 ـ صعود المؤذن يوم الجمعة على المنارة بعد الأذان الأول لينادي أهل القرية للحضور وتكميل عدد الأربعين ! ( "إصلاح المساجد من البدع والعوائد" 64ـ طبعتنا) .

10 ـ تفريق الربعة حين اجتماع الناس لصلاة الجمعة ، فإذا كان عند الأذان قام الذي فرقها ليجمع ما فرق من تلك الأجزاء . ("المدخل" 2/223) .

11 ـ السماح للرجل الصالح بتخطي رقاب الناس يوم الجمعة بدعوى أنه يتبرك به !( 1 )

12 ـ صلاة سنة الجمعة القبلية . ("السنن والمبتدعات" 51 "المدخل" (2/239)  "الأجوبة النافعة" (ص20 - 33 ) .

13 ـ فرش درج المنبر يوم الجمعة ( "المدخل" 2/268) .

14 ـ جعل الأعلام السود على المنبر حال الخطبة ( "المدخل" 10/166) .

15 ـ الستائر للمنابر . ( "السنن" 53 ) .

16 ـ المواظبة على لبس السواد من الإمام يوم الجمعة . ]"الأحياء" (1/162-165) و"المدخل" (2/266) و"شرح شرعة الإسلام" ص140[.

17 ـ تخصيص الاعتمام لصلاة الجمعة وغيرها ( 2 ) .

18 ـ لبس الخفين لأجل خطبة وصلاة الجمعة . ( "المدخل" 2/266) .

19 ـ الترقية ، وهي تلاوة آية : ]إن الله وملائكته يصلون على النبي ...[  .

20 ـ ثم حديث : (( إذا قلت لصاحبك ... )) يجهر بذلك المؤذنون عند خروج الخطيب حتى يصل إلى المنبر ! ( 1 ) ( "المدخل" (2/266) "شرح الطريقة المحمدية" (1/144و115و4/323) "المنار" (5/951،19/541) ، "الابداع" 75 "السنن" (24) ) .

21 ـ جعل درجات المنبر أكثر من ثلاث ( 2 ) .

22 ـ قيام الامام عند اسفل المنبر يدعو .

23 ـ تباطؤءه في الطلوع على المنبر . ( "الباعث" 64) .

24 ـ انشاد الشعر في مدح النبي r عند صعود الخطيب المنبر أو قبله . ( "المنار"31/474).

25 ـ دق الخطيب عند صعوده بأسفل سيفه على درج المنبر.( "الباعث"64 "المدخل"2/267 "إصلاح المساجد" 48 ـ طبعتنا "المنار" 18/558) .

26 ـ صلاة المؤذنين على النبي r عند كل ضربة يضربها الخطيب على المنبر ( "المدخل"

2/250و267) .

27 ـ صعود رئيس المؤذنين على المنبر مع الإمام ، وإن كان يجلس دونه ، وقوله: "آمين اللهم آمين، غفر الله لمن يقول آمين ، اللهم صلي عليه ..." ( "المدخل" 2/268 ) .

28 ـ اشتغال الإمام بالدعاء إذا صعد المنبر ، مستقبل القبلة قبل الاقبال على الناس والسلام عليهم . ( 1 ) ( "الباعث" 64 "المدخل" 2/267 "إصلاح المساجد" 48 و "المنار" 18/558) .

29 ـ ترك الخطيب السلام على الناس إذا خرج عليهم . ( "المدخل" 22/166) .

30 ـ الأذان الثاني داخل المسجد بين يدي الخطيب . ( "الاعتصام" للشاطبي 2/207- 208، "المنار" 19/540 " الأجوبة النافعة 11 ) .

31 ـ وجود مؤذنين بين يدي الخطيب في بعض الجوامع ؛ يقوم أحدهما أمام المنبر ، والثاني على السدة العليا ، يلقن الأول الثاني ألفاظ الأذان ، يأتي الأول بجملة منه سراً ، ثم يجهر بها الثاني .

( "اصلاح المساجد عن البدع والعوائد" 143) .

32 ـ نداء رئيس المؤذنين عند ارادة الخطيب الخطبة بقوله للناس : أيها الناس صح عن رسول الله r أنه قال : (( إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة انصت فقد لغوت ، أنصتوا رحمكم الله . ( "المدخل" 2/268 "السنن" 24) .

33 ـ قول بعض المؤذنين بين يدي الخطيب إذا جلس من الخطبة الأولى : غفر الله لك ولوالديك ولنا ولوالدينا والحاضرين . ( "فتاوى ابن تيمية" 1/129 و "إصلاح المساجد" 70) .

34 ـ اعتماد الخطيب على السيف في خطبة الجمعة . ( "السنن" 55 ) .

35 ـ القعود تحت المنبر والخطيب يخطب يوم الجمعة للاستشفاء. ( "المنار"7/501 – 503 ).

36 ـ اعراض الخطباء عن خطبة الحاجة " إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ..." وعن

قوله r في خطبه : (( أما بعد ، فإن خير الكلام كلام الله )) ( 1 ).

37 ـ اعراضهم عن التذكير بسورة ( ق ) في خطبهم مع مواظبة النبي r عليه.("السنن"

57) ( 2 ).

38 ـ مواظبة الخطباء يوم الجمعة على قراءة حديث في آخر الخطبة دائماً كحديث (( التائب من الذنب كمن لا ذنب له )) . ( "السنن" 56 ) .

39 ـ تسليم بعض الخطباء في هذا العصر بعد الفراغ من الخطبة الأولى .

40 ـ قراءتهم سورة الاخلاص ثلاثاً أثناء الجلوس بين الخطبتين ( "السنن" 56 ) .

41 ـ قيام بعض الحاضرين في أثناء الخطبة الثانية يصلون التحية . ( "المنار" 18/559 "السنن" 51 ) .

42 ـ دعاء الناس ورفع اليدين عند جلوس الامام على المنبر بين الخطبتين . ( "المنار" 6/793- 794 و 18/559 ) .

43 ـ نزول الخطيب في الخطبة الثانية إلى درجة سفلى ثم العود ("حاشية ابن عابدين"1/770).

44 ـ مبالغتهم في الاسراع في الخطبة الثانية . ( "المنار" 18/858) .

45 ـ الالتفات يميناً وشمالاً عند قوله : آمركم ، وأنهاكم ، وعند الصلاة على النبي r .

("الباعث" 65 ، "حاشية ابن عابدين" 1/759 ، و"اصلاح المساجد"48 ، و"المنار"18/558).

46 ـ ارتقاؤه درجة من المنبر عند الصلاة على النبي r ، ثم نزوله عند الفراغ منها . ("الباعث" 65) .

47 ـ التزامهم السجع والتثليث والتربيع والتخميس في دواوينهم وخطبهم مع أن السجع قد ورد النهي عنه في "الصحيح" ("السنن" 75) .

48 ـ التزام كثيرين منهم إيراد حديث : (( إن الله عز وجل في كل ليلة من رمضان ستمائة ألف عتيق من النار ، فإذا كان آخر ليلة أعتق الله بعدد من مضى )) في آخر خطبة جمعة من رمضان، أو في خطبة عيد الفطر ، مع أنه حديث باطل ( 1 ) .

49 ـ ترك تحية المسجد والإمام يخطب يوم الجمعة . ( "المحلى" لابن حزم 5/69) .

50 ـ قطع بعض الخطباء خطبتهم ، ليأمروا من دخل المسجد وشرع في تحية المسجد بتركها! خلافاً لحديث رصول الله r وأمره بها ( 2 ) .

51 ـ جعل الخطبة الثانية عارية من الوعظ والإرشاد والتذكير والترغيب ، وتخصيصها بالصلاة على النبي r والدعاء . ( "السنن" 56 ، "نور البيان في الكشف عن بدع آخر الزمان" 445 ) .

52 ـ تكلف الخطيب رفع الصوت في الصلاة على النبي r فوق المعتاد في باقي الخطبة .

( "الباعث" 65 ) .

53 ـ المبالغة برفع الصوت بالصلاة على النبي r عند قراءة الخطيب : ]إن الله وملائكته يصلون على النبي[ . ( "بجيرمي" 2/189) .

54 ـ صياح بعضهم في أثناء الخطبة باسم الله أو اسماء بعض الصالحين . ("المنار"18/ 559).

55 ـ إتيان الكافر الذي أسلم في اثناء الأسبوع ، إلى الخطيب وهو على المنبر حتى يتلفظ بالإسلام على رؤوس الناس ، ويقطع الخطيب بسببه ( "المدخل" 2/171 ) .

56 ـ التزام ذكر الخطباء الخلفاء والملوك والسلاطين في الخطبة الثانية بالتنغيم ( 1 ) .

( "الاعتصام" 17-18 و 2/177، "المنار" 6 /139 و 18/305 و558 و31/55 ) .

57 ـ دعاء الخطيب للغزاة والمرابطين . ( "الاعتصام" 1/18 ) .

58 ـ رفع المؤذنين أصواتهم بالدعاء للسلاطين وإطالتهم في ذلك والخطيب مسترسل في

خطبته( 2 ) . ( "المنار" 18/558، "السنن" 25 ) .

59 ـ سكتات الخطيب في دعائه على المنبر ليؤمن عليه المؤذنون . ( "شرح الطريقة المحمدية"

3/323 ) .

60 ـ تأمين المؤذنين عند دعاء الخطيب للصحابة بالرضى وللسطان بالنصر . ( "شرح الطريقة المحمدية" 3/323 ) .

61 ـ الترنم في الخطبة . ( "الابداع" 27 ) .

62 ـ رفع الخطيب يديه في الدعاء ( 3 ) .

63 ـ رفع القوم أيديهم تأميناً على دعائه ( 1 ) . ( "الباعث" 64 و65 ) .

64 ـ التزام ختم الخطبة بقوله تعالى : ]إن الله يأمر بالعدل والإحسان[ . أو بقوله :

]اذكروا الله يذكركم ...[ . ( "المدخل" 2/271 و"السنن" 57 ) .

65 ـ اطالة الخطبة وقصر الصلاة ( 2 ) .

66 ـ التمسح بكتف الخطيب وظهره عند نزوله من المنبر . ( "الابداع" 79 ، "إصلاح المساجد" 72، "السنن" 54 ، "نور البيان" 44 ) .

67 ـ المنبر الكبير الذي يدخلونه في بيت اذا فرغ الخطيب من الخطبة .( "المدخل" 2/212 ).

68 ـ عد الجماعة في بعض المساجد الصغيرة يوم الجمعة لينظر هل بلغ عددهم اربعين .

69 ـ اقامة الجمعة في المساجد الصغيرة . ( "إصلاح المساجد" 59 ) ( 3 ).

70 ـ دخول الامام في الصلاة قبل استواء الصفوف . ( "اصلاح" 92-93 ) .

71 ـ تقبيل اليد بعدها . ( "إصلاح المساجد" 92 ) .

72 ـ قولهم بعد الجمعة : يتقبل الله منا ومنكم ( 1 ) . ( "السنن" 54 ) .

73 ـ صلاة الظهر بعد الجمعة ( 2 ) . ( "السنن" 10،123،"إصلاح المساجد" (49-53)، "المنار" 23/259،497،و34/120) .

74 ـ قيام بعض النساء على باب المسجد يوم الجمعة ، تحمل طفلاً لها ، لا يزال يزحف ،

ولا يمشي ، قد عقدت بين ابهامي رجليه بخيط ، ثم تطلب قطعة من أول خارج من المسجد ، يزعمن ان الطفل ينطلق ويمشي على رجليه بعد اسبوعين من هذه العملية !

75 ـ قيام بعضهم على الباب وعلى يده كأس ماء ، ليتفل فيه الخارجون من المسجد واحداً بعد واحد ، للبركة والإستشفاء !

وهذا آخر بدع الجمعة .

والحمد لله وحده . والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .

دمشق 27/2/1382هـ                              محمد ناصر الدين الألباني

الفهرست

1- المقدمة وفيها بيان سبب تأليف الرسالة ووصف حال مسجد الجامعة السورية إبان عمارته بالصلاة .

4 - نص اسئلة لجنة مسجد الجامعة .

5 - الجواب عن الأسئلة .

5 -  حديث أذان عثمان .

7 - الجواب عن الفقرة الأولى .

7 - متى يشرع الأذان العثماني .

8 - استمرار العمل في المغرب بالاذان الواحد يوم الجمعة .

10 - الجواب عن الفقرة الثانية .

11 - الجواب عن الفقرة الثالثة .

11 - تحقيق موضع الأذان النبوي والعثماني .

12 - الأذان في المسجد بدعة .

12 - هل كانت المنارة في زمنة r .

15 - الجواب عن الفقرة الرابعة .

15 - تحقيق أن للجمعة وقتين .

16- 17 الأحاديث في الوقت الآخر .

18 - الآثار في الوقت الآخر .

20 - سنة الجمعة القبلية لا تثبت .

20 - 21 متى يجب السعي ؟ ورأي الإمام الطحاوي الحنفي في ذلك ورد الحنفية عليه !

21 - اعتراف الحنفية بأن السنة القبلية لم تكن في العهد النبوي .

21 - كلام إبن القيم في نفي السنة المزعومة ورد ابن الهمام عليه ومناقشتنا اياه وبيان ان رده عليه لا له.

25 - لم يقل أحد من الأئمة بالسنة القبلية .

26 - حديث ابن عمر الذي احتج به النووي على السنة القبلية وتعقب ابن حجر عليه .

26 - جواز الصلاة قبل الزوال يوم الجمعة .

27 - مذهب العلماء في ذلك وبيان الحق منها .

27 - وظيفة الداخل إلى المسجد يوم الجمعة .

30 - كلام ابن الحاج في النهي عن السنة القبلية .

31 - الجواب الشافي عن الاستدلال بحديث "بين كل أذانين صلاة" .

33 - خلاصة الرسالة .

34 - رسالة "أحكام الجمعة" ملخصة من "الموعظة الحسنة" لصديق حسن خان .

35 - حكم صلاة الجمعة .

35 - حكم صلاة الجماعة .

35 - الإمام الأعظم .

36 - العدد في الجمعة .

37 - كتاب عمر بصلاة الجمعة حيثما كانوا .

37 - الرد على صاحب "الموعظة" في ميله إلى جواز صلاة الجمعة للمنفرد .

38 - تعدد الجمعة في البلد الواحد .

38 - لا يشترط اذن الامام الأعظم لصحة صلاة الجمعة والعيدين.

38 - الرد على مؤلف "الموعظة" فيما ذهب إليه من القول بجواز تعدد الجمعة مطلقاً ، وبيان ان التعدد ضرورة خلاف السنة وأنه يقضي على حكمة الجمعة .

39 - من فاتته الجمعة ماذا يصلي ؟

39 - بعض الأحاديث الموقوفة في أن من فاتته الجمعة صلى الظهر .

40 - بماذا تدرك الجمعة ؟

41 - حكم الجمعة في يوم العيد .

42 - حكم غسل الجمعة .

42 - ترجيحنا الوجوب خلافاً للمؤلف والجواب عن حديث"من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ".

44 - الرد على المؤلف في ذهابه إلى أن الخطبة سنة والتدليل على أنها واجبة .

45 - صفة الخطبة وما يعلم فيها .

46 - من السنة أن يأتي في الخطبة بخطبة الحاجة وقوله : ( أما بعد فإن خير الكلام ...) والتذكير بإحيائها .

48 - قصر الخطبة وإطالة الصلاة .

49 - أحكام متفرقة .

49 - تحية المسجد أثناء الخطبة .

50 - توقف المؤلف في حكم متابعة الخطيب في الصلاة عليه r وترجيح أنها لا تشرع متابعته .

52 - رسالة "بدع الجمعة" .

52 - فصل هام في وجوب معرفة البدع وأنه لا يغني عنها معرفة السنة فقط .

54 - أسباب البدع كثيرة ، وذكر سبب واحد منها ، وضرب مثل عليها .

54 - حديث "جنبوا مساجدكم صبيانكم" ضعيف اغتر به بعض الفضلاء فمنع به الصبيان عن المسجد خلافاً للسنة الصحيحة .

55 - سرد "بدع الجمعة" .

55 - قول عمر رضي الله عنه : "الجمعة لا تمنع من سفر" .

57 - قول الباجوري : "لا يكره للإمام والرجل الصالح والرجل العظيم تخطي الرقاب" !

61 - حديث : "إن لله في كل ليلة من رمضان ستمائة ألف ..." باطل .

63 - اقامة الجمعة في المساجد الصغيرة من البدع . وكلام السبكي والقاسمي في ذلك وهو مهم . 


  • (1) : انظر ما كنت كتبته بهذا الصدد في جريدة "صوت العرب" سنة1380 . ثم نشر ذلك في رسالة خاصة تحت عنوان
  • "صوت  العرب تسأل ، ومحمد ناصر الدين يجيب" .
  •  ( 1 ) : سورة النحل الآية : 43 .
  •  ( 2 ) : رواه  الترمذي ( 2419 ) ، وقال : حديث حسن صحيح .
  • ( 3 ) : هو مسجد جامعة دمشق .
  • ([1]) أخرجه البخاري (2/314 و 316 و 317)، و أبو داود (1/171) و السياق له ، والنسائي (1/207) ، و الترمذي
  • (2/392) وصححه ، و ابن ماجه (1/228) ، و الشافعي في "الأم" (1/173) ، و ابن الجارود في "المنتقى" (ص 148) ،
  • والبيهقي (2/192 و205)، وأحمد (3/449 و450) ، وإسحاق بن راهوية ، وابن خزيمة في "صحيحه" (3/136/1773) ، والطبراني، وعبد بن حميد ، و ابن المنذر ، و ابن مردويه .
  • والزيادة الأولى : لابن راهوية و ابن خزيمة و غيرهما .
  • والثانية : لأبي داود و الطبراني .
  • والثالثة : لابن حميد و ابن المنذر و ابن مردويه ، و ذكرها العيني في "العمدة" (3/233) دون عزو .
  • والخامسة : لابن ماجه و ابن خزيمة و الزيادة فيها للطبراني .
  • والسادسة : له .
  • والسابعة ؛ و هي الأخيرة : لابن حميد و ابن المنذر و ابن مردويه .
  • وأما الرواية الثانية : (( بالأذان الأول )) ؛ فهي لأحمد ، وابن خزيمة ، والثالثة : للبخاري ، والشافعي  ، وانظر "فتح الباري" ، و"التلخيص الحبير" ، و "نصب الراية" ، و"الدر المنثور" .
  •  
  • ([2]) ونقل الشيخ عبد الحي الكتاني في "التراتيب الإدارية" (1/80–81) عن كتاب "إنارة البصائر في مناقب الشيخ ابن ناصر
  • وحزبه الهداة الأكابر" ما نصه : (( كان – يعني سيدي محمد بن ناصر – يقتصر يوم الجمعة على مؤذن واحد ، و أذان واحد غير الإقامة ؛ أسوة برسول الله r ، إذ لم يكن في زمنه و لا زمن أبي بكر رضي الله عنه على ما هو الأشهر ، و صدر من خلافة عثمان ، و كان لا يؤذن في زمنه عليه الصلاة و السلام إلا مؤذن واحد ، هذا هو الصحيح و المعتمد كما في "فتح الباري"  و "الأُبي" )) أ . هـ . و لقد ذكر الحافظ (2/327) أن العمل بـهذه السنة استمر في المغرب حتى زمنه – أعني ابن حجر – أي : القرن الثامن .
  • ([3]) قلت : لا وجه لهذا الإنكار ، فقد تواردت الروايات أن عثمان هو الذي زاده ، فهو المعتمد كما قال الحافظ (2/ 328) ، و لو لم يكن فيه إلا حديث السائب لكفى ، و أما إحداث معاوية إياه فمما لا أعرف له إسناداً .
  • ([4]) و نحو هذا ما جاء في "تاريخ مكة" للفاكهي ، قال (ص11) : (( و كان أهل مكة فيما مضى من الزمان لا يؤذنون على رؤوس الجبال ، و إنما كان الأذان في المسجد الحرام وحده ، فكان الناس تفوتـهم الصلاة من كان منهم في فجاج مكة و غائباً عن المسجد ، حتى كان في زمن أمير المؤمنين هارون ، فقدم عبد الله بن مالك و غيره من نظرائه مكة ، ففاتته الصلاة
  • ولم يسمع الأذان ، فأمر أن تتخذ على رؤوس الجبال منارات تشرف على فجاج مكة و شعابـها ، يؤذن فيها للصلاة ، و أجرى على المؤذنين في ذلك أرزاقاً ، … ثم قطع ذلك عنهم فترك ذلك بعدهم )) .
  • ([5]) في كتاب "فيض الباري" (2/335) ، وهو من كبار فقهاء الحنفية المشتغلين بالحديث في الهند ، وهو يتبع الحديث
  • ولو خالف المذهب في بعض الأحيان ، توفي سنة 1352هـ رحمه الله تعالى .
  • ([6]) ولا ينافي هذا قول عبد الله بن شقيق التابعي : (( من السنة الأذان من المنارة و الإقامة في المسجد ، وكان عبد الله
  • يفعله )) ، أخرجه ابن أبي شيبة (1/86/1) بسند صحيح عنه ، وذلك لما تقرر في علم الأصول ؛ أن قول التابعي : من السنة كذا ؛ ليس في حكم المرفوع ، بخلاف ما إذا قال ذلك صحابي ، فإنه في حكم المرفوع .
  • ([7]) كما في حديث عروة بن الزبير قال : (( أمر النبي r بلالاً أن يؤذن يوم الفتح فوق الكعبة )) ، أخرجه ابن أبي شيبة
  • (1/86/1) بسند صحيح عنه ؛ إلا أنه مرسل .
  • ( 1 ) : أو يتعطل المكبر .
  •  ( 1 ) : و ذلك يكون أول ما يظهر زوال الشمس و هو المراد ، قاله أبو الحسن السندي على ابن ماجه .
  • ( 2 ) : في "التلخيص الحبير" (4/580) ، وهو يشير بذلك إلى حديث أبي هريرة مرفوعاً : (( من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح ؛ فكأنما قرب بدنه … )) الحديث ، وفيه : (( و من راح في الساعة الخامسة ؛ فكأنما قرب بيضة ، فإذا خرج الإمام؛ حضرت الملائكة يستمعون الذكر )) .
  • وهو في الصحيحين أيضاً ، ولعل عزو الحافظ إياه للنسائي وحده ؛ لأنه ترجم له بقوله : (( وقت الجمعة )) ، والآخرون إنما أوردوه في فضل الجمعة ونحو ذلك .
  • وقد ناقش السندي ما ذكره الحافظ ؛ أن خروج الإمام بعد الساعة السادسة ، فقال : (( ولا يخفى أن زوال الشمس في آخر الساعة السادسة ، وأول الساعة السابعة ، ومقتضى الحديث أن الإمام يخرج عند أول الساعة السادسة ، ويلزم منه أن يكون خروج الإمام قبل الزوال ، فليتأمل )) .
  • وقد أجاب عن هذا الحافظ بما تراه مشروحاً في كتابه "فتح الباري" (2/294) ، فليراجعه من يشاء .
  • ([8]) أي : نصلي الجمعة .
  • ([9]) وأما قول الحافظ : (( و هذا محمول على المبادرة عند الزوال أو التأخير قليلاً )) ، فلا يخفى بُعده ، فإن أبا رزين يخبر عما كانوا يشاهدونه ، فيقول : إنـهم كانوا لا يجدون الفيء بعد صلاة الجمعة ، مع العلم أنه سبقها الخطبة والأذان .
  • ([10]) "نيل الأوطار" (3/216) ، وللحافظ في "الفتح" (2/341) معناه ، وسيأتي نص كلامه (ص 26-27) .
  • ([11]) "البحر الرائق" (2/168) ، و "العناية على الهداية" (1/421) .
  • ([12]) شيخ الإسلام أبو العباس تقي الدين ابن تيمية في "الفتاوى" (1/136) ، و "مجموعة الرسائل الكبرى" له (2/167–168).
  • ([13]) المناوي في "فيض القدير" ولذلك لم يرد لهذه السنة المزعومة ذكر في كتاب "الأم" للإمام الشافعي ، ولا في "المسائل" للإمام أحمد ، ولا عند غيرهما من الأئمة المتقدمين فيما علمت ، ولهذا فإني أقول : إن الذين يصلون هذه السنة ؛ لا الرسول r اتبعوا ، ولا الأئمة قلدوا ، بل قلدوا المتأخرين الذين هم مثلهم في كونـهم مقلدين غير مجتهدين ، فاعجب لمقلد يقلد مقلداً !!
  • ([14]) وراجع تحقيق القول في ذلك في "إعلام أهل العصر بأحكام ركعتي الفجر" لشمس الحق العظيم آبادي .
  • ([15]) رواه مسلم (3/16– 17) ، والنسائي (210) ، والترمذي (2/399 – 400) ، والدارمي (1/37) ، وابن ماجه
  • (1132) ، والبيهقي (2/240) ، وأحمد (2/ 249 و442 و499 ) ، وكذا الطيالسي (2406) ، والدولابي في "الكنى
  • و الأسماء" (1/109) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (7/334) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (2/138 و8/85 و14/28) من طرق كثيرة منها سفيان ؛ كلهم عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً .
  • وقال الترمذي : (( حديث حسن صحيح )) ، ولفظه : (( من كان منكم مصلياً بعد الجمعة فليصل أربعاً )) ، وهو رواية
  • لمسلم .
  • ورواه عبيد بن سعيد عن أبيض بن أبان عن سهل بن أبي صالح بلفظ : (( … فليصل قبلها أربعاً ، وبعدها أربعاً )) ، فزاد الأربع قبلها .
  • أخرجه ابن السماك في "الأول من الرابع في حديثه" (ق 107/2) ، وأبو جعفر الرزاز في "ستة مجالس من الأمالي" (ق232/ 1) عن عبيد به ؛ وزاد : (( قال عبيد : قلت لأبيض : إن سفيان الثوري حدثني عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً : من كان منكم مصلياً بعد الجمعة فليصل أربعاً ؟ قال أبيض : ذاك كما سمع سفيان ، وهذا كما سمعت أنا )) !
  • قلت : ولا يشك حديثيٌّ في بطلان هذه الزيادة لتفرد ابن أبان بـها ، وهو ليس بالقوي ؛ كما قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (1/1/312) عن أبيه ، ولأنه خالف سفيان ومن معه من الثقات الذين أشرنا إليهم ، فلا جرم أعرض عنها أصحاب "السنن" وغيرهم ، فضلاً عن مسلم في "صحيحه" .
  • ولقد وهم الباجوري على ابن القاسم في هذا الحديث وهماً فاحشاً حيث أورده (1/134) بـهذه الزيادة الباطلة معزواً لمسلم ! واستدل به على أن الجمعة كالظهر ، قال : (( فيسن قبلها أربع و بعدها أربع )) !
  • ([16]) يعني : الصلاة ، قلت : وهذا بخلاف ما هم اليوم عليه ، حيث إنـهم ينكرون على الجالس ؛ زاعمين أنه تارك للسنة ،
  • والسنة معه و عليهم !
  •  ( 1 ) : طبعه قريباً المكتب الإسلامي على نفقة صاحب السمو العالم الجليل الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني ، وقد جعله وقفاً لله تعالى . وكانت وفاة الشيخ علي في بيروت ... عليه رحمة الله .
  •  ( 1 ) : هذا العنوان وما يليه من عناوين ليست من المؤلف وإ‘نما هي من وضعنا .  
  •  ( 2 ) : قلت : قد ورد في "الصحيحين" مثل هذا الوعيد في المتخلفين عن صلاة الجماعة أيضاً فهي واجبة أيضاً على الأعيان ، وهو الراجح في مذهب الحنفية وغيرهم ، فيجب الاهتمام بها ، ولا يجوز التكاسل والالتهاء عنها .
  •  ( 3 ) : قلت : ومما تقدم تعرف قيمة الشرط المذكور في صلاة العيدين أيضاً !
  •  ( 1 ) : زيادة على الأصل يقتضيها السياق .
  •  ( 2 ) : قلت : ومن هذه الأمكنة القرى والبوادي والتلاع والمصايف وموطن النزهة .
  • وقد روى أبن أبي شيبة عن أبي هريرة أنهم كتبوا إلى عمر يسألونه عن الجمعة ؟ فكتب : جمعوا حيثما كنتم.وسنده صحيح. وعن مالك قال : كان أصحاب محمد r في هذه المياه بين مكة والمدينة يجمعون .
  •  ( 3 ) : قلت : وفي هذا نظر ظاهر يتبين لمن تنبه لقول r (( في جماعة )) في حديث طارق بن شهاب الذي تقدم في المسألة الأولى ، وقد تنبه له المؤلف رحمه الله في كتابه الأخر : "الروضة" فقال (134) بعد أن ذكر نحو كلامه المذكور في الأعلى ، قال معقباً عليه : " ولولا حديث طارق بن شهاب المذكور قريباً من تقييد الوجوب على كل مسلم بكونه في جماعة ، ومن عدم إقامتها r في زمنه في غير جماعة ، لكان فعلها فرادى مجزئاً ، كغيرها من الصلوات " .
  •    فهذا نص منه أنها لا تجزي فرادى لحديث طارق وما ذكر معه . وهو الصواب الذي نقطع به . ولعل سبب عدم تنبه المؤلف هنا لما ذكرنا ، إنما هو سقوط كلمة ( في جماعة ) من الحديث من قلمه كما سبق أن نبهنا عليه هناك ، فلم يكن في الكتاب
  • ما ينبهه ولا في الحافظة ما يذكره . والله أعلم .
  •    ثم رأيت الصنعاني رحمه الله قد ذكر في "سبل السلام" (2/74) : " إن صلاة الجمعة لا تصح إلا جماعة إجماعاً " .
  • ( 1 ) : قلت : وكذا صلاة العيدين ، بل الإلزام فيها أقوى ، لما هو معلوم أنه لم يكن رسول الله r يصلي العيد في المدينة إلا في مكان واحد وهو المصلى ، ومع هذا لم يقولوا بمنع التعدد فيها !
  •  ( 2 ) : قلت : وأما ما اشتهر على الألسنة في هذه الأزمنة ، وهو قولهم " الجمعة لمن سبق " فلا أصل له في السنة ، وليس بحديث ، وإنما هو رأي  لبعض الشافعية ، ظنه من لا علم عنده حديثاً نبوياً ! وإذا عرفت مستند القائلين بعدم جواز تعدد الجمعة في البلد الواحد ، تعرف حينئذ حكم صلاة الظهر بعد الجمعة ، التي يفعلها بعض الناس في بعض المساجد !
  • ( 3 ) : قلت : هذا صحيح ، ولكن من المعلوم أن النبي r فرق عملياً بين صلاة الجمعة ، والصلوات الخمس ، فإنه ثبت أنه كان في المدينة عدة مساجد تقام فيها صلاة الجماعة ، ومن الأدلة على ذلك أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يصلي ==
  •  ==صلاة العشاء وراء النبي r ، ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم إماماً صلاة العشاء ، هي له تطوع ولهم فريضة .
  • وأما الجمعة فلم تكن لتتعدد ، بل كان أهل المساجد الأخرى كلهم يأتون إلى مسجده r فيجمعون فيه ، فهذا التفريق العملي منه r بين الجماعة والجمعة ، لم يكن عبثاً ، فلا بد إذن من النظر إليه بعين الاعتبار ، وهو إن كان لا يقتضي الحكم بالشرطية التي صب المؤلف كلامه كله في نفيها ، فإنه على الأقل يدل على أن تعدد الجمعة بدون ضرورة خلاف السنة . وإذا كان الأمر كذلك، فينبغي الحيلولة دون تكثير الجمع ، والحرص على توحيدها ما أمكن اتباعاً للنبي r وأصحابه من بعده، وبذلك تتحقق الحكمة من مشروعية صلاة الجمعة وفوائدها اتم تحقق ، ويقضي على التفرق الحاصل بسبب إقامتها في كل المساجد : كبيرها وصغيرها، وحتى إن بعضها ليكاد أن يكون متلاصقاً ، الأمر الذي لا يمكن أن يقول بجوازه من شم رائحة الفقه الصحيح.
  • ( 1 ) : قلت : رواه ابن أبي شيبه في "المصنف" (1/126/1) والطبراني في "الكبير" (2/38/2) واللفظ له من طرق عن أبى الأحوص عن ابن مسعود . وبعض طرقه صحيح وحسنه الهيثمي في "المجمع" (2/192) ، ولعل استدلال المؤلف بحديث ابن مسعود مع أنه موقوف إنما هو بسبب أنه لا يعرف له مخالف من الصحابة ، ومؤيد بمفهوم حديث ابي هريرة الآتي قريباً ويشهد له ما في "المصنف" (1/206/1) بسند صحيح عن عبد الرحمن بن أبي ذؤيب قال : خرجت مع الزبير مخرجاً يوم الجمعة فصلى الجمعة أربعاً . وعبد الرحمن هذا هو ابن عبد الله بن أبي ذؤيب ذكره ابن حبان في "الثقات" (6/122/1)
  • وقال : "كان يتيماً في حجر الزبير بن العوام" .
  • وفي حديث ابن مسعود إشارة إلى أن الظهر هي الأصل ، وأنها هي الواجبة على من لم يصل الجمعة . ويؤيد ذلك أمور :
  •  الأول : ما هو معلوم يقيناً أن النبي r وأصحابه كانوا يصلون يوم الجمعة الظهر إذا كانوا في سفر، ولكنهم يصلونها قصراً ،
  • فلو كان الأصل يوم الجمعة صلاة الجمعة لصلوها جمعة .
  • الثاني : قال عبد الله بن معدوان عن جدته قالت : قال لنا عبد الله بن مسعود : ( إذا صليتن يوم الجمعة مع الإمام فصلين بصلاته ، وإذا صليتن في بيوتكن فصلين أربعاً ) .                                                              ====
  •  ===أخرجه ابن أبي شيبة (1/207/2) ، وإسناده صحيح إلى جدة ابن معدان ، وأما هي فلم أعرفها . والظاهر أنها تابعية ، وليست صحابية ، لكن يشهد له ، قول الحسن في المرأة تحضر المسجد يوم الجمعة أنها تصلي بصلاة الإمام ، ويجزيها ذلك . وفي رواية عنه قال : "كن النساء يجمعن مع النبي r وكان يقال : لا تخرجن إلا تفلت لا يوجد منكن ريح طيب " . وإسنادهما صحيح وفي أخرى من طريق أشعث عن الحسن قال : "كن نساء المهاجرين يصلين الجمعة مع رسول الله r ثم يحتسبن بها من الظهر " .
  • قلت : فمن زعم أن الأصل يوم الجمعة إنما هو صلاة الجمعة ، وإن من فاتته ، أو لم تجب عليه ، كالمسافر والمرأة إنما يصلون ركعتين جمعة ، فقد خالف هذه النصوص بدون حجة . ثم رأيت الصنعاني ذكر (2/74) نحو هذا وإن الجمعة إذا فاتت وجب الظهر إجماعاً فهي البدل عنه ، قال وقد حققناه في رسالة مستقلة .
  •  ( 1 ) :  الأصل ( وأقر ) وهو خطأ صححته من "بلوغ المرام" .
  •  ( 2 ) : يريد المصنف بذلك الرد على من قال من العلماء ـ وهم الهادوية ـ أن إدراك شيء من الخطبة شرط لا تصح الجمعة بدونه ، وهذا الحديث حجة عليهم كما قال الصنعاني في "سبل السلام" . وأما ما رواه ابن أبي شيبة (1/126/1) عن ==
  •  ===يحيى بن أبي كثير قال : " حدثت عن عمر بن الخطاب أنه قال : إنما جعلت الخطبة مكان الركعتين ، فإن لم يدرك الخطبة فليصل أربعاً " . فلا يصح لأنه منقطع بين يحيى بن أبي كثير وعمر .
  • ( 1 ) : أي  الذين صلوا صلاة العيد ، دون من لم يصلها . وبذلك خصصه الصنعاني (2/73) .
  • ( 2 ) : قلت : وهو صحيح بلا شك ، فقد ذكر له في الأصل وغيره شواهد ، ومنها حديث ابن الزبير الأتي عقبه . وفيه فائدة هامة ، وهي أن صلاة العيد واجبة أيضاً كصلاة الجمعة ، ولولا ذلك لم تسقط بها صلاة الجمعة . أنظر الأصل (43) .
  •  ( 1 ) قلت : في هذه التخريج شيء ، فإن الحديث لم يروه أبو داود بن وهب بن كيسان إطلاقاً ، وإنما أخرجه النسائي
  • (1/236) والحاكم (1/296) ولفظه : (( فقال : أصاب ابن الزبير السنة ، فبلغ ابن الزبير فقال : رايت عمر بن الخطاب إذا اجتمع عيدان صنع مثل هذا ) وقال : ( صحيح على شرط الشيخين ) . ووافقه الذهبي ، وإنما هو على شرط مسلم فقط. وفي طريق عطاء وهو ابن أبي رباح زيادة بلفظ : ( ثم رحنا إلى الجمعة فلم يخرج إلينا فصلينا وحدانا ) . ورجاله رجال الصحيح كما قال المؤلف ، لكن فيه عنعنة الأعمش .
  •  ( 2 ) : قلت : لا شك أن الجمع مقدم على الترجيح ، ولكن الجمع إذا كان بعيداً كهذا الذي جمع به المؤلف بين الحديثين
  • لم تطمئن النفس إليه ، ونظرت لعلها تجد ما هو أقرب إلى الاطمئنان ، وقد كنت قرأت قديماً كلاماً لبعض الأئمة اطمأنت إليه نفسي ، وانشرح له قلبي ، فها أنا أنقله إلى القارىء ليتأمل فيه ، ثم يتبع ما اطمأنت له نفسه من الجمعين . قال ابن حزم في "المحلى" (2/14) بعد أن ساق حديث : (( من توضأ بعد الجمعة فبها ونعمت ، ومن اغتسل فالغسل أفضل )) ، وما في معناه مما أشار إليه المصنف : ( لو صحت لم يكن فيها نص ولا دليل على أن غسل الجمعة ليس بواجب ، وإنما فيها أن الوضوء نعم العمل ، وأن الغسل أفضل ، وهذا لا شك فيه ، وقد قال الله تعالى : ] ولو آمن أهل الكتاب لكان خيراً لهم [ فهل دلّ ==
  •  ==هذا اللفظ على أن الإيمان والتقوى ليس فرضاً ؟! ـ حاشا لله من هذا ، ثم لو كان في جميع هذه الأحاديث نص على أن غسل الجمعة ليس فرضاً لما كان في ذلك حجة ، لأن ذلك كان يكون موافق لما كان عليه الأمر قبل قوله عليه السلام :
  • (( غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم )) و (( على كل مسلم )) وهذا القول منه عليه السلام حكم زائد ناسخ للحالة الأولى بيقين لا شك فيه ، ولا يحل ترك الناسخ بيقين والأخذ بالمنسوخ ) .
  •  ( 1 ) : قلت : في هذا الكلام شيء من التناقض ، والبعد عن الصواب لابد من بيانه فأقول :
  • ذكر في أول البحث : " أن الله أمر بالسعي إلى ذكر الله . والخطبة هي من ذكر الله إذا لم تكن هي المرادة بالذكر " .
  • قلت : فإذا كان كذلك ، فقد ثبت الأمر بها في كتاب الله ، فأغنى ذلك عن وروده في السنة ، وثبوت الأمر بالسعي إليها يتضمن الأمر بها من باب أولى ، لأن السعي وسيلة إليها فإذا وجبت الوسيلة ، وجب المتوسل إليه بالأحرى . وهذا الدليل
  • مما استدل به المصنف نفسه على وجوب صلاة العيدين فقد صح أن النبي r أمر بالخروج إلى صلاة العيد فقال المؤلف (42) :
  • "والأمر بالخروج يستلزم الأمر بالصلاة لمن لا عذر له بفحوى الخطاب ، لأن الخروج وسيلة إليها ، ووجوب الوسيلة يستلزم وجوب المتوسل إليه " .
  • قلت : فلماذا لا يقال مثل هذا في الأمر بالسعي على ما بينا ؟ وكأن المؤلف رحمه الله تنبه لهذا المعنى الذي أوردناه في كتابه "الروضة" ، ولذلك أورد هو على نفسه سؤالاً يشعر بذلك فقال (137) : " فإن قيل إنه لما وجب السعي إليها كانت واجبة بالاولى.فيقال: ليس السعي لمجرد الخطبة بل إليها وإلى الصلاة ومعظم ما وجب السعي لأجله هو الصلاة قلا تتم هذه الأولوية".
  • قلت : وهذا مع كونه مخالفاً لما مال إليه في أول المسألة من أن الخطبة هي المرادة بذكر الله ، فإنه لا ينفي أنها مرادة به ،
  • ولو بدرجة دون درجة الصلاة ، وعليه فالأمر بالسعي إلى الذكر لا يزال شاملاً للخطبه ، وإذا كان الأمر كذلك فيرد ما ذكره أنه إذا وجب السعي إليها كانت واجبة بالأولى ، ويضعف الجواب الذي ذكره إن شاء الله تعالى .
  • على أن هناك طريقة أخرى لإثبات وجوب الخطبة ، وهي استحضار أن فعل النبي r لا سيما الذي استمر عليه إذا كان صدر بياناً لأمر قرآني أو نبوي ، فهو دليل على وجوب هذا الفعل ، وهذا النوع من الإستدلال مقرر في علم الأصول معروف عند العلماء الفحول ، ومنهم المؤلف نفسه رحمه الله تعالى . فقد استدل بهذا الدليل ذاته على وجوب مسألة أخرى تتعلق ببعض صفات الخطبة لا الخطبة نفسها ! فقال بعد أن ذكر أن النبي  r كان يعلم أصحابه في خطبته قواعد الإسلام ... إلخ ما يأتي في آخر المسألة التالية (ص57) :" وظاهر محافظته على ما ذكر في الخطبة وجوب ذلك ، لأن فعله r بيان لما أجمل في آية الجمعة ، وقد قال r : (( صلوا كما رأيتموني أصلي )) .
  • قلت : أفلا يدل هذا الدليل بعينه على وجوب الخطبة نفسها ؟ بلى ، بل هو به أولى وأحرى ، كما لا يخفى أولي النهى .
  •  ( 1 ) : قلت : المعروف أن النبي r كان يذكر اسمه الشريف في الشهادة في الخطبة ، وأما أنه كان يأتي بالصلاة عليه r فمما لا أعرفه في حديث .
  •  ( 1 ) : قلت : هذه قطعة من خطبة الحاجة التي كان r يعلمها أصحابه ، والتي تشرع بين يدي كل خطبة ، وخاصة خطبة الجمعة . ولي في خطبة الحاجة رسالة خاصة مطبوعة .
  • ( 2 ) : قلت : وإسناده صحيح ، وكذلك رواه البيهقي في "الأسماء والصفات" .
  •  ( 1 ) : قلت : ومما يؤسف له أن هذا الحديث قد أصبح اليوم نسياً منسياً ، فلا أحد من الخطباء والمدرسين والمرشدين في سوريا ومصر والحجاز وغيرها يقوله بين يدي خطبته وردسه إلا من عصم الله وقليل ما هم . فأنا اذكرهم بهذا ] فإن الذكرى تنفع المؤمنين [ وأدعوهم إلى إحياء هذه السنة كما أحيى بعضهم خطبة الحاجة التي سبق الإشارة إليها . والله الموفق .
  •  ( 2 ) : رواه أبو داود وأحمد .
  •  ( 3 ) : رواه البخاري وأحمد .
  •  ( 4 ) : قلت : تأمل هذا ، فإن فيه حجة على المؤلف في ذهابه إلى أن خطبة الجمعة من أصلها غير واجبة ، وهذا الدليل الذي ذكره هنا يدل على وجوبها وهو الحق كما سبق بيانه في التعليق على المسألة التي قبل هذه .
  •  
  • ( 1 ) : رواه مسلم وأبو داود .
  •  ( 1 ) : قلت : هذه الهيئة مما لا أعرفه في السنة ، وهي الجمع بين السلام عند الدخول والسلام بعد الصعود ، وإنما المعروف الثاني فقط ، وقد قال المؤلف في مكان آخر ( ص 24 ) : " وروي عنه r التسليم على الحاضرين قبل الشروع في الخطبة من طرق يقوي بعضها بعضاً " .
  •  ( 1 ) : متفق عليه من حديث جابر بلفظ : (( فليركع )) ، وزاد مسلم في رواية : (( وليتجوز فيهما )) .
  •  ( 2 ) رواه أحمد وأبو داود وله شواهد كثيرة يتقوى بها ، وقد جاء تفسيره في حديث آخر بلفظ : (( ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهراً )) وسنده حسن .
  •  
  •  
  •  ( 1 ) : وقد قمنا بطبعه والحمد لله ، كما طبعنا للشيخ القاسمي ـ رحمه الله ـ رسالة "المسح على الجوربين" مع اضافات لشيخنا الألباني . (الناشر) .
  •  ( 1 ) : الصفحة 97 الطبعة السادسة . وقد نفع الله بهذا الكتاب ، فطبع عندنا هذه الطبعات وطبع سرقة طبعات أكثر من هذه الطبعات . كما طلبنا من استاذنا تلخيصه في رسالة صغيرة وقد فعل وطبعناها مرات كثيرة والحمد لله .
  •  ( 2 ) : وقد روى ابن أبي شيبة في "المصنف" (1/205/1) عن صالح بن كيسان أن ابا عبيدة خرج يوم الجمعة في بعض أسفاره ولم ينتظر الجمعة . وإسناده جيد . وروى هو والإمام محمد بن الحسن في "السير الكبير" (1/50 ـ بشرحه ) والبيهقي (3/187) عن عمر أنه قال : "الجمعة لا تمنع من سفر " وسنده صحيح ، ثم روى ابن أبي شيبة نحوه عن جماعة من السلف. أما حديث "من سافر بعد الفجر يوم الجمعة دعا عليه ملكاه ..." فهو ضعيف كما بينته في "الأحاديث الضعيفة"   ==
  •  == (216، 217) ، وأما قول الشيخ البجيرمي في "الإقناع" (2/177) بأنه " قد صح " فمما لا وجه له البتة ، لا سيما وهو ليس من أهل الحديث فلا يغتر به .
  •    ( تنبيه ) : سيرى القارىء الكريم قليلاً من البدع لم يذكر بجانبها مصدرها من كتب أهل العلم ، فذلك إشارة مني إلى أنني
  • لم أقف على من نص على بدعيتها ، ولكن أصول البدع وقواعدها تقتضي بدعيتها ، وقد أذكر في التعليق بعض النصوص التي تدل على ذلك كما فعلت في هذه البدعة الأولى فليكن هذا في البال .
  •  ( 1 ) : وقال ابن تيمية في "الفتاوى" (2/39) : (وهذا منهي عنه باتفاق) .
  •  ( 1 ) : قال الباجوري (1/227) ؛ "لا يكره للإمام والرجل الصالح التخطيء ، لأنهما يتبرك بهما ، ولا يتأذى الناس بتخطيهما. والحق بعضهم بالرجل الصالح الرجل العظيم ولو في الدنيا ، لأن الناس يتسامحون بتخطيه ولا يتأذون به " !
  • ( 2 ) : قلت: والأحاديث الواردة في فضيلة الصلاة بالعمامة لا يصح منها شيءكما بينته في "الأحاديث الضعيفة"(رقم 127).
  • ( 1 ) : قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاختيارات" (ص48) : " هو مكروه أو محرم اتفاقا" .
  •     قلت : فلا يغتر باستحسان صاحب "الباعث" (ص65) لهذه البدعة فإنها زلة عالم .
  • ( 2 ) : وما قيل أن معاوية هو أول من بلغ درجات المنبر خمس عشرة مرقاة كما ذكره صاحب"التراتيب الادارية"
  • (2/440) ، فما لا يثبت ، وتصديره بـ "قيل" مما يشعر بذلك ، ومن مضار هذه البدعة أنها تقطع الصفوف . وقد تنبه لهذا بعض المسؤولين عن المساجد ، فأخذوا يتفادون ذلك بطرق محدثة كجعل الدرج بجانب الجدار ونحو ذلك ، ولو أنهم اتبعوا السنة لاستراحوا .
  •  
  •  ( 1 ) : وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاختيارات" (48) : " دعاء الإمام بعد صعوده المنبر لا أصل له " .
  • ( 1 و2 ) : انظر (ص46 و47 و48 ) من هذه الرسالة .
  •  
  •  
  •  ( 1 ) : قاله ابن حبان كما في "اللالىء المصنوعة" للسيوطي .
  •  ( 2 ) : أنظر (ص 49-50 ) من هذه الرسالة .
  •  ( 1 ) : وقد ذكر ابن الحاج في "المدخل" (2/270) نحو هذا لكنه قال : "فهذه من باب المندوب لا من باب البدعة " . وقد وهم في ذلك . فإننا لا نعلم أن أحداً كان يفعل ذلك من سلف الأمة من الصحابة والتابعين وغيرهم .
  •  ( 2 ) : نص ابن عابدين في "الحاشية" (1/769) على كراهة ذلك يعني كراهة تحريم .
  •  ( 3 ) : قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاختيارات العلمية" (48) : "ويكره للإمام رفع يديه حال الدعاء في الخطبة ، لأن النبي r إنما كان يشير بأصبعه إذا دعا " .
  • ( 1 ) : قلت : وذكر ابن عابدين في "الحاشية" (1/768) أنهم إذا فعلوا ذلك أثموا على الصحيح .
  • ( 2 ) : قلت : لأن السنة اطالة الصلاة وقصر الخطبة كما تقدم صفحة (49) فعكس ذلك كما هو عادة اكثر الخطباء اليوم لا شك في كونه بدعة . وقد جاء في "الدر المختار" (1/758 الحاشية) ما نصه : "وتكره زيادة خطبتي الجمعة على قدر سورة من طوال المفصل" .
  • ( 3 ) : قلت : وللقاسمي رحمه الله بحث مهم جداً بين فيه "خروج الجمعة عن موضوعها بكثرة تعددها" ص 51 من طبعتنا، وللسبكي رسالة في هذا المسألة بعنوان : "الاعتصام بالواحد الأحد من اقامة جمعتين في بلد" ، وقد قال فيها : "تعدد صلاة الجمعة عند عدم الحاجة منكر معروف بالضرورة في دين الإسلام" (ج / 1 ص190)  من الفتاوى له ، وقد انتهى القاسمي في بحثه إلى أنه ينبغي :  "ان يترك التجميع في كل مسجد صغير سواء كان بين البيوت أو في الشوارع وفي كل مسجد كبير أيضاً يستغنى عنه بغيره ، وأن ينضم كل أهل محلة كبرى إلى جامعها الأكبر ، ولنفرض كل محلة كبرى كقرية على حدة فيستغنى بذلك عن كثير من زوائد المساجد، ويظهر الشعار في تلك الجوامع الجامعة في ابدع حال ، فيخرج من عهدة التعدد" .
  • قلت : وهذا هو الحق الذي يفهمه كل من تفقه بالسنة وتأمل في واقع الجمعة والجماعة في عهد النبي r كما كنت نبهت ==
  •  ==عليه في الكلام هذه المسألة (ص46-48) من "أحكام الجمعة" والله الموفق .
  • ( 1 ) : قلت : وأما حديث " من لقي أخاه عند الانصراف من الجمعة فليقل : تقبل الله منا ومنكم فإنها فريضة اديتموها إلى ربكم" . فقد أورده السيوطي في "ذيل الأحاديث الموضوعة" وقال (ص111) : "فيه نهشل وهو كذاب" .
  • ( 2 ) : وللشيخ مصطفى الغلاييني رسالة نافعة في هذه المسألة اسمها : "البدعة في صلاة الظهر بعد الجمعة" نشرت في مجلة "المنار" على دفعات فانظر (7/941-948، 8/24-29) . ولعلها أفردت في رسالة مستقلة .

============

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعة أقوال يحي بن معين في رجال الحديث

ولا يمكن تحصيل تلك الفوائد والوقوف على تلـك العوائـد إلا بجمـع ت وبين الضعيف , َ تثب ْ أقوالهم وتتبعها وفحص رواتها, للتمييزبين الثقة الم ِّ ...